أصبت باضطراب وجداني بعد الإقلاع عن الحشيش، فما نصيحتكم؟

0 321

السؤال

أنا شاب أبلغ من العمر 24 سنة، بدأت قصتي قبل سنة بتعاطي جرعة زائدة من الحشيش، وكانت لأول مرة في حياتي، دخلت في غيبوبة لمدة 45 دقيقة بتأثير المخدر، وبعدما استيقظت أدركت أن كل شيء حولي قد تغير، وإحساسي بالواقع قد تغير أيضا، حيث أصبت بنشوة كبيرة، استمرت عدة أشهر حتى مع إقلاعي عن تدخين الحشيش، وأصبت بشعور العظمة، وأن الناس حولي جاهلون، وزادت شهيتي للطعام، وأصبحت كثير الكلام، وأشعر بنشوة في صدري، مع عصبية مفرطة وإجهاش بالبكاء من أي تصرف ضدي، وقلة نوم، وأصبحت أنام أربع ساعات، وأسمع أصواتا كأصوات أصحابي، وصوت أمي عندما ألقي نفسي على السرير، وذلك بعد العودة من العمل, وقد تكررت معي سماع الأصوات مرتين.

وبعد عدة أشهر حوالي أربعة أشهر دخلت في حالة اكتئاب شديد، وقلة نوم، وشعور بالخواء، وأصبحت أكثر استبصارا بنفسي، وأدركت أن التصرفات التي كنت أتصرفها ساذجة، وازداد الاكتئاب حدة، حتى أني أصبحت أشعر بضيق شديد على صدري، وفراغ في رأسي، ووخز في جسمي، وهو شعور صعب جدا، والتزمت البيت فترة، وبعد مدة تشاجرت مع معلمي في العمل، ووجه لي كلاما جارحا، وسخر مني؛ مما جعلني أنفجر بالبكاء، وفجأة أتاني شعور قاس بفراغ كبير في رأسي، وفي صدري ورجفة في معدتي، وتسارع لنبضات القلب، واستمرت هذه الأعراض لمدة شهرين مع أرق مزمن ذهب بزوال الأعراض.

قابلت طبيبا نفسيا فشخص حالتي على أنها اضطراب وجداني ثنائي القطب, وكتب لي دواء ريسبريدال2ملغ لتثبيت المزاج، ودواء لسترال 50 للاكتئاب، فزالت الأعراض، لكن بقي عندي شعور بفراغ في رأسي (مثل نمنمة الكهرباء) متقطع، يزداد عند أي مجهود, ومشاعر اكتئابية مثل الأفكار الانتحارية، لكن بدرجة خفيفة، وفقدان الشهية للطعام، والنوم لفترة طويلة تصل إلى أربع عشرة ساعة، وأصبت بالوحدة، وقلة التفاعل، وقلة الحديث، وسرعة التعب، والإجهاد بمجرد عمل أي مجهود.

هل تنصحوني بتغيير الدواء أم بزيادة عيار الدواء؟ وهل سيستمر شعوري بالاكتئاب مدى الحياة؟ وهل سيستمر شعوري بالفراغ في رأسي مدى الحياة؟ وكم سيستمر العلاج؟
وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

أخي الكريم: قطعا النوبة التي أصابتك بعد تناول الحشيش كانت هي نوبة ذهانية، وبعد أن أقلعت عن الحشيش استمرت معك الحالة، وتحولت وبشكل واضح جدا إلى ما نسميه بالقطب الانشراحي الهوسي، وهذا غالبا يكون جزءا من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية – كما ذكر لك الأخ الطبيب -والذي يظهر لي أن لديك شيئا من الاستعداد والقابلية لهذه الحالة النفسية، ويبدو أن الحشيش كان مثيرا لها، أي هو الذي أدى إلى انطلاق هذه الأعراض، وربما أصلا تكون كامنة وموجودة نسبة لاستعدادك - كما ذكرت لك – لكن بعد تناول الحشيش انكشف الأمر وظهرت الأعراض على السطح.

عموما علاج هذه الحالات ليست بالصعب أبدا، وقطعا الحشيش وما له صلة به من مؤثرات أخرى يجب أن تكون بعيدة عن حياتك؛ فالحشيش يؤدي إلى تلوث كيميائي دماغي كامل، وهو واضح جدا في حالتك، -والحمد لله تعالى- أنت أدركت سوء هذا الأمر، وأنا متأكد أنك سوف تحمي نفسك من شروره.

أيها الفاضل الكريم: نعم حالة الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية الذي تعاني منه يحتاج لعلاج دوائي، وعقار (رزبريدال Risporidal) لا بأس به، لكنه يعتبر من الدرجة الثانية، والـ (لسترال Lustral) بالفعل محسن للمزاج.

أنا قطعا أحترم رأي الطبيب الذي قام بفحصك، فهو بلا شك مقتدر، وبلا شك هو في وضع أفضل منه؛ لأنه قد قام بمناظرتك مباشرة، ووصل للتشخيص حسب المعايير التشخيصية، ومن ثم وضع لك الخطة العلاجية.

فالذي أراه هو أن تستمر على التوجيهات التي وجهها لك الأخ الطبيب، والتحسن كثيرا ما يكون متدرجا.

أعط الموضوع فرصة لمدة شهر على الأقل، وإن لم تتحسن أعتقد أنه من المهم أن تتواصل مع الطبيب، حتى يستبدل لك العلاج، ومن الأدوية التي أقترحها عقار يعرف تجاريا باسم (سوركويل Seroquel)، ويسمى علميا باسم (كواتيبين Quetiapine)، فهو مثبت للمزاج، محسن للمزاج، يمنع النوبات الاكتئابية، وكذلك الهوسية، ومن وجهة نظري سيكون دواء رائعا جدا في حالتك، لكن لا تستعجل الأمور، ودع طبيبك هو الذي يقوم بعملية التغيير إن كان هنالك حاجة لذلك.

أخي الفاضل: شعورك بالاكتئاب لن يستمر - إن شاء الله تعالى –، وعليك بالدفع النفسي الإيجابي: أن تكون متفائلا، وأن تكون لك خطط آنية ومستقبلية، وأن تجعل لحياتك معنى، وأن تمارس الرياضة، وأن تنظم وقتك، هذه كلها علاجات مهمة جدا في مثل حالتك، وذلك بجانب العلاج الدوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات