الانطواء وضعف الثقة بالنفس، هل من حل عملي لهما؟

0 174

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، كنت منطويا منذ الصغر، ولم أكن أحب التعامل مع الناس أو الخروج، فقط أحب قضاء الوقت وحيدا في المنزل، لكن عندما دخلت الجامعة شاء الله أن يجمعني ببعض الأصدقاء الذين غيروا حياتي إلى حد ما، فقد كنت أحب الجلوس معهم، ولم أعد أحب الجلوس في المنزل.

بدأنا نتقابل، ونخرج كل يوم تقريبا، ومع مرور الوقت بدأت أتخلص من الخجل والانطواء (أو هذا ما كنت أعتقده) لكن -للأسف الشديد- مع مرور الوقت والاختلاط بالناس اكتشفت أن الانطواء لم يكن المشكلة الوحيدة لدي، أو ربما كان للانطواء أبعاد أخرى، أو أنني لم أدرك المفهوم الصحيح للانطواء، فمع القليل من البحث في الإنترنت اكتشفت أن لدي مشاكل نفسية أخرى، وهي:

(1) ضعف القدرة على الحديث وإبداء الرأي؛ فعندما أجلس مع شخص معين في السيارة –مثلا- أو في أي مكان أحب أن ألتزم الصمت، ولا أتحدث إلا عندما يتم توجيه الكلام لي، فأنا أفتقر للطريقة التي أعبر بها عن رأيي؛ حيث أجد أن جميع الجالسين يشاركون بعضهم الأفكار، ويتناقشون،
وأنا أجلس بينهم صامتا لا أجد ما أقول!.

(2) التفكير أكثر من اللازم، لا أجد في الحقيقة تفاصيل أذكرها في هذه المشكلة، لكن أبسط مثال هو التفكير الشديد: هل يجب أن أعرض مشكلتي في إسلام ويب أم لا؟ وما الذي أقوله في الاستشارة؟ وها أنا أكتب استشارتي بعد ساعات من التفكير.

(3) مقارنة نفسي بالآخرين، وشعور بالنقص، وأني ألقي اللوم على الانطوائية التي كنت فيها منذ الصغر؛ هل هي السبب بأن لدي كل هذه المشاكل التي لم تجعلني أعيش طفولتي؟ وبهذه المشاكل لن أتمكن حتى أن أعيش شبابي.

فأنا أقوم بمراقبة الناس، وأتمنى أن لدي شخصية مثل ذلك الشخص، أو أن عشت حياة ذلك الشخص، أو حتى لو لدي شكل ذلك الشخص، أشعر أن الناس يعيشون حياة أسعد مني بكثير. وطبعا جميع هذه المشاكل سببت لي ضعف ثقة في النفس.

أنا قمت بالبحث، وقرأت الكثير عن مشاكل مشابهة لي، لكني أجد فقط حلولا تحفيزية، وليس حلا جذريا، مثل: اطرد التفكير السلبي. قو إيمانك بالله. أو حتى قم بممارسة بعض النشاطات، وأشغل نفسك. ولا تحاول مقارنة نفسك بأحد.

فأنا من الطبيعي جدا أن أحاول القيام بجميع تلك الأشياء، فأنا الآن أعمل، وأقوم بممارسة الرياضة في النادي، وأخرج مع أصدقائي، وفوق كل هذا لدي أمل أني سأصل إلى الشخصية التي أريدها، وسأصلح تلك المشاكل، فلم أيئس بعد، لكني أريد حلولا عملية أكثر، وأدوية ربما.

آسف على الإطالة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

من رسالتك يتضح لي أن تقديرك لذاتك فيه شيء من السلبية، وهذا قد يكون اكتسبته من خلال شخصيتك كما ذكرت، ومن خلال اطلاعاتك على الإنترنت، ونسبة لتفكيرك السلبي حول ذاتك تكونت لديك انطباعات سالبة عن نفسك، وهذه إشكالية كبيرة حقيقة تواجه الكثير من الشباب، خاصة الشباب الحساس أو الميال للقلق وللوسوسة والتردد، تكثر لديهم أحاديث النفس والسجال معها وهيمنة الفكر السلبي.

أيها الفاضل الكريم: أنت قمت بالاطلاع -كما ذكرت وتفضلت- ولم تجد حلولا حقيقية، وأنا أقول لك: أولا، لا أريدك أن تشخص نفسك أبدا، ما ذكرته هي مجرد أفكار قد تكون صحيحة وقد تكون خاطئة، هذا مهم جدا.

ثانيا: الإنسان لا يستفيد أي شيء من السلبية؛ لذا يجب أن يكون منهجه إيجابي، الإيجابية في كل شيء، في الفكر وفي المشاعر وفي العمل، والمشاعر الإيجابية تصنع، وكذلك التفكير الإيجابي. فاجعل لنفسك منهجا حياتيا جديدا يقوم على الفكر الإيجابي، يقوم على وضع مشاريع مستقبلية، وتضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، وكما نذكر دائما فإن الإنسان له مكونات سلوكية معروفة يمكن أن نختصرها في مثلث، ضلعه الأول الأفكار، وضلعه الثاني المشاعر، وضلعه الثالث الأفعال.

الفكر حين يكون سلبيا، وكذلك المشاعر، لا سبيل ولا وسيلة ولا طريقة ولا مخرج للإنسان إلا أن يكثر من الأفعال الإيجابية مهما كانت المشاعر؛ لأن هذه هي الوسيلة والطريقة الوحيدة التي تبدل مشاعره وتجعلها أكثر إيجابية وكذلك أفكاره، وحين تتحول الأفكار والمشاعر لتصبح إيجابية؛ يصبح هنالك المزيد من الأفعال.

وارسم لنفسك خارطة طريق فكرية، تبحث من خلاها حول أفضل الطريق لبناء مستقبلك.

هذه هي الحلول، وأنت صغير في السن، ولديك طاقات نفسية ممتازة جدا، ركز على دراستك، ركز على بر والديك، وابن صداقات فاعلة وممتازة، واحرص دائما على أمور دينك...، هذه هي فواتح الخير ومفاتيحه، وأنا على ثقة أنك إذا أعدت تقييم ذاتك بصورة أكثر إيجابية وقبلت ذاتك وتفهمتها ثم اجتهدت من أجل تطويرها، هذا هو الحل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات