كرهت تصرفات أبي مع أمي منذ صغري ورأيتها في زوجي!!

0 260

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة متزوجة، كنت أعاني منذ الطفولة من سوء معاملة أبي لي ولأمي، فكان يفضل أمه ويحن عليها أمامنا، ولم يكن يعطف علينا ويحسن معاملتنا إلا أمام الناس فقط.

لا أذكر أنه أمسك بيدي منذ أن بلغت العاشرة تقريبا، كما كانت أمي هي التي تصالح أبي سواء أخطأ أو لم يخطئ، ولمست هذا الأمر في صديقتي المقربة لي أيضا، فكانت تعاني مثل معاناتي.

عندما تم عقد قراني العام الماضي، اشترطت على زوجي أن يحسن معاملتي، وأخبرته بخلفية معاناتي في الطفولة، وبعد العقد، ومع اختلاف الطباع وازدياد المشاكل، كنت أتمنى أن يصالحني عندما أزعل، ولم يكن يفعل ذلك كثيرا، ثم عندما حدثت مشكلة وكانت والدته طرفا فيها وقف معها، مع أنها هي المخطئة، وكنت أرى أنه يشبه والدي كثيرا في تلك اللحظة.

بعد الزواج حدثت مشكلة بيننا، فظل يدفعني للحائط بشدة، ويمسكني من يدي بشدة، حتى تورمت، وكنت أصرخ كثيرا، وحاولت الانتحار فمنعني، ثم اعتذر بعد أن هدأ، ولم أخبر أي شخص بما حدث.

في المشكلة الأخيرة، حدث خلاف بيننا، وكان يدفعني كما سبق، إلا أنني هذه المرة وقفت أمامه ليفعل ما يريد ولم أمنعه، وأردت أن يرى أهلي وأهله ما يفعله معي، وظننت أنني أنتقم منه بذلك.

أعلم بأنني مريضة نفسيا، وهو يعلم بذلك ويعيرني بمشاكلي، وأعلم بأنه ليس متوحشا، ولا أبي أيضا ولكنني أنا المعقدة، وكنت أتناول دواء Prozac، ثم توقفت عنه قبل أسبوعين لعلمي بأنني حامل، فبم تنصحونني؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Sarah حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يصلح الأحوال، وأن يكتب لك الشفاء، ويجلب لكما الوفاق ويحقق الآمال.

"استوصوا بالنساء خيرا"، وصية من النبي -صلى الله عليه وسلم- كررها مرارا، بل حرج وشدد فقال: "أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة"، وضرب -صلى الله عليه وسلم- أرفع الأمثلة، فهو القدوة والأسوة، ثم أطلقها مدوية، فقال: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".

إذا قصر الرجل في واجبه، ولم يلتزم بالوصية النبوية، فإننا ننصح المرأة بأن لا تقابل عناده بالعناد، وتقصيره بالتقصير، ولكننا ندعوك إلى احتساب الأجر، لأن حسن المعاشرة عبادة، والله سبحانه يحاسبنا أفرادا، وكثير من الزوجات سيدخلن الجنة بصبرهن على الأزواج، وبإحسانهن إلى الأزواج، ومن هنا، فنحن ندعوك إلى توقع الأفضل، ومعاونة زوجك على النجاح، وعلى حسن التعامل معك، وبإظهار الاحترام لوالدته، لأنها الأكبر سنا، وعندها سوف تجدين في زوجك الصورة المغايرة لما علق في الذهن، وسوف تستفيدين من توجيهات المرشد والمستشار النفسي الدكتور محمد، وأعتقد أنك سعيدة بأن أتيحت لك هذه الفرصة.

من المهم أن تنفذي الإرشادات والتوجيهات، وتنظري للحياة بتفاؤل، وتضخمي الإيجابيات، ونسأل الله أن يوفقك، وأن يرفعك عنده درجات، ولا تظهري لزوجك التعدي، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يزرع العداوة والبغضاء، بل هدفه وسعادته في خراب البيوت، ومن الحكمة تفويت الفرصة على شياطين الإنس والجن، ولن يحدث ذلك إلا بالرجوع إلى ثوابت الدين.

هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، والصبر فإن العاقبة لأهله، وأبشري بالخير، وأملي ما يسرك، وتوقعي الأفضل، ولا تتأثري بكلامه عن مرضك، فإنه لا شماتة في الأمراض، وكوني طبيبة نفسك، وثقي بأنه ليس من مصلحة في إظهار زوجك في صورة المعتدي الظالم، ولكن أظهريه في صورة الزوج الرحيم الوفي، الذي يسعى للتأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم-، وسوف يمضي معك في الاتجاه الذي تريدينه بحول الله وقوته.

سعدنا بتواصلك، ونسأل الله أن يوفقك، ويسدد خطاك، ونكرر الترحيب بك.
+++++++++++
انتهت إجابة الدكتور: أحمد الفرجابي، مستشار الشؤون الأسرية والتربوية.
وتليها إجابة: محمد عبد العليم، استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
+++++++++++

أيتها الفاضلة الكريمة: تقييم العلاقات الإنسانية من زاوية واحدة هو أمر خاطئ، وقطعا عطفك على والدتك أمر يجب أن نقدره، وأنا لا أقول لك أنك تكرهين والدك، لكن أعتقد أنك ربما تكونين في وضع وجداني جعلك تتناسين تماما إيجابيات والدك، وحتى وإن كان والدك بالفعل قاس على والدتك، لا أريدك أن تعتبريه دائما المعتدي، لأن هذا الأمر لن يفيدك أبدا، ولن يفيد أسرتك، وقد يسبب لك إشكاليات كبيرة جدا في زواجك، وأنا أراك أنت أخذت النمط ذاته في تفكيرك، أي طريقة معاملة والدك لوالدتك، ترينها الآن في داخل بيتك، وهذا من وجهة نظرك، وأعتقد أن هناك تأثيرا سلبيا عليك.

العلاقات الإنسانية -أيتها الفاضلة الكريمة- يشترك فيها الناس، ويشارك فيها الناس، لا توجد ضحية كاملة، ولا يوجد معتد كاملا، هنالك الكثير من الأمور المشتركة بين الناس، فأريدك الآن أن تلتفتي لنفسك ولبيتك ولزوجك، وتكونين امرأة ذكية، والمرأة الذكية هي التي تحفظ نفسها وبيتها وزوجها وزواجها، كيف؟ هذا أمر متروك لكل امرأة وذكائها، فتدارسي طباع زوجك، وأنت الآن تعيشين معه مدة كافية جدا، ومن المفترض أن تكوني قد فهمتيه تماما، وهذه المشاجرات والمشاكسات التي تحدث هي أمر مرفوض تماما، فأنت متعلمة ومدركة وتعرفين قيمة الحياة الزوجية، والحياة الزوجية يجب أن تكون قائمة على الرحمة والسكينة والمودة.

أرجو أن ترسلي إشارات إيجابية لزوجك، توقفي عن الانتقاص، وعن الانتقاد، وفي أوقات الخلاف لا تقولي له: (أنت)، أو (أنا)، قولي: (نحن) خاطبيه على هذه الكيفية، ليحس أنك بالفعل مشاركة له في كل حياته، وفي ذات الوقت أنا لا أريدك أبدا أن تتهمي نفسك بأنك مريضة نفسية، هذا أمر خاطئ، فربما يكون لديك بعض الظواهر أو الصعوبات النفسية البسيطة، لكن الأمر لا يرقى لدرجة المرض أبدا.

هنالك علم -وهو من العلوم المستحدثة-، يسمى بالذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني، وأنا أعتقد أنك قد اطلعت عليه، فكثير من الناس يكون لديهم مقدرات أكاديمية وعلمية، ويكون مستوى الذكاء لديهم مرتفعا جدا، لكن حين نأتي للذكاء العاطفي الوجداني، الذي يقصد به مشاعر الإنسان حيال نفسه، وتفهمه لنفسه ومحاولة تطويرها، وتفهم الآخرين ومحاولة تطوير علاقته بهم، نجد الكثير من الناس ضعفاء جدا في هذا الجانب، أنا لا أريدك أن تكوني أحدا منهم، اقرئي عن الذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني، هنالك الكثير من الكتب وهنالك الكثير من المؤلفات، وأرجو أن تستفيدي من نظريات هذا العلم في تعلم كيفية التعامل مع ذاتك، وكذلك مع زوجك الكريم.

أيتها الفاضلة الكريمة: سيكون أيضا من المستحسن أن تراجعي الطبيب النفسي الذي وصف لك البروزاك فيما سبق، ربما تكونين محتاجة لأحد محسنات المزاج البسيطة أو مضادات القلق، وانتبهي لبيتك وزوجك، واحرصي على الصلاة في وقتها، وعليك بالدعاء.

بارك الله فيك، وجزاك خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات