بعد استخدام أدوية الوسواس والاكتئاب، أُصِبت بسرعة الغضب والنسيان وضعف التركيز

0 211

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، عمري 30 سنة، في عام 2008 بدأت العلاج النفسي، حيث كنت مصابا بالوسواس القهري، وتعاطيت الكثير من الأدوية، كان أبرزها (فافرين) و(بروزاك) و(بروكستين)، والكثير من الأدوية الأخرى التي جربتها؛ لأن الطبيب كان يغير لي الأدوية إذا لم تؤثر على الوسواس.

واستمرت فترة العلاج 3 سنين، وبعدها توقفت عن العلاج من تلقاء نفسي تدريجيا؛ لعدم استطاعتي تحمل الآثار الجانبية للأدوية، حيث أثرت على حياتي الخاصة والمهنية بشكل كبير، فقد كنت أعاني من كسل، وهم مستمر، ونوم لفترات طويلة جدا، ورعشة مزمنة، وإمساك مزمن، وضعف في التركيز والذاكرة، وكثرة النسيان.

خلال 3 سنوات أصبت بنوبتي اكتئاب شديدتين، حتى أني كنت أنام على السرير، ولساعات وأنا أنظر إلى السقف! ولا أدري ماذا أريد؟ ولا أعرف ما هدفي في الحياة؟! حتى أني كنت أتمنى أن أموت لكي أرتاح، ولم أعد أشعر بأي بهجة في الدنيا.

علما بأنه في النوبة الأولى وصف لي الطبيب دواء (روميرون)، وكان جيدا، لكنه تسبب في زيادة وزني بشكل كبير، وفي النوبة الثانية وصف لي (انفرانيل)، وسبب لي الكثير من المشاكل، وإن كان قد عالج الاكتئاب.

بعد تعاطي (الانفرانيل) ظهرت مشاكل في حياتي وفي عملي، أبرزها أني أصبحت عصبيا بشكل غريب، ويمكن أن يثار غضبي بسرعة جدا، حتى أني تضايقت من هذا، و لم أدر ما السبب؟ وأرجعته إلى عملي؛ لأني كنت أعمل في مجال خدمة العملاء، وهو عمل مليء بالمشاكل والاضطرابات، ومتعب للأعصاب.

قرأت منذ فترة قريبة أنه من الممكن ظهور آثار جانبية (للأنفرانيل)، مثل: سرعة الغضب إذا تم تعاطيه مع (الفافرين) أو أدوية أخرى، فهل من الممكن أن يكون هذا هو السبب؟

علما بأنه مر علي أكثر من 4 سنوات منذ توقفت عن هذه الأدوية، وأبرز ما أعاني منه الآن أني سريع الغضب جدا، وكثير النسيان بشكل مبالغ فيه، وضعيف التركيز.

قبل بدء العلاج كنت أعاني من ضعف التركيز والنسيان، وكان هذا طبيعيا لمريض الوسواس القهري، لكن لم يكن الأمر مثل ما أنا عليه الآن؛ فمشكلة ضعف التركيز والنسيان زادت بعد العلاج بالأدوية بشكل كبير، كما زاد ظهور مشكلة الغضب السريع، حتى أن رؤسائي في العمل اشتكوا كثيرا من هذه الأمور، ولفتوا نظري أكثر من مرة لهذا، واشتهر عني في عملي أني ضعيف التركيز فيما يقولونه، حتى أني قضيت 5 سنين كاملة في نفس وظيفة خدمة العملاء حتى استطعت أن أنتقل إلى وظيفة أخرى.

وأخشى أن أمضي 5 سنين أخرى في وظيفتي الحالية! في حين أن كل زملائي في العمل انتقلوا إلى وظائف ومناصب أخرى أفضل، وأنا متأخر عنهم، وحتى في حياتي الشخصية مع أهلي، فإنهم يشكون من كثرة نسياني للأمور، حتى أني كنت أسأل أمي عن نفس الشيء أكثر من مرة بسبب النسيان!

هل هناك حل لما أنا عليه الآن؟ وكيف أتأكد أن دماغي طبيعي، وأن الأدوية لم تترك أثرا في رأسي؟ وهل هناك أشعة أو تحاليل أقوم بها يمكن أن تكشف هذه المشكلة؟ وهل هناك علاج لآثار الأدوية؟ وهل أذهب لطبيب مخ وأعصاب يمكنه أن يساعدني في هذا؟

أرجوكم ألا تقولوا أني أبالغ في النظر إلى الأمر، وأني طبيعي؛ لأن حياتي تغيرت للأسوأ بعد فترة العلاج.

جزاكم الله خيرا على مجهوداتكم لخدمة المسلمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك رسالتك هذه، رسالة طيبة وواضحة، ونحن لا يمكن أن نتهمك –أخي الكريم– بأنك تبالغ في النظر إلى الأمور، فأنت تعبر عن أحاسيسك، تعبر عن مشاعرك، تعبر عن وجدانك، وهذا أمر يجب أن يقدره المختص.

والذي أستطيع أن أقوله: إن رحلتك مع العلاج الدوائي طويلة، وأعراضك في مجملها تطابق إلى حد كبير القلق الاكتئابي أكثر مما هو اكتئاب مطلق، والآن كل الذي تعاني منه ينحصر في مشاكل: التركيز وضعفه، وسرعة الغضب والاستثارة، وعدم الارتياح النفسي بصفة عامة.

أنا لا أعتقد أبدا أن الأدوية قد أضرت بك، هذا ليس دفاعا عن الأدوية أو الأطباء الذين كتبوها، ولكن الأدوية يعرف عنها أنها لا تؤدي إلى النسيان، لا تؤدي إلى اضطراب التركيز، وكل الأدوية التي وصفت لك ليست من الأدوية التي تؤدي إلى سرعة الغضب.

الأدوية التي تؤدي إلى سرعة الغضب هي مجموعة (بنزوديازبين Benzodiazepines): (فاليم Valuim)، اللوكستونيل، (زانكس Xanax)، هذه الأدوية بالرغم من أنها مهدئة وملطفة للمزاج، لكن هذا يكون بصورة وقتية، أما أثرها التجمعي السلبي، فهو سرعة الغضب والانفعالية؛ لذا دائما ننصح الناس أن يبتعدوا عنها.

أخي الكريم: هذه الأعراض التي تعاني منها الآن ربما تكون -في الغالب- جزءا من البناء النفسي لشخصيتك، وسرعة الغضب على وجه الخصوص قد يكون جزءا من الشخصية، هذا نلاحظه كثيرا، ويزيده القلق والتوتر.

هنالك علاجات بسيطة جدا لهذا الموضوع، أولها: ممارسة الرياضة، ويجب أن يكون هنالك التزام شخصي منك حيال نفسك في أن تعالج نفسك من خلال ممارسة الرياضة؛ لأن الرياضة اتضح الآن –وبما لا يدع مجالا للشك– أنها تؤدي إلى توازان إيجابي جدا فيما يتعلق بما يعرف بالموصلات العصبية، وهي مواد خاصة جدا تفرز دماغيا، وهي التي تلعب الدور الأساسي في مزاجنا وتركيزنا ومقدراتنا المعرفية. فاجعل الرياضة أساسا في حياتك.

الأمر الآخر هو: أن تعبر عن ذاتك، لا تكتم –أخي الكريم–، لا تحتقن، الغضب أحد أسبابه الرئيسية، هي سرعة الاحتقان؛ لأن الإنسان يكون كتوما، عبر عن نفسك في حدود الذوق وما هو مقبول أولا بأول، واجعل لنفسك محابس إيجابية تؤدي إلى التفريغ النفسي الصحيح.

أخي الكريم: الأخوة الطيبة والزمالة الصادقة دائما فيها خير كثير للإنسان كمتنفس.

النوم الليلي المبكر أيضا يؤدي إلى نوع من الهدوء النفسي، السكينة الذاتية، وحين يستيقظ الإنسان مبكرا، ويصلي الفجر، فهذا يحسن التركيز، وتلاوة القرآن قطعا هي من أفضل محسنات التركيز.

هذ هو الذي أنصحك به –أخي الكريم–، وللإجابة على أسئلتك تحديدا أقول لك: لا يوجد، بل أنت لا تحتاج لأي فحص دماغي ليوضح ما تركته الأدوية عليك من أثر؛ لأنه فعلا لا يوجد أثر -أيها الفاضل الكريم-.

بالنسبة للذهاب إلى طبيب مخ وأعصاب، لا أعتقد أن ذلك مهما في حالتك، لكن أنا أفضل أن تتابع مع طبيب نفسي تثق به، وأوضح له وجهة نظرك حول الأدوية؛ حتى يركز أكثر على العلاجات السلوكية والعلاجات المشابهة لها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكرك جدا على رسالتك الطيبة هذه وثقتك في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات