الوسواس القهري في الوضوء والصلاة وغيرهما؛ أثّر على ديني ودنياي!

0 178

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله
أشكركم على ما تقدمونه من جهود لإعانة المسلمين، كما أحبكم في الله، وأسأل الله لي ولكم وللمؤمنين الجنة.

أنا أعاني من الوسواس القهري منذ حوالي 3 سنين -الحمد لله-، إنه ابتلاء، وهو ابتلاء عظيم، ومع ذلك يبقى الأمل بالله كبيرا، وما أبحث عنه هو علاج نهائي لهذا المرض -بإذن الله-، فقد فاتتني بالأمس صلاة الجمعة؛ بسبب هذا الأمر، وبكيت بكاء شديدا، فأنا أريد دخول الجنة، وأريد أن أكون قريبا من الله.

الوسواس الذي أعاني منه، هو وسواس في الوضوء والصلاة، حيث يصيبني خوف وتوتر رهيب حينما أحاول الوضوء، ولا أستطيع أن أتوضأ! وأملي بالله كبير.

كما أعاني من التهابات في الأمعاء والمعدة والاثني عشر، وبالنسبة لمعدتي فقد بشرت -بفضل الله- بأنها بدأت تتحسن، كما أشعر بصعوبة في الإخراج، وأجلس في الحمام 30 دقيقة قبل كل صلاة، مع العلم أن هذا الأمر يضايقني في بعض الأحيان.

أعاني أيضا من وسواس البول، وكثرة خروج الريح، وأنا راض بما كتبه الله لي، وأتمنى أن أعيش حياة سعيدة قريبا من الله، وأن أستشعر بلذة الصلاة والوضوء.

لا تنسونا من صالح دعائكم، وبارك الله فيكم، ونفع بكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ التائب لله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

حالتك واضحة جدا، وهي أنك بالفعل تعاني من وساوس قهرية، وساوس الأفكار ووساوس الأفعال. وأنت ذكرت أنك تبحث عن علاج نهائي لهذا المرض -بإذن الله-، وأنا أقول لك: إن الوساوس يمكن أن تعالج، لكن من طبيعة الوسواس أنه قد يذهب ويأتي، إلا إذا طبق الإنسان الضوابط الشرعية والسلوكية الصحيحة لمقاومة هذا المرض، في هذه الحالة سوف يستمر التعافي -بإذن الله تعالى-.

إذا أيها الفاضل الكريم، الأمر بيدك أنت، وأول خطوات العلاج، هو ألا تحس بالذنب أو التقصير، ألا يأتيك اعتقاد بأن هذا الوسواس هو دليل على نقص إيمانك أو هشاشة شخصيتك، لا، فقد أصاب الوسواس أفضل القرون، فهو إذا نوع من الابتلاء المرضي الذي يمكن أن يكون بسيطا جدا لمن يقاومه ويحقره ولا يتبعه، وتكون له الإرادة التامة بأن يصرف انتباهه عنه.

أيها الفاضل الكريم، هنالك ما يعرف بالتطبع الوسواسي، أو الوسواس القهري مع افتقاد الاستبصار، هذه المرحلة لا نريدك أن تصل إليها، وهي المرحلة التي يتعايش فيها الإنسان مع الوسواس، يقبله كجزء من حياته ويعتبره ابتلاء لا مناص ولا هروب منه. هذا الكلام ليس صحيحا، يجب أن يكون لديك الإصرار والعزيمة للقضاء على الوسواس، وتفكيرك إذا كان على هذا النسق المعرفي الصحيح، سوف تتعالج تماما، وأول خطوات العلاج الحقيقية هي:

أن تحقر الوسواس، ألا تلتفت إلى الوسواس، ألا تناقش الوسواس، ألا تحاور الوسواس، ألا تذهب وتتجول بين العلماء والمشايخ والأطباء باحثا عن تبريرات للوسواس أو تفسيرا له، هو مرض قد يكون فيه جزء خناسي من باب قوله تعالى: {من شر الوسواس الخناس}، وهذه الوساوس تكون في الإغواء والشهوات، وهذه علاجها هي الاستعاذة بالله –تعالى- من الشيطان الرجيم، وأن تكون هذه الاستعاذة بقناعة وجدية.

لكن نحن نعتقد أن الوسواس الخناس أيضا قد يؤدي إلى قذفات دماغية تؤدي إلى تغيير في كيمياء الدماغ؛ مما يجعل الوسواس أيضا وسواسا طبيا. إذا العلاج الطبي لا بد منه.

الوضع الأمثل هو أن تذهب وتقابل طبيبا نفسيا إذا كان ذلك ممكنا؛ لأن المتابعة هي من مفاتيح نجاح العلاج. أما إذا لم يكن ذلك ممكنا، فيجب أن تكون صارما مع نفسك.

أولا: بالنسبة للوضوء: يجب أن تحدد كمية الماء، توضأ بأقل قدر من الماء، لا تستعمل ماء الصنبور أو الحنفية، ضع الماء في إبريق، وتذكر أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد نهانا عن الإسراف حتى وإن كان أحدنا على نهر جار.

إن توضأت من إبريق بكمية قليلة من الماء لمدة أسبوعين، فسوف تذهب وساوس الوضوء. والصلاة: ابن على اليقين –أيها الفاضل الكريم–، وسوف يفيدك الشيخ أحمد الفودعي بالجوانب الشرعية.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، الأدوية مهمة جدا؛ لأننا نعتقد أن الجانب الكيميائي البيولوجي متوفر في الوساوس، هنالك أدوية كثيرة منها: عقار يعرف تجاريا باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، من أفضل العلاجات، إن ذهبت إلى الطبيب النفسي سوف يصفه لك، وإن لم تستطع، فابدأ في تناول هذا الدواء بجرعة كبسولة واحدة يوميا لمدة أسبوعين، ثم اجعلها كبسولتين في اليوم، استمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أيها الفاضل الكريم، لا بد أن أشير أن الدواء يعتبر ممهدا حقيقيا للتطبيقات السلوكية، أي أن الدواء لوحده لا يزيل الوساوس، لكنه قطعا عامل علاجي كبير، فاحرص على التطبيقات السلوكية، وتناول الدواء بانتظام.

نسأل الله –تعالى- أن يشفيك ويعافيك، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهت إجابة الدكتور/ محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
تليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مرحبا بك –أيها الأخ الحبيب– في استشارات إسلام ويب، نسأل الله –تعالى- لك العافية، وأن يعجل لك بالشفاء.

نحن ندرك –أيها الحبيب– مدى المعاناة التي تعيشها بسبب الوساوس، فإنها شر عظيم؛ ولهذا نحن نؤكد ونجدد نصيحتنا لك بأن تجاهد نفسك للإعراض عن هذه الوسوسة وعدم الالتفات إليها، فهذا هو دواؤها الأمثل، وليس لها دواء مثله، وقد جربه الموفقون من قبلك، وسطر العلماء تجاربهم، فنفعهم الله -تعالى- بهذا الدواء، وتخلصوا من هذه الوساوس.

الإعراض يعني ألا تلتفت إليها، ولا تشتغل بها، لا تعبأ بها، ولا تبحث لها عن أحكام، واصبر على هذا الطريق، فإذا فعلت ذلك، فإنك ستشفى -بإذن الله-. ومما يعينك على الصبر على ذلك أن تكون على يقين تام بأن الله –تعالى- لا يحب من الموسوس الاعتناء والاهتمام بالوسوسة ولو حاول الشيطان أن يقنعه بأن ذلك من الاحتياط في الدين والاهتمام به، وغير ذلك.

فالله -عز وجل- جعل دينه سهلا ميسرا، ورفع عن الناس الحرج، ولم يجعل سبحانه وتعالى دينه سببا للمشقة والضيق، بل قال الله -سبحانه وتعالى-: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج، ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم}.

فإذا علمت هذا وعلمت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بالإعراض عن الوساوس وعدم الالتفات إليها، فإن هذا سيسهل عليك هذا الإعراض، إذا فعلته فأنت ممتثل لأمر الله ورسوله وفاعل لما يحبانه، فالله –تعالى- يحب منك أن تتجنب سبيل الشيطان، كما قال سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.

لا يحب الله –تعالى- منك هذا الاحتياط الذي تمليه عليك الوساوس والتنطع الذي تجرك إليه، بل حذر النبي -صلى الله عليه وسلم- من ذلك أبلغ تحذير فقال: (هلك المتنطعون، هلك المتنطعون، هلك المتنطعون).

لذلك نقول –أيها الحبيب-: إذا جاء وقت الوضوء، فتوضأ بشكل طبيعي كما يفعل الناس الآخرون، صب الماء على أعضاء وضوئك، ومهما وسوس الشيطان بعد ذلك بأنك لم تغسل العضو كما ينبغي، أو أنك قصرت، فلا تلتفت إلى شيء من هذه الوسوسة، واعلم بأن فعلك هذا يرضاه الله -سبحانه وتعالى- ويقبله منك، وأنه لا يريد منك سواه.

عند قضائك للحاجة، إذا فرغت من قضاء حاجتك، استنج بالطريقة العادية وانصرف، ولا تعبأ إلى ما سيوسوس لك الشيطان بعد ذلك من أنك في حاجة إلى إخراج شيء، أو أنك لم تستنج بالطريقة الصحيحة، أو غير ذلك مما يعرض لك من الوساوس، فإذا فعلت هذا، فإن الله –تعالى- سيذهب عنك هذه الوساوس، وستتخلص منها -بإذن الله-.

نسأل الله –تعالى- أن يعجل لك بالعافية والشفاء.

مواد ذات صلة

الاستشارات