الاكتئاب يلاحقني حتى في فرحي وزفافي!

0 246

السؤال

منذ مدة حصلت لي صدمة نفسية، كنت ألعب مع أختي ذات السنتين، فأسقطتها على رأسها، فدخلت في غيبوبة لمدة ٢٤ ساعة، كنت أظن أنها ستموت، ولكن -الحمد لله-، المهم بقيت في ذهني صورتها، وهي يغمى عليها، وأنا أظن أنها تموت، بعد أيام مر كل شيء بسلام، لكني دخلت في انتكاسة، وبدأت معي وساوس الموت، أظن أني سأموت في أي لحظة، وأخاف من الليل، وفي الصباح أشاهد الناس يضحكون، فأقول ليس هناك سبب للضحك فالموت ينتظرنا، وبدأ يأتيني دوار بعدها دقات قلب متسارعة وهلع وإحساس بالروح تخرج من الجسد، وذهبت عدة مرات إلى الطبيب.

المهم لكي لا أطول عليكم، ذهبت عند الطبيب فشخصني وقال: لدي وسواس قهري من الموت مما سبب لي الاكتئاب، وأعطاني دواء من نوع كزاناكس لمدة شهر، ودواء فيلاكسور أو ما يعرف بالفيلافاكسين على ما أظن لمدة ٦ أشهر، وأحسست أني أفضل حالا، وبالفعل توقفت عن أخذ الدواء باستشارة الطبيب المعالج.

بعد شهر من التوقف تزوجت، والآن عدت كما كنت مكتئبا لكن دون وساوس الموت، فقط اكتئاب لا أريد أي شيء، وأضل أفكر: المرء يكون سعيدا في اليوم الثاني من الزواج، وأنا لا، لماذا؟! وفي شهر العسل سافرنا، وفي اليوم الثاني من السفر، أحسست بضيق النفس وكأن عندي مشكلة ليس لدي حل لها، ولكن ليس لدي مشكلة أصلا، كل ما أريد هو العودة لمنزلي، لا أحس بطعم الفرحة في فرحي وزفافي أعلم أن هذه أعراض الاكتئاب؛ لأنني مررت بها من قبل حيث أفقد شهيتي للأكل وللحياة، ماذا أفعل؟

أرجوكم أريد أن أكون سعيدا فرحا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdessamie حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

أخي الكريم: هذه الأعراض التي تشتكي منها الآن بالفعل هي أعراض اكتئابية، لكن -إن شاء الله تعالى- هو اكتئاب ظرفي، اكتئاب محدود، وبعض الناس أي حوادث حياتية حتى وإن كانت جميلة ربما تسبب لهم شيئا من الشعور بالكدر والاكتئاب، وهذا قد يكون أمرا عجيبا جدا لكنه واقع، بمعنى أن ما يسمى بالأسباب المرسبة - وهي الأحداث الحياتية - لها وقع خاص على بعض الناس، ونعرف - أخي الكريم - أن هناك تفاوتا وتباينا كبيرا جدا بين الناس في تحملهم للأحداث الحياتية سيئة كانت أم جميلة.

أنت قطعا تزوجت، وهذا حدث جميل وطيب وسعيد، ولا شك في ذلك، لكن أقول لك: نسبة لوجود نوع من الاستعداد الداخلي لديك للتغيرات النفسية الوجدانية السلبية حدث لك ما حدث، فإذا تفاعلت الأسباب المهيئة - أي استعدادك - مع الأسباب المرسبة - أي الظرف الحياتي والحدث الكبير الذي عشته، وهو العرس والزواج-

إذا رجعنا قليلا للأحداث فالحادثة التي حدثت لشقيقتك الصغرى قطعا حدث نفسي كبير، والحمد لله هي بخير، وأنت تجاوزت المرحلة، لكن أعتقد رواسبها ظلت لديك موجودة، وأقصد بذلك الإفراز النفسي السلبي، مما جعلك تخاف من الموت وتوسوس حوله، والطبيب حين قال لك إنك تعاني من وسواس قهري من الموت كلامه صحيح، أي أنك بالفعل كنت تعاني من مخاوف وسواسية، الآن اختفت الوساوس وظهر عندك هذا الظرف الاكتئابي، والذي أرى أنه سوف يزول، كل الذي تحتاجه هو أن تطرد هذا الفكر، وأن ترفضه تماما، وأنت لديك -الحمد لله تعالى- كل سبل السعادة، فيجب أن تتوقف قليلا وتتفكر وتتأمل وتتذكر ما هو جميل في حياتك، فحياتك فيها الكثير من الجمال، وهذا بفضل الله تعالى.

إذا الفكر السلبي يجب أن يستبدل بفكر إيجابي؛ لأن الأفكار السلبية حين تتساقط على الإنسان وتستحوذ عليه لا شك أنها تؤدي إلى مزاج اكتئابي، فالذي تحتاجه هو ما نسميه بالتغيير المعرفي الإيجابي، أي أن ترفض هذه المشاعر السلبية وهذه الأفكار السلبية، ومهما كانت مشاعرك لا بد أن تبدي نوعا من اللطف نحو زوجتك، هذا مهم جدا؛ لأن اصطناع السعادة - أخي الكريم - يؤدي إلى السعادة، ولا شك في ذلك.

بالنسبة للعلاجات الدوائية: أنا أعتقد أنه لا بأس أن تتناول أحد مضادات الاكتئاب، وأنت لا تحتاج له لفترة طويلة حقيقة، هنالك دواء يعرف تجاريا باسم (ترازدون Trazodone)، ويعرف تجاريا باسم (مولباكسين Molipaxin) هذا مضاد للاكتئاب ممتاز جدا، قد يزيد النوم قليلا ليلا، لكن أحد ميزاته أنه لا يؤثر أبدا على الأداء الجنسي، بل ربما يحسنه، لذا أنا اخترت لك هذا الدواء، وليس الـ (فنلافاكسين Venlafaxine)؛ لأن الفلافاكسين قد يؤدي إلى صعوبات جنسية في بعض الأحيان لدى بعض الناس.

جرعة الترازدون هي خمسون مليجراما ليلا، تتناولها لمدة ثلاثة أشهر، ثم تجعلها خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أخي الكريم: نحن دائما نشير إلى أهمية الرياضة كعلاج نفسي أكيد وأصيل، فاحرص على الرياضة. بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات