وسواس الموت سبب لي الأفكار السلبية، فكيف أتخلص منه؟

0 213

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، أبلغ من العمر 20عاما وستة أشهر، أدرس في الجامعة، وأعاني من الوسواس، والتفكير في الموت، فأنا لا أخاف على نفسي من الموت، ولكنني أخاف من ترك أمي وخطيبي بعد موتي، وأخاف من أن يموتا ويتركاني، فدائما أبكي وأتخيل يوم وفاة أمي ووفاة خطيبي، وأن لا معنى للحياة بدونهما، ولا أستطيع تجاهل هذه الأفكار، وأشعر في بعض الأحيان أنني أريد الموت؛ لكي أرتاح، فأنا مؤمنة بالله، ومؤمنة بالقضاء والقدر، وأعرف أن الموت حق علينا، ولكن وسواس الموت قتلني، فصارت حياتي خوف في خوف.

وأيضا أعاني من الاكتئاب والقلق من أتفه الأمور, وأخاف على أهلي كثيرا، وإذا أردنا السفر أو الخروج أكثر ما أفكر به هي الأفكار السلبية، وأتوقع حدوث أمر سيء، فهذا الوسواس يختفي لأشهر ثم يعود، وخاصة عندما أسمع أخبار وفاة متتالية، مع العلم أنني أصلي ومؤمنة.

أكتب لكم وأنا أبكي؛ لأنني لم أكن فتاة سلبية، ولم تكن شخصيتي مكتئبة إلى هذا الحد، وفي نفسي الكثير من الأفكار السلبية ولكنني لا أصرح بها؛ حتى لا يفكر أي شخص مثل تفكيري، ولا يعيش ما أعيشه من قلق، وخوف، واكتئاب.

سؤالي: هل أنا بحاجة إلى طبيب نفسي وإلى تناول الأدوية؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Sonia حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

هوني عليك، ولا تنزعجي، وحقري هذه الوساوس، وسلي الله تعالى أن يطيل عمرك في صالح الأعمال، وأن يجعل خير عمرك آخره، وخير عملك خواتمه.

أنت بالفعل تعانين من وساوس ومخاوف معظمها تتمركز حول الموت، والموت لا شك أنه حق، والخوف الشرعي من الموت مطلوب، لأن ذلك يجعل الإنسان يجتهد ويعمل لما بعد الموت، والموت لا شك أنه هادم اللذات، لكنه أمر حتمي، وأمر قطعي، والخوف منه لا يزيد من عمر الإنسان شيء، ولا ينقص من عمره شيء. وعلى ضوء هذا يجب أن يتم التعامل مع الموت نفسيا وسيكولوجيا، يعني: كيف لي أن أتدخل في شأن شيء لا أستطيع أن أغير فيه؟

قناعتك يجب أن تكون على هذا النمط، واعرفي – أيتها الفاضلة الكريمة – الأسس التي أنا على ثقة أنك ملمة بها، لكنها كثيرا ما تختفي من انتباهنا، وهي أن هذه الحياة الدنيا حياة عابرة، وأن الحياة الحقيقية والأبدية هي حياة الآخرة {وإن الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} وأن الدنيا هي مزرعة الآخرة، وأن الإنسان يمكن أن يعيش سعيدا وراضيا في هذه الدنيا ما دام يتقي ربه ويعمل لآخرته، ويستمتع بدنياه في حدود ما هو طيب ومشروع، وهذا ممكن جدا.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: أعرف أنك مؤمنة بالله، ومؤمنة بالقضاء والقدر، وهذا أمر جميل، وأنا لا أرى أن شخصيتك ضعيفة، أو أنه لديك خلل في إيمانك، لا، المشكلة الوحيدة هي هذا الفكر الوسواسي، فحقري الوساوس، والوساوس هي التي سببت لك شيء من الاكتئاب والقلق الداخلي.

نظمي وقتك، نامي مبكرا، مارسي الرياضة، شاركي في كل ما يفيد أسرتك، ضعي مشاريع مستقبلية تديري من خلالها حياتك، ولا تأسي على الماضي، ولا تخافي من المستقبل، كل الأمور -إن شاء الله تعالى- بخير وسوف تؤول إلى الخير.

فأنت بالفعل محتاجة لعلاج دوائي، يزيل عنك هذا الخوف تماما -إن شاء الله- فاذهبي -أيتها الفاضلة الكريمة– إلى الطبيب النفسي، وتحتاجي فقط أن تراجعيه مرتين أو ثلاثة وليس أكثر من ذلك، ومن الأدوية الرائعة والمفيدة جدا لعلاج مثل حالتك هذه عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft)، أو يعرف تجاريا أيضا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، أو عقار يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram)، وسوف أترك الأمر لطبيبك، حتى يختار لك ما يناسبك، وحسب ما هو متوفر في تونس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات