معاناتي من وساوس قهرية متنوعة، أثّرتْ على تفكيري وعلاقتي الأسرية والمهنية، ما المخرج؟!

0 234

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خيرا على مساعدتكم لنا وللناس المحتاجة للمساعدة، وجعل الله ما تقدمونه في ميزان حسناتكم.

مشكلتي غريبة، حيث أمر بحالات مختلفة من وساوس ونوبات اكتئابية، مع للعلم أن الاكتئاب جاء قبل الوسواس، وجلب معه الوسواس، والآن صارت العلاقة عكسية، حيث إن الوسواس يجلب الاكتئاب في بعض المرات!

وساوسي تعددت؛ من سب الذات الإلهية، وهذه –الحمد الله- اختفت، وبعده حصلت لي وساوس كثيرة، كل وسواس يستمر يوم أو يومين ويختفي، إلى أن جاء الوسواس الذي أقلقني وأرهقني وأتعبني، وهو الوسواس الحسي الجسدي، ويشمل التركيز على الرمش أو بلع الريق والتنفس.

طبعا الذي أرهقني جدا، هو التنفس، حاولت بكل الطرق أن أتخلص منه؛ وذلك بالخروج من البيت لساعات طويلة ولأيام متتالية، حيث يختفي وقت الانشغال، ولكنه يأتيني، وتكون الفكرة ضعيفة وتختفي، ولكنها تجلب معها الكثير من القلق، وعندما أرجع للبيت تعود الفكرة وتلصق بالذهن، وما تختفي إلا بعد ما يأتي وسواس آخر يحتل المكان، فمثلا جاءني في أحد الأيام وسواس بأن هناك أغاني تشتغل في عقلي، ولست قادرا أن أوقفها، ولكني تجاهلتها، وبدأ الوسواس يخف تدريجيا، فجاء مكانه وسواس التنفس، ووسواس التنفس يكون بشكل فكرة قهرية تجعلني أركز على تنفسي، بحيث يكون إراديا!

كما أن عندي وساوس أخرى، وهي فقط بحاجة للتربة والبيئة لتنمو، وأنا لا أعطيها مجالا، فهناك وسواس العقيدة والشك بوجود الله، ووساوس أخرى تتعلق بالآخرة، وكان أشد الوساوس التي آلمتني نفسيا، هو وسواس العقيدة؛ فكل شيء يمكن التضحية به إلا الدين، وأيضا صار عندي خوف من الإصابة بالوساوس الأخرى، مثل: الموت، إذ صرت أفكر فيه!

أحاول أن التجئ للأدوية، ولكن مشكلة أخرى تعرقلني منذ كنت صغيرا، وهي أني لا أبلع الحبوب، كما أن الأدوية النفسية دائما صاحبها ينتكس، وأخاف أنها لا تفيدني فيما يتعلق بفكرة التنفس خاصة، فهل ستجعلني أنس الفكرة؟!

أكبر غلط ارتكبته يوم اطلعت على حالات مثلي، وكان هناك واحد مثلي، واستمرت المشكلة معه خمس سنوات، وبعدها خفت أن تطول حالتي! وفي نفس الوقت لقيت ناسا يقولون: إن هناك نوعا من الوسواس ضعيف يختفي مع الزمن، واطمأننت قليلا، وفعلا وجدت أغلبهم يذهب منهم الوسواس بسرعة، وبعدها قاطعت الاطلاع على أعراض لأناس مثلي.

بشكل عام أحس أني افتقدت نفسي وعقلي، فمنذ ثلاثة أشهر أحس أني لا أملك عقلي! وجاهدت وبشكل كبير بالعلاج السلوكي، وأفادني، ولكن بشكل بسيط.

أحس أن عقلي بنفسه يفكر بالوسواس والأفكار السلبية، وفعلا إنه لمن المحزن تضييع وقتك بأشياء مثل هذه، والآخرون يفكرون كيف يبنون مستقبلهم، وكيف يتوظفون، وأين يدرسون؟ ولكن الحمد الله على كل حال، هذا هو المكتوب، وأسأل الله أن يعوضني، وأن ترجع نفسي القديمة المتفائلة.

كل هذا بدأ معي منذ ثلاثة أشهر، وإلى الآن لا أعرف ما هي الطريقة للخروج من هذه الدوامة؟!

عند الانتهاء من الأكل، وخاصة الوجبات السريعة أو الأكل الثقيل؛ يزداد التوتر والتفكير بالأفكار السلبية، وهذا الشيء موجود منذ كنت صغيرا، كنت أعاني من بطني، والتي كانت حساسة.

قبل فترة فحصت الجرثومة في الدم، فظهر أنها موجودة، وطلبوا تحليل البراز للتأكد.

هل ممكن أن تكون التهابات المعدة والجرثومة سببا للوساوس والاكتئاب؟ علما أن الأعراض الموجودة حاليا كلها جاءتني بشكل متتال.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مروان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الوساوس القهرية من الأمراض الجريئة جدا والذكية حقيقة، وأقصد بذلك أنها تتحين الفرصة لتهجم على صاحبها، ومن أسوأ ما يقوي الوساوس ويثبتها ويجعلها تحاصر الإنسان هو: حين يبدأ الإنسان في مناقشة هذه الوساوس، وفي حوارها، ومحاولة تحليلها، وأن يخضعها بمنظور المنطق، وهذا أمر طبيعي، حين تأتيك فكرة لا بد أن تناقشها مع نفسك، وبكل أسف هذا أمر يقع فيه الإنسان تلقائيا.

لذا أنا حريص جدا –كمعالج- أن أنبه الأخوة والأخوات الأفاضل من أمثالك –أيها الابن العزيز– أن أفضل وسيلة لعلاج الوساوس، هي الإغلاق عليها من خلال: تحقيرها، وعدم مناقشتها، وحين تأتيك هذه الفكرة –أي الفكرة الوسواسية أيا كان نوعها– تخاطب الفكرة مباشرة، تقول لها: (أنت فكرة وسواسية حقيرة، لن أناقشك، لن آخذ بك، أنت تحت قدمي)، وهكذا.

لذا وجد الكثير من المختصين أن إدخال فكرة مضادة، وشعور مضاد للوساوس أيضا يفيد، بشرط أن يكون مقززا ومؤلما للنفس، مثلا: حين تأتيك الفكرة الوسواسية إذا قمت بالضرب على يدك بقوة وشدة، اضرب على جسم صلب حتى تحس بالألم، سوف تلاحظ أن تفكيرك قد انصرف من الفكرة الوسواسية، وبتكرار مثل هذه الحيل السلوكية البسيطة تجد أنه قد وصلت إلى ما يسمى بفك الارتباط الشرطي، يعني أن الفكرة بدأت تتلاشى أو تضعف.

أيها الفاضل الكريم، هذه بعض الحيل والوسائل العلاجية، المهم في الأمر ألا تناقش الوسواس، ولا تحلله، ولا تحاوره؛ لأنك إذا قمت بذلك سوف تدعمه دون أن تشعر، ويستشري، ويأتيك من هذا الباب ومن ذاك الباب، وهكذا، وتصبح في ما نسميه بالاسترسال الوسواسي، حيث تتغير المحتويات، وهذا أمر محزن للنفس، فأغلق –بارك الله فيك- على الوسواس من هذه الزاوية.

الوسواس ليس له علاقة باضطرابات المعدة، أبدا ليس له علاقة بذلك، ربما يكون هنالك قلق، والقلق هو الذي قد يؤدي إلى -لا أقول الإصابة بجرثومة المعدة-، ولكن إلى شيء من اضطرابات في الجهاز الهضمي.

أنا أريدك –أيها الفاضل الكريم– أن تذهب مباشرة الآن إلى الطبيب النفسي، أنت تحتاج لبعض الجلسات البسيطة، وأن يوصف لك دواء فعال مضاد للوساوس، هذا مهم جدا، وضروري جدا، ونحن أجبنا على استشارتك السابقة، وأريد أن أحتم الآن على أهمية الذهاب إلى الطبيب، وأنا أعرف تماما أنك سوف تشفى تماما من هذا الوسواس.

نصيحة مهمة جدا –أيها الابن الكريم-: لا تجعل للوساوس سبيلا إليك لتعطل حياتك، لا، أنت في هذا العمر النضر، الطاقات متوفرة، الأفكار متوفرة، توجهك نحو الحياة يجب أن يكون إيجابيا، يجب أن تستفيد من وقتك، تأمل نفسك بعد خمسة أو ستة سنوات من الآن، من المفترض أن تكون قد أكملت تعليمك، وتزوجت، ودخلت سوق العمل، وهكذا. لا بد أن تعيش الحياة بكل قوة، وهذا في حد ذاته يصرف كيد الوساوس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات