أخاف من التحدّث في الاجتماعات الكبيرة

0 152

السؤال

السلام عليكم

أنا موظف حكومي، وعمري 26 سنة، ومتزوج، وزوجتي حامل، وأحب الاجتماعات، وأحب التحدث والكلام.

مشكلتي: إذا كنت في اجتماع، فإني أخاف أن أتحدث، وإذا تحدثت وكان الحضور كثيرا يأتيني ارتباك، وإذا تحدثت إلى شخصين، فإن وضعي يكون طبيعيا، لكن إذا تحدثت إلى أكثر، والحضور شدوا انتباههم لي، فإني أرتبك ويحمر وجهي! وإذا تكلم شخص معي، فإني لا أقدر أن أجعل عيني في مقابل عينه، وإذا فعلت ذلك، فإني أرتبك!

سمعت أن العلاجات النفسية تؤدي إلى الإدمان، فهل هذا صحيح؟

أفيدوني، ما هو علاجي؟

وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على التواصل والثقة في إسلام ويب، وقبل أن نتحدث عن العلاج الدوائي أود أن أشرح لك ماهية الذي يحدث.

الإنسان حين يواجه موقفا اجتماعيا أيا كان جعل الله للجسد القدرة لمواجهة هذا الموقف من خلال تغيرات فسيولوجية، وأهم هذه التغيرات التي تحدث هي تنشيط الجهاز العصبي اللاإرادي؛ مما يؤدي إلى إفراز مواد كيميائية أهمها (الأدرينالين adrenaline)، أو تسمى أيضا (إبينيفرين Epinephrine)، وهذه تحفز القلب من خلال زيادة ضخ الدم ليزداد كمية الأكسجين الذي يذهب إلى الأعضاء الجسدية، ونسبة لوجود شعيرات دموية سطحية كثيرة في الوجه؛ هنا قد يظهر الاحمرار؛ لأن ضخ الدم يكون كبيرا، وهذا أمر معروف، وهو عملية فسيولوجية وليس أكثر من ذلك.

هذا هو الذي يحدث –أيها الأخ الكريم–، فالجسم يحاول أن يحمي نفسه بنفسه، وكما قال العالم الإسلامي العربي أبو زيد البصري: "هذه الأبدان لها مزاج، ومن حكمة الله –تعالى- أنها تحمي نفسها بنفسها".

أخي الكريم: كما يقول علماء السلوك: "إذا واجه الإنسان الأسد، فلا بد أن يقاتله أو يهرب، وكلاهما يطلب زيادة إفراز مادة (الأدرينالين)؛ ليحفز الجسد نفسه".

قطعا أنت هنا لست في مواجهة الأسود، لكن الذي يظهر لي أن هناك رواسب ما جعلتك تخاف في هذه المواقف الاجتماعية، وهذا ليس جبنا، أو ضعفا في شخصيتك، أو قلة في إيمانك، هي عملية نفسية غالبا تكون مكتسبة كما ذكرت لك، وإن شاء الله –تعالى- تزول تماما.

هذا الشرح –أخي الكريم– مهم جدا؛ لأنه سوف يجعلك تدرك طبيعة ما يحدث، وهذا جزء من العلاج.

أخي الكريم: أنا أؤكد لك أن ما تشعر به من تغيرات في هذه المواقف الاجتماعية، والذي يتجسد في الشعور بالارتباك، واحمرار الوجه، وربما شيء من التلعثم أو الرجفة، هذا كله ينضوي تحت التجربة النفسية الذاتية الخاصة، لا أحد يطلع عليها، صدقني –أخي الكريم–، حتى الذي تحس به من احمرار في الوجه –حتى وإن كان موجودا–، فهو بسيط جدا، ولا يشعر به الطرف الآخر، وإن شعر به، فإنه لا يعيره اهتماما؛ لأنه قطعا يكون في بداية المواجهات، ثم بعد ذلك يزول. هذه حقيقة مهمة جدا.

الخطوة الثانية: هي أن تكثر من هذه المواجهات وهذه اللقاءات، احرص على نمط اجتماعي معين، هنالك وسائل وأنشطة اجتماعية متوفرة لدينا وبين أيدينا، وتجعل حياتنا أكثر مهارية، مثلا: ممارسة رياضية جماعية مع بعض الأصدقاء، الحرص على صلاة الجماعة في المسجد، زيارة المرضى في المستشفيات، المشي في الجنائز، حضور المناسبات والأفراح والأعراس والأتراح، الذهاب مع الأسرة إلى السوق مثلا مرة كل أسبوع؛ هذه كلها أمور وأنشطة، هي جزء من حياتنا، وهي طيبة وفاعلة، وهي جزء من العلاج الذي تحتاجه -أخي الكريم-.

أيضا أريدك أن تتدرب على تمارين الاسترخاء، فهي فاعلة جدا، وإسلام ويب أعدت استشارة تحت رقم: (2136015)، أرجو أن ترجع إليها، وسوف تجد فيها فائدة كبيرة جدا.

أخي الكريم: إن استطعت أن تذهب إلى طبيب نفسي وتشرح له الأمر، فهذا جيد، وسوف يعطيك المزيد من الإرشاد السلوكي، وفي ذات الوقت يصف لك دواء بسيطا، أنت تحتاج لدواء مثل (الإندرال Inderal)، ويعرف علميا باسم (بروبرانلول Propranlol)، بجرعة عشرة مليجراما يوميا لمدة شهرين مثلا، يضاف إليه عقار مضاد لقلق المخاوف الاجتماعية، ومن أفضلها عقار يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat)، والذي يعرف (بـزيروكسات CR)، ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، وأنت تحتاج له بجرعة صغيرة جدا، وهي 12.5 مليجراما يوميا لمدة شهرين، ثم 12.5 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم 12.5 مليجراما كل ثلاثة أيام لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات