الشعور بالحزن والضيق هل هو ابتلاء أم عقوبة من الله؟

0 417

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

هل الهم والحزن والضيق ابتلاءات من الله أم بسبب ذنب يتطلب التوبة والاستغفار؟

وفقكم الله، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ we jd an حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يعفوعنك وأن يعافيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وبخصوص ما سألت عنه فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: الحزن والهم والغم وما شاكل ذلك هو لون من ألوان الابتلاء، والبلاء -أختنا الكريمة- سنة جارية، والأصل فيه الخير، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- : " عجبا لأمر المؤمن إن امره كله خير، إن اصابته سراء شكر فكان خيرا له, وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له " السراء والضرا كانت خيرا للمؤمن، إذا تعامل معها وفق قاعدتي الصبر عند البلاء والشكر عند الرخاء.

ثانيا: حتى يعرف المسلم نوع الابتلاء هل هو عقوبة على ذنب أم بلاء لرفع الدرجة عند الله، عليه أن ينظر في حاله، فإن كان يعلم أنه من أهل العصيان ترجح ساعتها كونها عقوبة له، كما قال أحد السلف حينما أصيب بمرض شديد في آخر عمره: علام أصبت بذاك؟ فجعل يتذكر عله ذنب يعاقب به فتذكر فقال: ربما كانت من نظرة نظرتها وأنا شاب، وأما إن كان المسلم يعلم من نفسه استقامة لأمر الله، ومحافظا على ما أمر الله به، فليعلم أن هذا بلاء رفعة من الله، يقول بعض السلف: إن الله إذا أراد لعبده مكانا عليا فلم يبلغ الدرجة بعمله، فإن الله يبتليه ويصبره على البلاء ليرفع إلى الدرجات العليا التي أرادها الله له.

ثالثا: إن كان الهم والحزن والغم بلاء، أو بسبب ذنب يمكنك ساعتها تحويله إلى نعمة بالصبر عليه، مع التوجه إلى الله بالدعاء والرضا بقدر الله عز وجل، والتسليم الكامل له، وهذا من شأنه أن يعمر قلب المؤمن، فيعيش في غاية السعادة، وعلى العكس من ذلك تماما، نعني إذا تضجر من قدر الله، فإنه يعيش حياة البؤس على خلاف الصبر على المكاره الذي يزيل من النفوس الهموم والغموم كما قال الشاعر:
فدع ما مضى واصبر على حكمة القضا ** فليس ينال المرء ما فـات بالجهـد

وأخيرا: نرجو منك أن تأخذي من قصص الأنبياء والصالحين الأسوة الحسنة، وأهم ما نوصيك به -أختنا الكريمة- : حسن التوجه بالدعاء إلى الله سبحانه والثقة بالاستجابة، وتجدين هذا بارزا في قصة نبي الله أيوب -عليه وسلم- كما قال بعض أهلم العلم: مرض أيوب -عليه السلام- فما زاد في دعائه عن وصف حاله فقال (رب أني مسني الضر) ووصف ربه بصفته (وأنت أرحم الراحمين)، ثم لا يدعو بتغيير حاله، صبرا على بلائه ولا يقترح شيئا على ربه تأدبا معه، وتوقيرا، فهو أنموذج للعبد الصابر الذي لا يضيق صدره بالبلاء، ولا يتململ من الضر الذي تضرب به الأمثال في جميع الأعصار، بل إنه ليتحرج أن يطلب إلى ربه رفع البلاء عنه، فيدع الأمر كله إليه اطمئنانا إلى علمه بالحال، وغناه عن السؤال، وفي اللحظة التي توجه فيها أيوب -عليه السلام- إلى ربه بهذه الثقة، وبذلك الأدب، كانت الاستجابة، وكانت الرحمة، وكانت نهاية الابتلاء، قال تعالى :" فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم"، رفع عنه الضر في بدنه، فإذا هو معافى صحيح، ورفع عنه الضر في أهله فعوضه عمن فقد منهم "رحمة من عندنا" فكل نعمة فهي من عند الله ومنة، وذكرى للعابدين تذكرهم بالله وبلائـه ورحمته في البلاء وبعـد البلاء، وإن في بلاء أيوب -عليه السلام- لمثلا للبشرية كلها.

ونذكرك -أختنا- بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط "

نسأل الله أن يحفظك من كل مكروه، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات