كيف أتعامل مع الحياة رغم ضغوطها الكثيرة؟

0 242

السؤال

السلام عليكم

كنت طفلا أعامل معاملة قاسية، لأني الولد الأكبر، علما أني كنت متمردا بطبعي، وعنيد جدا, فأورثني إحساسا أنه لا أحد يحبني! وكبرت على هذا المبدأ.

علما أن والدي دائم العمل، فلا نراه سوى بضع ساعات في الشهر، أتعامل بقسوة في الرد على أي موضوع، وهذا ما اتضح لي جليا بعد ذلك.

لا أعرف مردود أفعالي بالمستقبل، وقد تخرجت من بكالوريوس التجارة، ثم بعد ذلك التحقت بأحد المعاهد للحصول على بكالوريوس الهندسة، وهنا بدأت أتعرف على عقدي الداخلية أكثر وأكثر، حيث أني صادفت الكثير من الناس وباطنهم غير ظاهرهم، فصدمت بالواقع أكثر وأكثر.

كنت أفضل أن أعيش دائما بالخيال، علما أني أحب الكرتون كثيرا، لأنه لا يوجد به مشاكل، فكنت أتخيل نفسي سوبر مان، أو أي شيء من هذا القبيل، لكي أدخل السرور على نفسي، وأحاول أن أترك هذا الخيال وأعيش في الواقع، فتحررت منه بنسبة 50% وأكثر، ومع زيادة المشاكل دخلت إلى دوامة المخدرات (حشيش) لكي أبتعد عن مشاكل الواقع، وقد أفاض الله علي وتركت، وأنا أتماثل للشفاء منها، ومنذ نحو 9 أشهر لا أدخلها فمي.

رأيت تغيرا كبيرا في شخصيتي، وأصبحت انعزاليا بالرغم من أني كنت اجتماعيا، أصبت بالبلادة وصعوبة في استرجاع المعلومة، وأيضا في الحفظ والفهم البطيء، والتلعثم في الكلام أحيانا.

المشكلة الأكبر شرود الذهن وصعوبة التركيز، وأرجع نفسي ثم أشرد مرة أخرى، فأمل من نفسي، وأصاب بالوقفة الدماغية، ولا أعرف لها مصطلحا علميا.

في الكمبيوتر أرى صاحبي ولم أره منذ مدة، فيقول ما أخبارك؟ وماذا تعمل؟ فأقف عاجزا عن الرد لبرهة، وأحيانا أرد بكلام غير مفهوم، وأحيانا أكذب، لأني لا أستطيع أن أجمع شتات نفسي.

أصبح الأمر ملحوظا من جميع الناس، ضعف في الانتباه والشرود الدائم، والاكتئاب والكسل والعجز التام، وانعدام الثقة في النفس وفي إمكانياتي، وعلى قدرتي في أداء فعل معين، وعدم الثقة في الناس لما مررت به من مشاكل مع أمي وخطيبتي وأصحابي وأبي، والكل يبوح بالأسرار، بل ويكذبون ويغيرون المواقف بدافع النفع الشخصي.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بكر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي: لا أحد ينكر المردود السلبي للتربية القاسية، لكن أود أن أذكرك بأمر مهم، يجب ألا تقيم نفسك أو تربيتك سلبيا، كثيرا ما تكون أحكام الناس ليست دقيقة وليست صحيحة، وأنا على ثقة كاملة أن ذويك - خاصة الوالدين - حين يتعاملوا معك بشدة وقسوة من مفهومك لم يكونوا يقصدون ذلك أبدا، كانوا بالفعل يريدونك أن تكون أنت الأفضل، لأنك أنت الأكبر، وهذا أمر طبيعي جدا.

الأمر الآخر: هذه المرحلة في حياتك تم تجاوزها تماما، ويجب أن تعتبرها خبرة يجب أن تستفيد منها، تستفيد أنت منها في تربية أبنائك، تستفيد أنت منها في ترسيخ المفاهيم التربوية الإيجابية بصفة عامة، والحمد لله تعالى، أنت أكملت تعليمك، وتحصلت على درجتك العلمية، واستطعت أيضا - وبتوفيق من الله تعالى - أن تتخلص من تعاطي الحشيش بعد الانغماس فيه.

أرى أن المردود النفسي عليك يجب أن يكون إيجابيا، يجب أن تكافئ نفسك بمشاعر أكثر إيجابية، وكل الأعراض التي تعاني منها هي أعراض قلقية، مع هيمنة المشاعر السلبية، وهذا كله قطعا أدى إلى ضعف في التركيز واهتزاز الثقة بالنفس.

إذا تغيير المفاهيم، تغيير الأفكار، تبديل المشاعر، الاجتهاد بأن تكون شخصا فاعلا، هذا هو المطلوب منك - أيها الفاضل الكريم- ولا تتحسر ولا تتأسف على الماضي، ولا تخاف من المستقبل، كله -إن شاء الله تعالى- خير.

غير نمط حياتك، أكثر من الاطلاع، من اكتساب المعارف، احرص على النوم الليلي المبكر، فهو يؤدي إلى استرخاء نفسي وجسدي، ويحسن التركيز. تلاوة القرآن الكريم بتدبر وبتمعن تحسن التركيز جدا، والتفاعل الاجتماعي الإيجابي أيضا يحسن التركيز.

هذه هي الأسس التي يجب أن تعتمد عليها في التعامل مع ذاتك من أجل تطويرها، وذهابك إلى طبيب لإجراء فحوصات عامة أيضا يعتبر أمرا جيدا، يجب أن تتأكد من وظائف جسدك العامة، وكذلك قوة الدم لديك، ووظائف الكبد والكلى، ومستوى السكر، ومستوى الفيتامينات، ومستوى وظائف الغدة الدرقية، هذا كله مطلوب، وهي فحوصات سهلة جدا وروتينية، ومعرفة نتائجها أعتقد أنها مهمة.

بالنسبة للعلاج النفسي الدوائي: يمكن أن يصف لك الطبيب الذي ستقوم بمقابلته أحد محسنات المزاج البسيطة، عقار (بروزاك Prozac) والذي يسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) دواء ممتاز، ومصر بها مستحضر محلي يعرف تجاريا باسم (فلوزاك Flozac) تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم اجعل الجرعة كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات