أعاني من التشتت والقنوط والبرود وأقلل من نفسي.. فما هو علاجي؟

0 177

السؤال

السلام عليكم

أنا بعمر 29 سنة، متزوج، لدي طفلة بعمر3 سنوات، أعاني من اضطراب نفسي يتزايد، ومن كثرة النسيان وعدم تدارك لأبعاد الزمن، فمثلا: أحاول تذكر مواقف صارت في حياتي أيام الدراسة.

لا أميز متى وقعت أيام الجامعة أم أيام الثانوية، حتى المواقف القريبة لا أميزها مع أنها حدثت قبل أسبوع، أو قبل شهر. أحداث تفوتني دائما! ومشكلتي الأخرى أني لم أحدد قرارا صحيحا في حياتي، وإن اتخذت قرارا فدائما ما أتخذ الأسواء وعدم النفع.

أعاني كذلك من عدم وجود بعد نظر في حياتي وتخطيط سليم، وأشعر دائما بأن التفكير متوقف في دماغي، وأتعبني التفكير في اللا شيء، وكلما حاولت التفكير في تخطيط حياتي العملية والمنزلية أشعر بالفشل.

كذلك التسرع في اتخاذ القرارات دون التأمل في عواقبها والتشاؤوم في الثقة، ثقتي في نفسي شبه معدومة، وظني أن الإنسان بلا ضمير هو الإنسان الكامل في شخصيته، حتى أني أجد إخواني كلهم حتى الأصغر مني أنفع مني، ومرتاحين نفسيا، رغم أننا عشنا نفس الظروف!

شخصيتي جدا انطوائية مع زملاء العمل وأهلي، وحتى في بيتي، ولا أعرف كيف أتبادل الحديث مع الناس، وبالأخص زوجتي، دائما ما يخيم علي الصمت والتفكير في اللا شيء، حتى أصبحت أتكاسل عن أداء العبادة، والصلاة، رغم أني كنت محافظا على الصلاءة وقراءة القرآن، والآن مع الأسف أصابني الإحباط في الحياة، وأداء العبادة لدرجة أني أصبحت أرى نفسي أني في النار، فهذا كتاب الله قد حل علي أن أكون من أهل النار، وأتراجع عن هذا التفكير، وهذا التناقض الذي أعاني منه قبل النوم.

سأعدد مشاكلي:-
1- التردد.
2- التناقض.
3- عدم تدارك الزمن.
4- عدم الثقة في النفس.
5- عدم الصراحة.
6- الصمت وتجنب الحوار مع الزوجة.
6- بارد المشاعر، غير جدي في حياتي، متكاسل.
7- قانط من رحمة الله.
8- كلما حاولت ممارسة الرياضة أفشل في اتخاذ القرار الأنفع.
9- أنتقص نفسي، مع عدم وجود عيوب في خلقتي -والحمد لله-.
10- أصبحت بذيء اللسان.
11- متررد.
12- حظي سيء جدا.
13- لدي رغبة في شرب التدخين والمخدرات.

مشاكلي كثيرة لم أعد أتذكرها، ولكني أريد الخطوة الأولى، علما أني أكره الأدوية حتى لو كنت مريضا جسديا لا أستخدم الأدوية تماما.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك جدا في استشارات إسلام ويب.

أيها الفاضل الكريم، التشتت الذهني وكثرة النسيان لها أسباب نفسية ولها أسباب عضوية، في مثل عمرك غالبا تكون الأسباب نفسية، ومن أهمها القلق النفسي، وعسر المزاج، وربما يكون أيضا نمط حياتك غير منتظم - كما ذكرت في رسالتك -.

أخي الفاضل، أعتقد أن إشكاليتك الرئيسية ربما تكون في البناء النفسي لشخصيتك، لذا لا بد أن تقابل مختصا في الأمراض النفسية ليقوم بالتدارس التام لشخصيتك، وأن تجرى لك الاختبارات التي تحدد أبعاد الشخصية، هذا مهم جدا.

هنالك شخصيات لديها ميول نحو التردد، نحو القلق، نحو الاكتئاب، نحو الإحباط، والعلاج هنا يكون من خلال المقابلات الشخصية، والعلاج النفسي السلوكي المكثف.

أزعجني حقيقة ما ورد في رسالتك حول أنك قانط من رحمة الله، أعوذ بالله من ذلك، هذا أمر وفكر غير مقبول، رحمة الله واسعة، والقنوط من رحمة الله قال عنه الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام: {ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون} وقال يعقوب عليه السلام: {ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون}. فالقنوط من رحمة الله أمر بشع وفظيع من وجهة نظري.

قولك أيضا لديك رغبة في شرب التدخين والمخدرات، أعتقد أنه إلقاء بالنفس إلى التهلكة، وأعتقد أنه دليل قاطع على أنك تريد إيذاء الذات، وإيذاء الذات نشاهده لدى الذين يعانون من اضطراب في شخصياتهم، وهذا حقيقة يحتم بالفعل أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي.

أخي الكريم، بالرغم من كل هذه القتامة والتشاؤم أنا أرى أن هنالك أملا بل آمالا عظيمة في أن تتغير أمورك وتصبح أكثر إيجابية؛ لأن حياتك فيها ما هو جميل، هنالك الزوجة، هنالك الذرية، فأعتقد أن فرصة التغيير الإيجابي موجودة في حياتك، والتطور المهني والاجتماعي سوف يساعدك على المزيد من الاستقرار النفسي، وفي ذات الوقت يجعلك أكثر قبولا لذاتك.

قبول الذات يتأتى من خلال الإنجازات، والإنجازات هي أحسن وسيلة لتطوير الذات، والإنسان إذا اعتمد على مشاعره أو أفكاره لن يتقدم حين تكون هذه المشاعر أو هذه الأفكار سلبية، لكن حين تكون الأفعال إيجابية في جميع الأحوال يتطور الإنسان ويتقدم، وحتى فكره ومشاعره سوف تأخذ المنحى الإيجابي، فأرجو أن تسير في هذا الطريق.

أخي الكريم، أيضا أنصحك بالاطلاع على المنهجية اليابانية لتطور الذات، والمعروفة باسم (كازين Kaizen) ، أعتقد أنك إذا اقتنعت بها واتبعتها كمنهجية سوف تساعدك.

خلاصة الأمر: أرجو أن تذهب وتقابل الطبيب النفسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات