السؤال
السلام عليكم
أنا شاب سوري، عمري 22 سنة، كنت في سوريا وقد فرض علي السفر خارج البلاد من قبل أهلي بسبب الظرف في سوريا، وحدد موعد السفر بعد شهرين، مع العلم أني كنت أدرس بالجامعة، وأعمل وأعيش حياة طبيعية، المهم ظهر عندي ضيق في التنفس، وبدأ يزداد مع اقتراب موعد السفر، وأحيانا يكون حادا، وأضطر إلى فتح النافذة، وتطور الوضع إلى نوبات قلق حاد، وكانت تأتي عندما أصعد في الباص، أو أكون في جلسة اجتماعية مع الأصدقاء.
ذهبت إلى طبيب نفسي قبل أن أسافر فوصف لي السيرترالين حبة صباحا كل يوم، أخذت الدواء لمدة يومين؛ فزاد وضعي سوءا، وأحسست بالاكتئاب؛ فأوقفت الدواء وتحسنت بعد إيقافه. حان موعد السفر، وسافرت فعلا إلى تركيا، وكنت في حالة حزن ويأس طوال الطريق إلى هناك، وعادت لي أعراض ضيق التنفس بشدة لكن بدون نوبات القلق والاكتئاب، وإنما ضيق تنفس فقط وتسارع دقات القلب أحيانا.
الآن أنا في تركيا منذ 25 يوما، وقررت العودة إلى دمشق بعد 3 أشهر، وبعد أن أخذت هذا القرار خف ضيق التنفس، والحالة النفسية تحسنت، ولكن ما زلت أشعر بالضيق والقلق في معظم الأوقات، وعدم الراحة، وتسرع دقات القلب، والخوف من نوبات القلق أن تعود.
أكثر ما يزعجني الآن هو ضيق التنفس الشديد الذي يلازمني طوال اليوم، ويمنعني من النوم براحة، علما بأني لا أشعر بأية أعراض أخرى.
هل أنا بحاجة إلى أخذ الدواء؛ فأنا أكره الأدوية النفسية؟
عندما أشعر بالضيق كنت أتناول حبة ليكسوتان؛ فأرتاح قليلا، أما الآن فلم تعد تفيدني.
آسف على الإطالة، ولكن أحببت أن أصف حالتي بدقة.
بارك الله بكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الذي أصابك نسميه عدم القدرة على التوائم أو عدم القدرة على التكيف، فظروفك واضحة، ظروفك مقدرة: الخروج من الوطن، الذهاب إلى بلد آخر حتمته ظروف الحرب، ثم هنالك في تركيا واجهت وضعا مختلفا قطعا، والآن أنت تنوي العودة إلى سوريا.
أيها الفاضل الكريم: هذا قطعا أدى إلى عدم استقرار نفسي، والتوائم والتكيف في مثل هذه الحالات قد يتطلب بعض الوقت.
أريدك –أيها الفاضل الكريم– أن تتفكر وتتأمل أن ما يحدث لك حدث لكثير من الناس، والإنسان حين ينظر للأمور بجماعية ويبتعد عن شخصنتها هذا يساعدك كثيرا، وفي ذات الوقت أنت أفضل من كثير من الناس، أنا على ثقة تامة بأنك مدرك لذلك، لكن وددت أن أزيد من تنبهي لك، لأن علماء السلوك يحتمون على الإنسان حين يشعر بجماعية الأمور –أي أنه جزء من مجموعة يحدث لها شيء واحد والمعاناة مشتركة– هذا يؤدي إلى نوع من التضافر النفسي الداخلي.
وإن شاء الله تعالى المستقبل أمامك جيد، وأنت صغير في السن، ويجب ألا تخاف من المستقبل، والأيام لا تكون على وتيرة واحدة، {وتلك الأيام نداولها بين الناس} فلا تتحسر على الماضي، ولا تخف من المستقبل، وحاول أن تعيش حياتك بشيء من التأمل والتفكر والتوائم.
ضيق النفس الشديد الذي يأتيك هو ناتج من القلق النفسي؛ لأن القلق النفسي يؤدي حقيقة إلى نوع من التوتر الداخلي، والتوترات هذه تنعكس على عضلات الجسم، وأكثر العضلات تأثرا هي عضلات الصدر.
أيها الفاضل الكريم: عقار (سيرترالين Sertraline) دواء ممتاز، وأنت لديك توجه عام بعدم تفضيل الأدوية، لكن أنا أؤكد لك أن هذا الدواء آمن، دواء جيد، دواء طيب، أرجو أن تبدأ في تناوله، لكن تناوله بطريقة مختلفة تماما، تناول نصف حبة فقط ليلا لمدة عشرة أيام، ثم اجعلها حبة كاملة ليلا، ولا تتناولها نهارا، هذا الدواء يزيل المخاوف والتوترات، ويحسن المزاج، وسوف يحسن نومك أيضا.
لا أريد أن أصف لك أي دواء آخر، وعقار يعرف علميا باسم (برومازبام Bromazepam) ويسمى تجاريا أيضا (أنكسول Anxiol) هو من مجموعة الـ (بنزوديازبين Benzodiazepines) التي تحسن النوم وتزيل القلق، لكن يعاب عليها أنها قد تؤدي إلى التعود، وأنت ذكرت أن هذا الدواء الآن أصبح لا يفيدك، وهذا متوقع؛ لأنه حدث لك ما يعرف بالإطاقة أو التحمل، والدواء بنفس جرعته يصبح غير مفيد لك، وإن قمت بزيادة الجرعة هذا يعني أنك في الطريق نحو إدمانه، ولا نريد لك هذا.
إذا استعمل السيرترالين بالصورة التي ذكرتها لك، وإن شاء الله تعالى تنتفع به. في ذات الوقت إن كان هنالك بالإمكان ممارسة رياضة، هذا أيضا يفيدك. احرص على صلواتك، عليك بالإكثار من الدعاء، وكن متشبثا ومتمسكا بالحياة، لا بد أن يكون لديك الإصرار على التحسن، وإن شاء الله تعالى تسير أمورك في اتجاه إيجابي، وتتحقق لك آمالك في هذه الحياة.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.