تركت الأدوية وتجاهلت الوسواس فزاد قلقي وأرّقني

0 161

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كل عام وأنت بألف خير -يا دكتور محمد عبدالعليم- ورمضان كريم إن شاء الله, وأتمنى أن تكون بأتم الصحة وأتم العافية دوما -بإذن الله- وأن يتقبل الله صيامك وقيامك، وأن يغدق عليك الخير حيث تشاء، بإذن الله رب العالمين، أما بعد:

باختصار شديد حتى لا أطيل عليك، فإني أعلم -والله- أن وقتك ضيق، وأنك تعطينا من وقتك، وهذا دليل واضح على كرمك وسخائك، وجود نفسك، بارك الله فيك وفي أهلك أينما كنت وأينما حللت.

يا دكتور: أنا تركت الأدوية واتجهت إلى العلاج بتجاهل الوسواس، وأشعر بعد دخولي في مرحلة التجاهل بأنني أبذل جهدا شديدا في تجاهل الوسواس القهري، ولقد تجاوزت وساوس كثيرة، ولكنني بعد التجاهل الشديد يزيد القلق عندي إلى درجة رهيبة، وأستطيع التعامل معه، فأنا لا أخشى القلق، ولكنه يؤرقني جدا، وأشعر من شدته أنني أبذل جهدا شديدا عند النطق، بل وأيضا أخطىء في إيصال الفكرة، وأنسى كثيرا؛ لأن ذهني مشتت جدا من شدة القلق، والمصيبة الكبرى هي أن الأفكار الوسواسية تتجدد مع كل نفس أتنفسه، ومع كل حركة أتحركها، ولكنني أتجاهلها بالقدر الذي أستطيع، ولكنها لا تلبث أن تأتي!

فبعد تجاهلي للأفكار القديمة؛ زالت، وأتى بدلا عنها الوساوس الجسدية مصحوبة بأفعال بشكل فظيع، ويصعب التخلص منها، ولكني سأحاول تجاهلها، وأتمنى أن لا تأتي أفكار وسواسية بشكل مختلف وجديد بدلا عنها.

وفي الختام أقول: إنني فقدت الرغبة في العودة للأدوية؛ لأنني أشعر أن هذا المرض يعالج بتغيير السلوك الفكري، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالله حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله تعالى أن يتقبل صيامكم وطاعاتكم، وأن يجعل رمضان لنا رحمة ومغفرة وعتقا من النار، وأشكرك –أخي الكريم– على كلماتك الطيبة وصالح الدعاء الذي تكرمت به علينا، فنسأل الله تعالى القبول، ونسأل الله تعالى لك ولنا الحسنى وزيادة.

أخي الفاضل: أنت -الحمد لله تعالى– أصبح الآن لديك القدرة والفنيات والمهارات التي تواجه من خلالها الوساوس، وهذا هو الأمر الجيد والصحيح، ويا أخي الكريم: لا بد أن تكون هنالك درجة من القلق مصاحبة لمقاومة الوسواس، وهذا القلق سوف يتحول -إن شاء الله تعالى- إلى قلق إيجابي، وذلك من خلال استمرارك في تجاهل الوساوس وعدم مناقشتها، وعدم حوارها، إنما تحقيرها.

والقلق حين يتحول إلى قلق إيجابي سوف يقوي عندك إرادة التحسن، وإرادة التحسن هي الإرادة أو المهارة المطلوبة أن يكتسبها الإنسان ليواجه وساوسه أو قلقه أو توتره. فيا أخي الكريم: لا تنزعج أبدا.

بالنسبة للأدوية: حقيقة أنا أثمن على خطواتك التي اتخذتها، لكن –أخي الكريم– أقول لك: لا بأس أبدا، بل إني أرى أن تتناول دواء واحدا وبجرعة صغيرة، وهذا الدواء يكون مضادا للقلق ولا علاقة له بعلاج الوساوس، لأني لا أريد أن يكون القلق مهيمنا عليك أبدا، دواء بسيط مثل الـ (دوجماتيل Dogmatil) والذي يسمى علميا باسم (سلبرايد Sulipride)، هذا ليس دواء مضادا للوساوس أبدا، إنما مضاد للقلق، وحين نكسر حدة هذا القلق ونجعله ينخفض نسبيا، هذا قطعا سوف يؤدي إلى راحة نفسية جيدة بالنسبة لك.

الدوجماتيل موجود في المملكة العربية السعودية، وهناك منتج سعودي رائع اسمه (جنبريد genprid)، فيمكن أن تتناوله لفترة قصيرة، ابدأ بكبسولة واحدة، قوة الكبسولة خمسون مليجراما، تناولها ليلا لمدة أسبوع، ثم اجعلها كبسولة صباحا ومساء لمدة شهر، ثم كبسولة واحدة ليلا لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

أنا متأكد أن هذا الدواء بهذه الجرعة الصغيرة سوف يعود عليك بخير كبير وكثير فيما يخص تذويب وتحييد بل إزالة القلق، لأن القلق أيضا مكون من مكونات الوساوس، يجب ألا ننسى ذلك أخي الكريم.

وفي ذات الوقت أريدك أيضا أن تركز على التمارين الرياضية، وعلى تمارين الاسترخاء؛ لأن ذلك سوف يقلل القلق والتوتر.

أنا أثمن وأقر تماما مجاهداتك السلوكية للتخلص من الوساوس معرفيا وفكريا وسلوكيا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات