كيف يمكنني المحافظة والثبات على الصلاة في وقتها؟

0 227

السؤال

كنت أتأخر عن صلاتي، ولكني كنت أصليها، وعندما هاجرنا إلى تركيا صرت أجمع وأقصر.

ومنذ خمسة أشهر -ونحن في تركيا منذ سنتين- لا أعرف ماذا حدث لي؟ أصبحت أترك بعض الصلوات المفروضات، وبعدها تركتها نهائيا، أصبحت لا أصلي سوى الفجر، وعندما أصلي 4 فروض أحس بشعور رائع؛ لأني تحسنت، ولكني أعود من البداية لا أعرف ماذا حدث لي؟ وفي بعض الأوقات لا أصلي أبدا.

إخواني أريد أن أستشيركم، كيف يمكنني أن أصلي الفروض على أوقاتها، مع السنن؟

مع العلم أني عندما أصلي أدعو الله أن يزيدني إيمانا، وأن يغفر لي على تقصيري في الصلاة، والبارحة صليت ركعتين توبة، ولكن للأسف بعدها لم أصلي.

أرجوكم أفيدوني، وجزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ amin حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يردكم إلى دياركم سالمين غانمين، كما نسأله تبارك وتعالى أن يعينكم على طاعته ورضاه، وأن يردكم إلى دينه مردا جميلا، وأن يجعلنا وإياك من صالح المؤمنين.

وبخصوص ما ورد برسالتك – أخي الكريم الفاضل أمين –: أحب أن أذكرك بأن الذي حدث لبلادكم كان سببه الأكبر والأهم والأعظم إنما هو معصية لله تعالى؛ لأن الناس عندما عطلوا شرع الله تبارك وتعالى، وعندما لم يلتزموا بهدي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعندما تركوا التكاليف الشرعية، وأصبحوا – والعياذ بالله تعالى – يتطاولون على رب البرية، عاقبهم الله تبارك وتعالى بهذا الدمار الذي لم تر له الدنيا مثيلا في العصور المتأخرة.

وها أنت الآن تقع في نفس الإشكالية، فأنت رجل الآن مهاجر ولاجئ، وتقيم في بلاد غير بلادك، ورغم ذلك لم تتأدب مع الله تبارك وتعالى – أخي أمين – ما الذي تريد أن يفعله الله بك أو بغيرك؟ أنت رجل في ظروف قاهرة، والله تبارك عطف عليك قلوب عباده رغم معصيتك، إلا أنك لم تستح منه، فهذا أمر عجيب حقا – أخي أمين – ويدعو إلى التفكير ألف مرة ومرة، بالله عليك هل هكذا تقابل الحسنات؟ هل هكذا يكافئ رب الأرض والسموات على إحسانه وإكرامه وتفضله؟ أننا لا نؤدي له حقه الأكبر والأبسط والذي لن يكلفك شيئا.

لو أن الله طلب منك أن تتصدق بمالك، وأن تجاهد في سبيله كجهاد الصحابة؛ لقلت قد تكون جبانا أو بخيلا أو معذورا، ولكن ما عذرك في الصلاة؟ ما الذي يمنعك – أخي الكريم – من إقامة الصلاة في أوقاتها، خاصة وأنك جالس عالة في هذه الملاجئ بلا عمل، يعني لا يوجد هناك عمل تستطيع أن تقول: إنك شغلت به، ولكنك الآن تتفنن في تضييع الوقت كحال السواد الأعظم من الناس الذين يريدون أن يقطعوا الوقت بأي وضع كان.

أخي: عد إلى رشدك وصوابك، واعلم أن الله تبارك وتعالى ما عاقب الناس إلا بسبب تعطيل شرع الله تعالى والوقوع في المعاصي، فلا تجعل نفسك عرضة مرة أخرى لعقاب أشد وأنكى من الله جل جلاله سبحانه، وإنما قابل الإحسان بالشكر والطاعة، وقابل فضل الله تبارك وتعالى عليك بالاعتراف والامتنان.

واعلم أن من أعظم عوامل الشكر وأسسه إقامة دين الله تبارك وتعالى في أرض الله، وقضية المحافظة على الصلاة هي قرارك أنت، قرار داخلي، لو أن الناس وقفوا على رأسك بالصواريخ والدبابات ما استطاعوا أن يجبروك على الصلاة الصحيحة، ولذلك عليك أن تجلس جلسة مع نفسك، وأن تقول: "إلى متى أيتها النفس الأمارة بالسوء؟ حق الله تبارك وتعالى أبسط حق، وجعله الله تبارك وتعالى أعظم حق، فلماذا أضيع هذه الفرصة؟ ولماذا ألقى الله تبارك وتعالى على معصية؟ أما كفانا هذا الشتات الذي نحن فيه، أما كفانا أننا أصبحنا لاجئين مشردين في الأرض بسبب معاصي وقعت من بعض الناس فيما مضى، أما كفانا أننا الآن نعيش على مساعدات الخلق بعد أن كنا عزة ومن أغنياء الدنيا".

إذن – أخي أمين – لا بد أن تعيد النظر في موقفك، وأن تعلم أن القرار قرارك أنت، فخذ قرارا بالمحافظة على الصلاة مهما كانت الأسباب والموانع والدوافع والدواعي، واعلم أن الله تبارك وتعالى إن آنس منك صدقا في نيتك وصدقا في توجهك؛ منحك توفيقه وتأييده، وأنت تعلم ذلك في حديث التوبة، كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما قال عن رب العزة والجلال: (ولئن أتاني يمشي أتيته هرولة).

فعد إلى الله تبارك وتعالى، وخذ قرارا بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها، وابحث عن الأسباب التي تؤدي إلى عدم قيامك، أو أدائك للصلاة، ابحث عنها واقضي عليها وانتهي منها، واعلم أنك بغير الصلاة لا شيء، وأنك بالصلاة قد تكون ممن يحبهم الله تبارك وتعالى ويحل عليه رضوانه ويجعله من أهل الجنة.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات