نظرتي للحياة تشاؤمية وسوداوية وأعاني من التسويف.. ساعدوني

0 225

السؤال

السلام عليكم

أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي استفدت منه الكثير، اطلعت على قسم الاستشارات النفسية، ووجدت نفسي في بعضها، ولكن عزمت على استشارتكم لتوضحوا لي الأمر.

أنا شاب عشريني، أعاني من التسويف الشديد في كل نواحي حياتي مما ساهم في تعطيل جزئي لمستقبلي وطموحي؛ فأنا -الحمد لله- قد أنهيت التعليم العالي، ولكن أحيانا أقوم بتأخير أمور مصيرية بلا مبالاة، أو شعور بالذنب إلى أن أصل إلى الحافة، فهنا أسارع في السير محاولا اللحاق بالركب، وأنجح -ولله الحمد- ولكن الأمر متعب، وليس طبيعيا.

كما أسلفت: التسويف عام في حياتي، أريد أن أتخلص منه إلى الأبد، ولكن كيف؟ أنا متشكك وحساس جدا وألوم غيري كثيرا، ربما لتبرير الفشل وأفتقر إلى الاستمتاع بالقيام بالأشياء، متشائم.

معنوياتي منخفضة، وكذلك تقديري لذاتي، وهناك صراع داخلي مستمر أرهقني وأثقل كاهلي، وأشكو أيضا من نقص في الطاقة لمواجهة المشكلات، ويكاد يكون الدافع للحياة معدوم، ويبدو لي غالبا أنني لا يجب أن أكمل الحياة؛ لأنها بلا معنى أو طائل.

أيضا أعاني من نظرة تشاؤمية وسوداوية، ودائما أفكر بالمستقبل، وما سيحدث لي، مع العلم أن التفكير بالمستقبل المصحوب بالقلق بدأ معي منذ عشر سنوات، وها هي العشر سنوات قد مرت على الجميع بمن فيهم أنا، ولكن الفرق أنها مرت عليهم بسلام، بينما مررت بها في قلق مستمر وخوف، لا أعلم سببه، خوف من المجهول، وأعاني من الإحباط، وجلد الذات باستمرار، وشعور بالحزن أحسبه متوسطا، وعلاقتي الاجتماعية متوترة إلى حد ما، وخصوصا مع أهلي، فأحيانا أشعر بالاشمئزاز من التحدث إليهم.

ولا أنسى التردد الذي أثقل كاهلي، فقد سئمت منه جدا، فكيف الخلاص؟ وهنا أذكر موقف حصل لي في طفولتي قد يكون له دور ما، وهو موت صديقة أمي، فقد جعلني أشعر بالخوف من الموت، ونوبات الهلع التي استمرت بضع سنين، وانتهت -ولله الحمد- وكان يصاحبها خفقان مفاجئ للقلب يوقظني أحيانا من النوم، فتبدأ مرحلة الرعب والخوف من الموت.

لا أنسى أن أذكر أنني أتردد بدخول المجالس المكتظة بالناس، لا أصنف نفسي ضمن الرهاب الاجتماعي الشديد أو القوي فأنا -والحمد لله- ليس عندي مشكلة في التحدث مع الناس سواء معارف، أو غرباء، ولكن النقطة السابقة هي التي أعاني منها فقط، وهي المجالس المكتظة، أريد أن أتحرر من هذه القيود المزعجة، فكيف السبيل؟ ولا مانع لدي من استخدام العقاقير النفسية، ولا أعلم لماذا أشعر براحة كبيرة لو نصحتموني باستخدام بروزاك لا أدري لما أنا مستبشر به، وحبذا لو تذكرون لي الأعراض الجانبية والانسحابية، وهل يجب علي أخذ الدواء إلى الأبد؟

وجزاكم الله خيرا لما تقدمونه من عون، وأعتذر لأنني أسهبت في طرح المشكلة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكر لك أخي التواصل مع إسلام ويب.

الذي اتضح لي من خلال رسالتك الواضحة والمفصلة والجيدة الصياغة هو أنك عانيت من خوف أثناء فترة الطفولة، خاصة الطفولة المتأخرة، ومنذ ذاك الوقت صاحبك القلق، القلق حسن دافعيتك لتكمل تعليمك العالي، لكن بعد ذلك انقلب عليك وأصبح احتقانات سلبية جعلتك لا تتدبر طريقك بصورة جيدة، وكما ذكرت وتفضلت اختلطت عليك الأمور كثيرا، وأصبحت مهموما بقضية الإنجاز والنجاح، وبالرغم من توفر الإمكانيات النفسية والمعرفية لديك إلا أن التردد وشدة مراقبة الذات والمخاوف العامة التي تعاني منها أعتقد أنها أعاقتك، ومن الواضح أيضا أن لديك ترددا وسواسيا، وشيئا من الخوف الاجتماعي.

أيها الفاضل الكريم: أعتقد أن الشيء الأساسي الذي يجب أن تتفكر فيه وتتخذه منهجا حياتيا هو تحديد مهام وواجبات ومشاريع حياتية معينة، وتسميها باسمها، وتضع جدولة واضحة جدا في تنفيذها، وتقيد نفسك بذلك، الناس تتحدث عامة عن مشاريع آنية التحقيق ومتوسطة التحقيق ومشاريع بعيدة المدى.

• مشروع آني التحقيق يجب أن ينفذ في خلال أربع وعشرين ساعة، مثلا: أن تذهب وتزور مريضا في المستشفى، هذا يجب أن ينفذ، ويمكن أن ينفذ، وهو مشروع بسيط، لكن عائده المعنوي ومردوده النفسي كبير جدا على الإنسان.

• مشروع إنجاز خلال ستة أشهر: البحث عن وظيفة محترمة، وحفظ جزئين من القرآن، هذا أمر واضح المعالم، محدد، يمكن قياسه ويمكن تنفيذه ... وهكذا.

• مشاريع بعيدة المدى، فهي معروفة، ومنها: تحقيق المزيد من النجاح، والزواج، وأن يحرص الإنسان على أمور دينه، وأن يربي أولاده التربية الحسنة... وهكذا.

أعتقد أن إشكاليتك هي أنك تفكر في أشياء، لكنك لا تحددها بالدقة المطلوبة، ولا تضع جداول زمنية للتنفيذ، قيد نفسك، وأحسن إدارة وقتك، وضع الآليات التي توصلك إلى مبتغاك.

تطوير علاقاتك الاجتماعية - أخي - سوف يساعدك كثيرا، أن تكون لك شبكة اجتماعية من الأصدقاء، وأن تحسن علاقتك بأهلك، وأن تجد لهم العذر في سلوكياتهم التي تعتبرها أخطاء.

أخي الكريم: الرياضة تحسن الدافعية، ولا شك في ذلك، وهذا الأمر أمر ثابت، فأعط نفسك نصيبا منها.

بالنسبة للأدوية: أعتقد (نعم) أنك محتاج لدواء يحسن من دافعيتك، ويزيل عنك القلق والتوتر والوسوسة وعدم تقدير الذات بصورة صحيحة، لا أقول لك أن الدواء سوف يغيرك، لكن سوف يساعدك، ويجعلك أكثر استعدادا للتغيير والإيجابية.

الـ (بروزاك Prozac)، والذي يسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) دواء جيد وسليم، جرعته هي كبسولة واحدة في اليوم، تتناولها بعد الأكل لمدة شهر، ثم تجعلها كبسولتين في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم تجعلها كبسولة واحدة يوميا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

ويا أخي الكريم: إذا ذهبت إلى أحد الأطباء النفسيين، فهذا أمر جيد، بل هو رغبة أكيدة من جانبي، ونصيحة أنصحك بها، خاصة أنك تعيش في البحرين، حيث يوجد الكثير من الأطباء النفسيين المختصين والمتميزين، ولا يعني هذا أبدا أني قد أخفيت عليك شيئا أو بخلت عليك بمعلومة، لا، ما ذكرته لك - إن شاء الله تعالى - سيفيدك كثيرا، لكني أريدك أن تكون الصورة أكثر استكمالا لتستفيد منها بصورة أحسن وأفضل، وقطعا مقابلة الطبيب النفسي المباشرة فيها فائدة كبيرة جدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات