ما الحكمة من خلق الله للفاسدين أهل النار مع علمه بما سيفعلون؟

0 265

السؤال

أرجو عدم فهم سؤالي خطأ، ولكني كنت عاصيا وهداني الله برحمته، لكن هناك سؤال يوسوس به شيطاني إلي: لم يخلق الله شخصا فاسدا والله -عالم الغيب- يعلم أنه سيظل فاسدا ونهايته النار؟

شكرا مقدما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أيها الأخ العزيز- في استشارات إسلام ويب.

نهنئك -أولا- ونبارك لك ما من الله تعالى به عليك من الهداية والتوبة من المعاصي، وقد أحسنت حين أدركت أن ذلك كله برحمة من الله سبحانه وتعالى ولطف منه وإحسان، ونسأل الله لك الثبات على الهداية والتأييد والإعانة.

خير ما ننصحك ونوصيك -أيها الحبيب- أن تلجأ إلى الله تعالى بصدق واضطرار أن يثبتك على ما أنت عليه من الخير، وأن تعمل بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ، حين قال له: (يا معاذ: إني أحبك، فلا تدعن أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، وهذه الوصية كان يوصي بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أحبابه، بل وأحب الناس إليه، فقد أوصى عليا -رضي الله تعالى عنه- بأن يقول: (اللهم اهدني وسددني) وأوصى فاطمة ابنته -رضي الله تعالى عنها- أن تقول في صباحها ومسائها: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين)، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

خير ما نوصيك به أن تلجأ إلى الله تعالى بصدق واضطرار، وأن تسأله الهداية والتثبيت على الحق، وأن يصرف عنك مكر الشيطان وكيده.

أما ما ذكرته من حكمة الله تعالى من خلقه من يعلم سبحانه وتعالى أنه يفسد ولا يصلح، فجوابه: أن الله سبحانه وتعالى علم ما سيفعله العباد ولكنه خلقهم وترك لهم الاختيار، فلم يجبرهم سبحانه وتعالى على اختيار أحد الطريقين، ولكنه أقام عليهم الحجة، وأوضح لهم المحجة، وبين لهم طريق النار والجنة، كما قال سبحانه وتعالى: {وهديناه النجدين} وكما قال سبحانه في سورة الإنسان: {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا}، وأرسل الرسل، وأنزل الكتب، فقطع بذلك عذر من يعتذر من بني آدم، ولكنه سبحانه وتعالى يعلم من سيطيعه ومن سيعصيه، وهذا العلم لا ينافي أن للإنسان اختيارا فيما يختاره ويفعله، وقد خلق الله سبحانه وتعالى الشر والخير ابتلاء، كما قال سبحانه وتعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون}.

بوجود هؤلاء الفاسدين الذين يستحقون غضب الله تعالى وانتقامه تظهر آثار أسماء الله سبحانه وتعالى كالجبار، والعزيز، وكونه سبحانه وتعالى ذا انتقام، فلله سبحانه وتعالى حكم جليلة فيما يفعل، فإنه لا يفعل شيئا سدى، ولا يخلق شيئا عبثا.

هذا شيء مما أدركناه من حكمة الله تعالى من وراء خلقه للشر وأهله، وما يخفى علينا من حكم الله تعالى وأسراره في أفعاله أكثر مما ندركه، والواجب علينا التسليم لله سبحانه وتعالى والطاعة والانقياد.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يشرح صدورنا للإسلام والإيمان، وأن يزين الطاعة في قلوبنا، إنه جواد كريم.

مواد ذات صلة

الاستشارات