مقصر في صلاتي وأنصح الذي لا يصلي، فهل فعلي صحيح؟

0 255

السؤال

أنا رجل مقصر في صلاتي، وأنصح الذي لا يصلي. ما حكم هذا العمل؟ وأنا لا أصلي كثيرا لكن عندي غيرة والحرام لا أقترب منه، ورجل مسلم جدا ولا أصلي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ تركي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يشرح صدرك للذي هو خير.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإني أحب أن أسألك سؤالا: لو وجدت إنسانا الآن يتعرض للغرق فما الذي ستصنع له؟ ألست ستحاول إنقاذه بكل ما أوتيت من قوة؟ كذلك لو وجدت إنسانا اشتعلت فيه النار فقطعا سترمي عليه أي شيء، أو ترمي نفسك عليه حتى تنقذه من النار. هل هؤلاء الناس أحب إليك من نفسك؟ تارك الصلاة -كما تعلم- على خطر عظيم، تارك الصلاة على خطر عظيم، ولذلك أنت –أخي الكريم– تلعب بالنار، والله تبارك وتعالى يقول: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}، والله تبارك وتعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون * كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} ويقول: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة}.

والنبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أنه بينما أهل النار في النار إذ رأوا رجلا قد اندلقت أقتابه، أي سقطت أمعاؤه على الأرض وهو يدور بها كما يدور الحمار في الرحى، فقالوا: مالك يا فلان؟ ألست كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ فيقول: بلى، ولكني كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه، وأنهاكم عن المنكر وآتيه.

فالعقل والمنطق يقتضي أن الذي تفعله غير صائب تماما، وأنك تضحك على نفسك، وأنك تضحي من أجل الآخرين وتهلك نفسك، وكما قال الشاعر:
(من لم يعمل بعلمه فكالمصباح *** يضيء للناس ويحرق نفسه)

ولذلك لا بد أن تكون عاقلا، الآن –بالله عليك– هل أنت تقبل أن تعمل لدى إنسان ولا يعطيك راتبا؟ أبدا، لأن نفسك تحتاج إلى مكونات، تصور الآن عندما يدخل الناس جميعا الجنة، ولا تجد لك مكانا فيها، ويؤمر بك –لا قدر الله– إلى النار، فماذا سيكون موقفك؟

تصرفك غير طبيعي، ولذلك عليك أن تعيد النظر في موقفك، وأن تأخذ قرارا مع نفسك، بأن الذي أفعله هذا غير مقبول، وغير منطقي، وغير شرعي، وأن الأصل يقتضي: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} لا بد للإنسان أن يقي نفسه -أولا- من عذاب الله تبارك وتعالى قبل غيره، يوم القيامة كل الناس سيقولون: (نفسي نفسي) حتى الأنبياء والمرسلين، بل إن أمك التي ولدتك وأحسنت إليك الإحسان كله، عندما تسألك حسنة ستقول لها: (والله يا أماه لو وجدت حسنة لأخذتها).

فعليك –بارك الله فيك– أن تعيد النظر في موقفك؛ لأنه ليس صحيحا، وليس صائبا، وعليك أن تستعمل العقل، لأنك لا يمكن أن تكون جائعا ومشرفا على الهلاك وتقدم طعامك للآخرين، أليس كذلك؟ فإذا كيف تقدم لهم النصيحة وتترك نفسك؟ هذا لا يتفق مع أي شيء، اسمح لي، حتى الدواب والحيوانات والله لا تفعله، ما بالك بالإنسان العاقل الذي هو خليفة الله تبارك وتعالى في الأرض؟!

فأتمنى أن تأخذ قرارا –بارك الله فيك– بأن تبدأ الصلاة في أوقاتها مع الجماعة؛ لأن هذا سوف يعينك، وأن تربط نفسك بجماعة المسجد، وأن تتوجه إلى الله بالدعاء أن يعينك الله تبارك وتعالى على الانتصار على شيطانك الذي زين لك هذه الجريمة الشنيعة الفظيعة، وأن تكون واضحا في علاقتك مع نفسك بأن تحافظ عليها، لأن الله تبارك وتعالى قال: {قوا أنفسكم وأهليكم نارا} ويوم القيامة –كما ذكرت لك– {يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها} كما أخبر الله تبارك وتعالى، والأنبياء والرسل يقولون: (اللهم سلم سلم) ويقولون: (نفسي نفسي).

فعليك بما ذكرته لك من إرشاد هو بالنسبة لك الفلاح كله في الدنيا والآخرة، وأسأل الله التوفيق والسداد.

هذا، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات