لا أجد في نفسي رغبة لحفظ أو مراجعة القرآن والعلوم النافعة!

0 201

السؤال

السلام عليكم

ما إن أعود من صلاة العشاء إلا وأجد نفسي لا أستطيع أو ليس لي نية في حفظ أو مراجعة القرآن أو طلب العلم، أو حتى الدراسة العادية!

المشكلة أني أفضل وأعشق الدراسة في المساء على النهار، وقبل أشهر تعرضت لسحر وحسد - كما قال لي عدة شيوخ- وأتعبتي نفسيا كثيرا.

أرجو الحل مع جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفتح عليك بفتوح العارفين، وأن يوفقك في دراستك، وأن يجعلك من العلماء العاملين، وأن يجعلك من دعاة هذه الأمة وعلمائها الكبار الذين يرفعون راية الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ويشرفون هذه الأمة.

بخصوص ما ورد برسالتك -ابني الكريم الفاضل- فإن النفوس كما تعلم لها إقبال وإدبار، أحيانا تجد النفس مقبلة على شيء، وأحيانا تجد النفس معرضة وليست لها رغبة في شيء، حتى في العبادات كالصلاة وغيرها، أحيانا تجد نفسك وأنت في قمة الخشوع والخضوع والإقبال على الله، وأحيانا تشعر كأنك لا تصلي وإنما الذي يصلي هو شخص آخر غيرك، فلا تجد قلبك معك، وهكذا بقية الأمور.

بما أن المذاكرة أمر ذهني يحتاج إلى نوع من الصفاء فعلا وإلى نوع من الالتزام بين الروح والجسد، فالمذاكرة في وقت لا تشعر فيه بالرغبة بالمذاكرة نوع من العبث؛ لأنك تحاول أن تدخل معلومات في ذهنك وذهنك ليس مستعدا لاستقبالها.

من فضل الله تعالى ورحمته أن الله جعل عوضا وجعل بدائل، فإذا كنت في أول الليل لا تستطيع المذاكرة - كما ذكرت - ولا مراجعة ولا حفظ للقرآن، فأمامك بعد صلاة الفجر، فلو أنك نمت مبكرا والتزمت بالسنة - يا بطل - ونمت على طهارة وذكرت الله تبارك وتعالى حتى غبت عن الوعي، وقمت قبل الفجر بساعة أو نصف ساعة وصليت بعض الركعات، ثم بعد صلاة الفجر جلست لتذاكر، فثق وتأكد أنك سيتغير مستواك تماما، وأن ذاكرتك سوف تتحسن بدرجة مذهلة، لأن هذا الوقت هو وقت دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذه الأمة عندما قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها) ومعظم العلماء الذين حفظوا لنا هذه العلوم العظيمة كانوا يركزون على هذا الوقت بعد الفجر، بل إن بعض علماء التربية يقولون: ساعة واحدة بعد صلاة الفجر تساوي ثلاث ساعات من أيام النهار والليل كله.

إذا: حاول أن تغير طريقتك، وكونك تعشق المذاكرة بالليل ليس معناه أن تضحي بمستقبلك، لأن نفسك الآن لا تقبل ولا تطيق، إذا حاول أن تطبق السنة - بارك الله فيك - من أن تنام مبكرا بعد صلاة العشاء، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه أنه قال: (لا ثمرة بعد العشاء) يعني: مجالسات وكلام، حتى وإن كانت مذاكرة، ما دام هناك فرصة لأن تذاكر بعد الفجر، لأن بعد الفجر يكون عقلك أخذ قسطا كبيرا من الراحة، واستراح تماما، وأصبح لديه استعداد لأن يستقبل معلومات جديدة بقدر كبير وعالي من التركيز.

أقول - ولدي محمد -: حاول أن تغير طريقتك، لعلك في الأول ستجد بعض المشقة، ولكن ثق وتأكد أنك ستستريح جدا لهذا التوقيت، وتذهب إلى المدرسة وأنت نشيط.

كما أنصحك أيضا بمحاولة مراجعة الدروس التي سوف يتم شرحها لك في نفس اليوم.

المراجعة هذه عبارة عن مراجعة سريعة جدا، يعني قراءة سريعة تعرف من خلالها العناوين الرئيسية للدرس، هذا سيعطيك نسبة خمسة وعشرين بالمائة من الفهم، فإذا ما شرح المعلم يعطيك الدرس أيضا فهما بنسبة خمسة وعشرين بالمائة، ثم إذا رجعت إلى البيت مساء وراجعت نفس المادة أو الدرس أصبح عندك خمسة وسبعين بالمائة من الإدراك لهذه المادة أو للدرس، ثم إذا ذاكرت الدرس في نهاية الأسبوع أصبح عندك مائة بالمائة، وبذلك ستحصل على امتياز بسهولة بإذن الله تعالى.

أنصحك بما ذكرت لك، كل يوم تأخذ فكرة عن الدروس التي سيتم شرحها في هذا اليوم قبل أن تذهب إلى المدرسة، وأفضل أوقات لذلك إنما هو بعد صلاة الفجر وقبل الذهاب إلى المدرسة مباشرة، تحاول أن تغير طريقة مذاكرتك - يا ولدي - وأنا واثق أنك ستشعر بتحسن كبير، وسيلاحظ ذلك مدرسوك وأهلك وكل من يتعامل معك، لأن هذا وقت مبارك ببركة دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والتميز والتفوق، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات