هل أتوقف عن الدعاء لأني لا أدعو الله إلا لمصلحة؟

0 207

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب في 17 من عمري، من أسرة متدينة، والدي دائما منذ كنت صغيرا ينصحني ويعلمني الصلاة، ويعلمني أن فيها فلاحي في الدنيا والآخرة، ولكني لم أكن منتظما فيها، بل كنت منتظما على العادة السرية، والسب، وكنت أحب فتاة جدا، وكنت أنوي خطبتها، ولكن تركنا بعضنا منذ 5 أشهر، ويومها شعرت بالهم والحزن الشديد، وأدركت حينها أن ما من شيء يستطيع أن ينزع عني هذا الهم الشديد والحزن غير الله.

كنت أشعر بفتور وكراهية شديدة من ناحية كل شيء، العادة والسب والأغاني، ومن يومها ما تركت أي فرض إلى اليوم، وكنت أدعو الله كل يوم أن نرجع لبعضنا، وأن يزيل عني الهم والحزن، وكنت أقرأ القرآن، وأصلي النوافل، وكنت أتوب لله كل يوم تقريبا، وكنت أدعو الله، وأحس ساعتها أن الله كان يستجيب دعائي، وما كنت أسب أو أمارس العادة.

بعد مدة صرت أسب مرة ثانية، وأواظب على العادة، ولكني ما تركت الصلاة، وصرت متمسكا بها حتى هذا اليوم، ولكني صرت أعمل العادة ليس كالسابق، ولكني لا زلت أعملها وأسب ولكن ليس كالسابق أيضا.

أحاول أن أمنع نفسي، ولكني لم أقدر، وصرت أدعو الله بنية صادقة ليحل لي مشاكلي، صرت لا أشعر بلذة التوبة، وكأنها من وراء قلبي، أي كأنني احتال على ربي -والعياذ بالله- هناك أمور كثيرة دنيوية أريد تحقيقها، وأخاف أن يراني الله على أني أتقرب منه لأني أريده أن يحل لي مشاكلي، ولكني فعلا أريد أن أتقرب منه لكي يصلح لي حالي بالدنيا والآخرة، وأن أي إنسان بالدنيا يكون معلقا بالله في حياته تكون حياته سعيدة، وهذا ما أريده أنا.

عندما قرأت الحديث القدسي (أن من تقرب إلى الله يتقرب إليه الله ويستجيب له دعاءه) وهذا ما أريده أنا، أن يستجيب الله دعائي، وكنت دائما أفكر بأشياء أعملها لله بنية صادقة؛ لكي يحل لي مشاكلي بالدنيا، ولكني أخاف ألا يتقبلها الله مني.

أقسم بالله أني أموت نفسيا، وما أقدر أن أتكلم مع أهلي أو أحد أصدقائي، ولا أعرف ماذا أفعل؟

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن.

بخصوص ما ورد برسالتك: فإن الشيطان –لعنه الله تعالى– يحقد عليك، لأنه وجدك نشأت هذه النشأة الطيبة في هذه الأسرة الطيبة، أسرة متدينة، ووالدك يذكرك بطاعة الله سبحانه وتعالى، وأنه لا فلاح لك ولا نجاح في الدنيا ولا في الآخرة إلا بطاعة الله، وأنك تستشعر ذلك فعلا، وأنك -ولله الحمد والمنة- حريص على عبادات عظيمة، رغم أن الشيطان يستدرجك باعتبار العداوة التي بينك وبينه، لأن الله قال: {إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا} وقال: {الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء}.

الشيطان يتوعد كل إنسان مسلم أن يضله وأن يفسد عليه دينه، وأن يفسد عليه علاقته بربه، ولذلك الشيطان يضغط عليك بكل ما أوتي من قوة حتى تظل عاصيا لله تعالى، وفوق ذلك لا يكتفي بهذا الأمر، وإنما يريد أن يغلق في وجهك أبواب الرحمة، وأن يجعلك تسيء الظن بربك سبحانه.

يقول لك: أنت ترائي الله تعالى، وأنك تريد أن تعبد الله حتى يحقق لك أمنيتك في الدنيا ويحقق لك رغباتك التي تريدها، حتى وإن كان، لأن الله تبارك وتعالى –ولدي أحمد– أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة، ودعوات النبي -صلى الله عليه وسلم- لو نظرت في تسعين بالمائة منها وجدتها كلها تتعلق بالدنيا، عندما قال: (سلوا الله العافية)، (أسأل الله العفو والعافية) وعندما ورد: (اللهم اغفر لي)، (اللهم بارك لي في رزقي ووسع لي في داري)

كذلك أيضا: (اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين) كذلك أيضا: (اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك)... فتجد دعوات النبي -صلى الله عليه وسلم- السواد الأعظم منها منصب على الدنيا، فحتى إن كان الإنسان عاصيا لا يمنعه ذلك من الدعاء، لأن الله يحب الدعاء، يحب الملحين في الدعاء، تصور أنت عندما تطلب من والدك طلبا أكثر من مرة يمل منك وقد يزجرك، أما الله تبارك وتعالى ما إن تلح عليه أكثر إلا ويزداد محبة لك أكثر وأكثر.

لذلك أنصحك ألا تتوقف عن الدعاء أبدا، وأن تحسن الظن في الله، ولا تسمع لكلام الشيطان، ولكن في نفس الوقت –ولدي أحمد– اجتهد في أن تترك هذه المعاصي حياء من الله، لأن هذه المعاصي قد تسقط العبد من عين الله تعالى، وقد يأتي على العبد يوم بسبب الإصرار على المعصية أنه حتى لو دعا الله لا يستجب الله لدعائه، لأن إجابة الدعاء كرامة، والعبد العاصي لا يستحق الكرامة.

من هنا فإني أنصحك –يا ولدي– بالاجتهاد في ترك هذه المعصية قدر الاستطاعة، ابحث عن العوامل التي تؤدي إلى ضعفك وأغلق هذه العوامل، بمعنى أنك إذا كنت وحدك وتغلق عليك باب الغرفة فإذا لا تغلق باب الغرفة، اجعل باب الغرفة مفتوحا، وإذا كنت تدخل دورة المياه وتطيل في دورة المياه لتفعل العادة السرية، ادخل دورة المياه لقضاء الحاجة واخرج بسرعة، كذلك أيضا إذا دخلت إلى فراشك وأنت لست في حاجة إلى النوم وبدأت تتقلب في فراشك فيأتيك الضعف، لا تدخل فراشك إلا عند شدة النوم.

أول ما تقوم من نومك قم من فراشك فورا حتى لا يأتيك الشيطان يضحك عليك. إذا وضعت شيئا مثلا بين رجليك وأنت نائم أو غير ذلك وشعرت بالرغبة لا تضع شيئا، وتوجه إلى الله بالدعاء، واعلم أن الله تبارك وتعالى يحبك، لأنك شاب صالح، وأنا حقيقة أرى أن لك مستقبلا كبيرا -إن شاء الله تعالى- ولكن الذي أريده منك أن تغلق باب المعاصي نهائيا، وأن تتوجه إلى الله بالدعاء، وحتى إن كان عندك غفلة أو ضعف لا تتوقف عن الدعاء أبدا، سواء كان الذي تسأل الله إياه أمرا من أمور الدنيا أو أمرا من أمور الآخرة.

أسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لطاعته ورضاه، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات