أعاني من نوبات قلق مؤلمة وأفقد معها طعم الحياة، فما توجيهكم لي؟

0 214

السؤال

السلام عليكم

عانيت من حالة قلق نفسي عندما كنت في السنة الثانية في الجامعة، حيث لم أكن محجبة، وكانت جامعتي في منطقة صحراوية، وأهلها معروفون بالجهل والتخلف، فتفوقت في تخصصي، وتخرجت، وانتهت نوبات القلق تماما من عندي.

حصلت على عمل، وأصبحت إنسانة متفائلة وإيجابية، وتزوجت وأنجبت ابني، وكانت كل أموري جيدة تقريبا، بقيت على هذا الحال لمدة 9 سنوات، بعد ذلك أصيبت والدتي بالسرطان، فقلقت، وفكرت، وخفت، ﻷجد نفسي قد دخلت مرة أخرى بنفس الدوامة، وكانت هذه المرة شديدة لدرجة أنني كنت طول الوقت أفكر كيف أن الأشخاص يتحركون دون خوف من هذا المرض؟ فقد استحوذت تلك الفكرة على تفكيري، وقررت الذهاب إلى طبيب نفسي، وصف لي عقارا اسمه (zelax)، وعانيت مع هذا الدواء إلى أن أخذ مفعوله، وتناولته لمدة 5 أشهر، ثم حملت، فكانت تأتيني نوبات قلق أثناء حملي، وبشكل مفاجئ، ففي يوم ولادتي لابنتي تفاجأت أنني أنجبت طفلة مريضة بمرض نادر عالميا، عانيت معها، وخدمتها، وبذلت ما بوسعي معها دون تقصير، إلى أن رحمها الله بعد 8 أشهر.

انصقلت شخصيتي بعد تجربتي معها، وأصبحت أقوى، ورجع تفاؤلي وتطلعي للحياة، ليعاود المرض إلى جسد أمي، وترجع معاناتي مع نوبات القلق والوساوس مرة أخرى.

ومنذ أن مرضت أمي وأنا أقاوم، وأصلي وأقرأ القرآن، وأواظب على ذكر الله وأستغفر، علما بأنني تحجبت الآن، وأشعر أحيانا أنني أضعف مع الأيام، وأنني كنت أقوى من الآن، أشعر بشد في جسمي وأعصابي، وأشعر بخوف وقلق يراودني، وأشعر بحزن على والدتي، وبدأت أفكر بالسرطان كما كنت قبل، لا أدري ماذا أفعل؟ لماذا لا أستطيع التفكير والقلق والحزن مثل أي شخص يمر بظرف مثل ظرفي؟

أتمنى منكم أن تشيروا علي ماذا أفعل، وهل ستهدأ أموري؟ أم سأبقى على هذه النوبات؟ لأن هذه النوبات مؤلمة، ولا تجعل للحياة طعما، وتسبب لي الكآبة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ dalia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك التواصل مع إسلام ويب، ونسأل الله لوالدتك الشفاء والعافية.

أيتها -الفاضلة الكريمة-: من وجهة نظري تفاعلاتك هذه تفاعلات إنسانية وجدانية ولا شك في ذلك، وكل إنسان في موقفك يجب أن يتفاعل على نفس النمط الذي تتفاعلين.

وأنا أقول لك أن شعورك بالمسؤولية حيال والدتك هو الذي جعلك تعيشين حالة القلق والمخاوف الشديدة التي تعانين منها الآن، وأعتقد أي موقف خلاف ذلك -أي التفكير المستمر والحزن على والدتك-، أي أن التفكير غير هذا أعتقد أنه سوف يشعرك بالذنب، فما تقومين به من وجهة نظري هو الواجب، وهو الصحيح، نعم أنا لا أريد أن يكون حزنك مفرطا أو مطبقا، لأن هذا سوف يعطلك حتى لمساعدة والدتك، وذلك بجانب أنه مقلق لك أيضا.

وأقول لك: تجربتك السابقة مع الابنة -رحمها الله-، ونسأل الله أن يجعلها فرطا لكم، فقد كانت تجربة حياتية شديدة ولا شك في ذلك، والحمد لله تعالى أنك خرجت منها بقوة ورباطة جأش.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أنت تسيرين على الطريق الصحيح، لا تستغربي لكلامي هذا، فكلامي هذا هو الصحيح، لأن التفاعل الإنساني الوجداني لا سقف له أبدا، وبعض الناس بكل أسف قد يتفاعلون بصورة سلبية جدا حيال المرضى من أهلهم وذويهم، قد يكون هنالك تجاهل منهم أو عدم اهتمام، وهذا أمر مرفوض تماما.

إذا تفاعلك تفاعل صحيح، تفاعل وجداني، ولكن في ذات الوقت أنت يجب أن تستفيدي من هذه التجربة، بأن لا تعطلي حياتك أبدا، حتى تكوني نافعة لنفسك ولوالدتك ولغيرك، اعرفي أن الحياة هي هكذا، أفراح وأتراح وأحزن وتقلبات، واجتهدي بأن تديري وقتك بصورة حسنة، أنت محتاجة للراحة قطعا، الراحة النفسية وكذلك الجسدية، فحاولي بقدر المستطاع أن تنامي مبكرا، أن تمارسي شيئا من الرياضة.

حاولي أن تكوني متواصلة اجتماعيا، خاصة مع الصالحات من النساء، ويا حبذا لو تعرفت على أحد الداعيات؛ لأنها سوف تكون سندا حقيقيا لك في الموقف الذي تمرين به الآن، واحرصي على الصلاة في وقتها، والدعاء، ولاستغفار، ولا تحزني فوق طاقتك أبدا، الحزن مطلوب، والتوجه الوجداني الإيجابي مطلوب في ذات الوقت، أمورك سوف تهدأ، سوف تخرجين -إن شاء الله تعالى- من هذه التجربة وأنت أكثر قوة وأكثر صبرا، وترابطا نفسيا ووجدانيا.

أكرر لك: تفاعلك حقيقة تفاعل إنساني طبيعي، بل هو من النوع الجيد، لأن بعض الناس قلوبها قاسية جدا، وأنت قلبك -والحمد لله تعالى– فيه الكثير من الرحمة، وطعم الحياة سوف تحسينه -إن شاء الله تعالى- من خلال مشاعرك الإيجابية حيال والدتك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات