فقدت الآمان والسعادة بسبب الوسواس القهري، هل سيحرمني دخول الجنة؟

0 276

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 22 سنة، محافظة على الفروض -ولله الحمد-، سعيدة بإيماني بالله، وكان مصدرا كبيرا في سعادتي، لدرجة أنه مهما صار لي إذا تذكرت أن الله موجود ارتاح وأتغاضى عن كل شيء، لكني ابتليت بفكرة أني إذا دعوت يأتيني وسواس يقول لي: تخيلي أنه ليس هناك أحد يسمعك، أو حدثت لي مصيبة وعزيت نفسي بالآخرة يقول لي: تخيلي أنه ليس هناك آخرة.

فقدت الآمان والسعادة، وأخاف ربي أن يزيغ قلبي، مع أني أحب ديني وأفتخر فيه، ودائما أدافع عنه بكل مكان منذ أن كنت صغيرة، أفكر أن أنقذ الذين لا يعرفون الإسلام، وأدلهم على السعادة.

مع العلم أني أحس أن سبب هذا الوسواس أني كنت أدخل تويتر وأرى الملحدين وأغضب بشدة منهم، وأتلفظ عليهم من دون مناقشتهم، وبصراحة وأستغفر الله كنت أحتقرهم بقوة.

المصيبة أن صديقتي عندها أفكار تقهرني مثل: احتقار أهل الدين، ومشاهدة المسلسلات، والمقاطع التي تستهتر بهم، وإعجابها الزائد بالأجانب والشخصيات العلمانية في السعودية، وإذا ناقشتها صارت مشكلة، وصرت أتكلم عنها عند أخواتي بعصبية، وصرت أحيانا أكرهها مع أني ما تركتها أبدا.

أخاف أن هذا الذي جاءني غضب من الله؛ لأني أحتقرهم، وأخشى أن يكون ابتلاء؛ لأني تكبرت، وأخاف أن أموت ومعي هذا الوسواس، وهل يدخل هذا في الشك الذي يحرمني دخول الجنة؟

وكيف أكفر عن ذنبي بسبب احتقارهم?

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ hifa حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يهدينا جميعا صراطه المستقيم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-: فإن هذه الوساوس التي جاءتك إنما هي من الشيطان الرجيم – لعنه الله –؛ لأن الشيطان عز عليه أن تكون فتاة صغيرة في مثل سنك بهذا الدين، وبهذه القوة في الإيمان، وبهذا الصلاح، وبهذا التقى، وعجز أن يفسد عليك هذه العبادات الرائعة الجميلة، فبدأ يستخدم معك نوعا من الحرب القذرة، وهو شن الحرب على القلب عن طريق هذه الشبهات التي يثيرها، وعن طريق هذه الوساوس التي تجعلك في غاية الحزن، والكآبة، وعدم الراحة والخوف الشديد، والقلق الدائم.

ولذلك أحب أن أقول لك: إن هذه المعركة تدل على أنك على خير وأنك إلى خير، وأن الله تبارك وتعالى يحبك؛ لأن الله تبارك وتعالى جل وعلا عندما من عليك بنعمة الطاعة والعبادة والاستقامة يعلم أن الشيطان لن يدعك في سبيلك؛ لأن الشيطان لا يجتهد إلا على أهل الصلاح والتقى والدين، ولذلك بين الله تبارك وتعالى لك العلاج.

فالعلاج أولا – بارك الله فيك – بإهمال هذه الفكرة وعدم الانتباه لها، احتقار هذه الأفكار التي يأتي بها الشيطان حتى وإن كانت قوية، ولذلك أتمنى كلما جاءتك مثل هذه الأفكار أن تبصقي على الأرض، وأن تمسحي البصقة بنعلك، وأن تقولي: (هذه أفكار حقيرة، أيها الحقير: لن أقبلها منك أبدا؛ لأني أحب الله ورسوله؛ ولأن الله معي، ولأني سأظل مسلمة حتى ألقى الله تعالى).

حاولي دائما كلما جاءتك الأفكار أن تشتتيها، ولا تستسلمي لها، أول ما تشعري بدخول الفكرة إلى ذاكرتك أو مخيلتك حاولي أن تغيريها بالنظر من الشباك، أو الكلام مع أحد، أو القراءة في كتاب، أو النظر في تلفاز، أو أي شيء، المهم لا تستسلمي للفكرة، وأكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ولا تدخلي إلى المواقع الإلحادية؛ لأنها سم زعاف؛ ولأنها مرض قاتل ومدمر؛ ولأنها شبهات قد تستقر في قلب الإنسان وهو لا يدري، وتصبح عقيدته التي قد يموت عليها عياذا بالله تعالى.

فلا تعطي فرصة – بارك الله فيك – لذلك، وحاولي ألا تدخلي لهذه المواقع، وإنما عليك بالقرآن الكريم، وعليك بالسنة النبوية، وعليك بالقراءة في كتب العقيدة السهلة المرنة، وعليك بالقراءة في سير الصالحين من صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- فنوزلا.

هذه -إن شاء الله تعالى- سوف تزيدك إيمانا، ولا تحاولي أن تنظري إلى أحد بعين النقص، وإنما دعي العباد كما أراد الله تبارك وتعالى لهم، فهو الذي خلقهم، وهو الذي يتولى أمرهم ويحفظهم ويرعاهم، ولذلك لا تشغلي بالك لا بهذه الأخت ولا بغيرها، وركزي – بارك الله فيك – في علاقتك مع الله تعالى، وأكثري من الاستغفار، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- واجعلي لك وردا من القرآن الكريم تقرئينه يوميا، وضعي لك برنامجا لتعلم العلم الشرعي.

إذا كان لا يوجد لديكم محاضرات، ولا ندوات، ولا دورات شرعية، ولا معاهد علمية، من الممكن أن تضعي لنفسك برنامجا في كتب بسيطة تقرئينها يوميا حتى تشغلي هذا الفراغ؛ لأن الشيطان يستغل هذا الفراغ؛ لإفساد علاقتك مع الله تبارك وتعالى.

اجتهدي – بارك الله فيك – في ملء هذا الفراغ بطاعة وعبادة الله عز وجل، واعلمي أن الله لا يضيع أهله، وأكثري من الدعاء أن يثبتك الله على الإسلام، وأن يتوفاك عليه، فإن هذا من أعظم الدعوات، وأن تدعي بدعاء النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك).

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات