هل يمكن أن أدعو الله تعالى بالزواج من شخص معين؟

0 865

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أريد أن أسأل: هل كتب في القدر من سوف أتزوج، وهل يمكنني الدعاء بالزواج بمن أريد، أم سيكون دعائي لا قيمة له لأن الله كتب الأقدار؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محبة الرحمن حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يقدر لك الخير حيثما كان، وأن يرزقك الرضا به.

وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة- من أنك تقولي: إن الله تبارك وتعالى كتب لكل شخص من الذي سوف يكون زوجا له، وتقولين: إذا دعونا لنكون أنا وشخص معين لنا نصيب في بعضنا البعض، هل يكون هذا الدعاء لا معنى له، لأن الله كتب لمن سنكون؟

أقول لك -بارك الله فيك-: مما لا شك فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)، فقبل أن يخلق الله هذا العالم كله بخمسين ألف سنة قدر المقادير، وقسم الأرزاق ورتب كل شيء قبل أن يخلق أي شيء، ولذلك من هذه المقادير الأزواج، فالله -تبارك وتعالى- قدر لكل إنسان طوله وعرضه ولونه وعمره، وصحته ورزقه وأولاده والمكان الذي سوف يعيش فيه، والوظيفة التي سوف يعمل فيها في الحياة الدنيا، والمكان الذي سوف يموت فيه، وكل شيء قدره الله -تبارك وتعالى- وكتبه في اللوح المحفوظ وهذا حق، ولذلك هذا هو القضاء والقدر الذي أمرنا الله -تبارك وتعالى- أن نؤمن به.

إلا أن الله -تبارك وتعالى- أعطانا مساحة من القدرة على التغيير، وهذه المساحة تتمثل في الدعاء، فإن الدعاء كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، فإذا ما دعى الإنسان وكان دعاؤه دعاء مباحا -بمعنى أنه لا يدعو بإثم ولا قطيعة رحم-، فإن الله -تبارك وتعالى- قادر -جل جلاله- بقدره أن يغير هذا الأمر، لأن الله قال: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}، فإذا ما دعى الإنسان بصدق وإخلاص، وكان دعاؤه مشروعا، لأنه إذا كانت العلاقة بين شاب وفتاة قبل الارتباط الشرعي فإنها علاقة غير مشروعة، علاقة محرمة، لا يجوز للفتاة أن تتعلق بشاب لم يتقدم لها شرعا، كما لا يجوز لشاب أن يتعلق أو يرتبط بفتاة، أو يمشي مع فتاة ليس بينه وبينها رباط شرعي، لأن هذه علاقة محرمة، فإن الإسلام لا يعرف ما يعرف بالصداقات ما بين الرجال والنساء أساسا، وإنما يعرف أن هناك نكاح وزواج، وهناك مصاهرة وهناك أرحام وهناك رضاع، فلك أخ ولك أب ولك عم ولك خال، هؤلاء هم أرحامك، أرحامك الذين يجوز لك أن تتعاملي معهم، تعاملا مطلقا، وكذلك لك زوج، هذا الزوج أيضا له تعامل خاص، بمعنى أنه يفعل معك ويعيش معك حياة كاملة، حتى أنها تختلف عن حياة الأب مع ابنته -إلى غير ذلك-.

كذلك العم والخال، كذلك أبناء العم وأبناء الخال، وإن كانوا في درجة قليلة جدا، وبما أنه يجوز له أن يتزوجك فالإسلام وضع إطار، بمعنى عدم الخلوة، بمعنى عدم المصافحة بينكما، بمعنى عدم الدخول عليك وأنت وحدك، بمعنى عدم الاختلاط غير المنضبط، بمعنى عدم جواز أن يمس جسده جسدك -إلى غير ذلك-، كل هذه القواعد -يا بنيتي- أراد الشارع منها أن يحافظ على المرأة المسلمة أو الفتاة المسلمة، لأن عندنا الفتاة والمرأة المسلمة غالية جدا، فهي أغلى ما لدى المسلمين في حياتهم، ولذلك بين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن من قتل دون عرضه فهو شهيد.

إذا لا يجوز أن تكون هناك علاقة أبدا بحال من الأحوال ما بين رجل أجنبي وبينك، سواء كان صديقا -كما يقال- أو جارا من الجيران، أو ابن عمك، ما دام لم يتقدم لك بصفة شرعية فليس بينك وبينه شيء، ولكن يجوز للإنسان أن يقول في دعائه: (اللهم إن كان في فلان خير فاقدره لي واجعله لي)، أما أن نجلس معا ونقف بجوار بعض ونبدأ نقول: (تعال ندعو، أنت تدعو وأنا أؤمن على ذلك)، هذا لا يجوز شرعا، ولكن من حقك أن تسألي الله تعالى أن يرزقك الخير، وأن تقولي: (يا رب إن كان في فلان هذا خير فاجعله من نصيبي، واجعلني من نصيبه)، هذا يجوز، ولكن الأفضل من ذلك أن تتركي الأمر لله تعالى، وأن تقولي: (اللهم ارزقني زوجا صالحا يكون عونا لي على طاعتك ورضاك)، هذا هو الأولى، وأن تسلمي الأمر لله تعالى، وأن تسألي الله الخير، ولكن يجوز لك فعلا أن تدعي في دعائك بشخص معين، وهذا جائز شرعا.

وبإذن الله تعالى سوف يكرمك الله -عز وجل- بالذي هو خير لك، إذا تركت الأمر له سبحانه، أما من حيث هل يجوز أن تسألي الله تعالى شخصا معينا، نعم هذا يجوز، لأن هذا ليس فيه اعتداء، شريطة ألا يكون بينكما شيئا محرما كما ذكرت لك.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات