الشخصية القلقية وأعراضها

0 401

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

بداية أشكر لكم تعاونكم ومساعدتكم للكثير من الناس الذين استفادوا من موقعكم هذا سواء من الأعضاء أو الزوار للموقع، فعملكم هذا مهما تحدثت ومدحت فيه لن أوفيكم حقه، فجعله الله بموازين حسناتكم، وجزاكم عنا خير الجزاء.

أنا شاب في بداية (٢٦) من عمري، طالب جامعي، أعاني من أعراض كثيرة، وسأختصرها بنقاط؛ لكي لا أطيل عليك -أستاذي- وهي كالتالي:
١) تقلب في المزاج يوميا، وأحيانا يصل بي الحال إلى تقلبين في اليوم، وهي تقريبا معتمدة على حسب ظروفي وأعمالي في ذلك اليوم.

٢) أعاني من الوسواس القهري منذ (٧) سنوات تقريبا، وحالتي فيه هي أفكار تدور برأسي، وأعطيها وقتا طويلا من الحرب مع نفسي، مثال مختصر على ذلك هو: أني أفكر أحيانا في دراستي بإحدى المواد، وأقول: سوف أنجح بمعدل ممتاز، فيأتي رد من داخلي ويقول لي: إنك سوف تنجح بمعدل مقبول. وأعود وأقول لنفسي: لا، سوف أنجح بممتاز، وأستمر على هذه الحرب بداخل عقلي لمدة دقائق، وقد كنت في السابق لساعات، ولكن بعد أن قرأت عن هذا المرض خفت حالتي نوعا ما.

٣) أعاني من قلق أيام الاختبارات وخوف يوصلني هذا إلى عدم القدرة على التركيز، وانخفاض مستواي الدراسي، ونتائجي، مع العلم بأني طالب متفوق ومجتهد منذ صغري -ولله الحمد والمنة- وغالبا أذهب للاختبار، وأنسى وأتلخبط وأضيع بعض المعلومات، وحالما أخرج من قاعة الامتحان تعود إلي المعلومات، وأبدأ بتأنيب الضمير.

٤) أعاني من صعوبة النوم هذه الأيام، وحتى لو كان بي نوم لا أستطيع النوم، وأحيانا أنام وأستيقظ بعد ساعة أو ساعتين من نومي، وهذه الحالة لا تأتيني إلا أيام الدوام، وفي الإجازات لا أعاني منها، والقلق والخوف يكون قليلا بالإجازات.

٥) أخاف من إنجاز مهامي، وأحمل همها، وغالبا إذا حملت هما بزيادة؛ لا أفعل شيئا منها، وأحاول التهرب منها طوال اليوم.

٦) أعاني أحيانا من النسيان، مثل أن أنوي إنجاز مهام لي أرتبها بعقلي، وحين يأتي وقتها لا أستذكرها كاملة، وأحيانا أنسى المهم منها، وحتى في مقالي هذا قد رتبت مشاكلي ولخصتها في ذهني قبل يوم، والآن لم أستذكرها جميعا، ولكن أتمنى أني قد سددت وقاربت للتوضيح لكم عن معاناتي.

٧) لدي عدم ثقة بالنفس أتتني بالآونة الأخيرة منذ سنة تقريبا، مع العلم أنني لا أخجل من الناس، وإنسان اجتماعي.

٨) يتعبني جدا التفكير بالمستقبل وبالوظيفة والدراسة حاليا، ويأتيني شعور بالخوف والقلق حينما تراودني هذه الأفكار.

٩) أعاني من فقدان لذة الحياة في بعض الأشياء، وليست كأيام زمان، مع العلم أن حياتي الآن أفضل من السابق، ولكن لا أستمتع بلذتها.

وفي الآونة الأخيرة بعد أن قرأت عن الأمراض النفسية، وقرأت عن بعض الحالات المشابهة لحالتي؛ قررت أن أستعمل دواء سيروكسات (١٢.٥) وبدأت أستعملها منذ يومين، وأحسست بتحسن بسيط جدا، فأريد منك -أستاذي الفاضل- توضيح مشكلتي وإرشادي بخصوص الدواء، هل أستمر عليه أم أزيد الجرعة أم أنك ترى دواء أفضل منه فعالية بالنسبة لحالتي؟

وجزاكم الله خير الجزاء، ويعلم الله أني أدعو لكم وللقائمين على الموقع جميعا لما تقدمون من عون ومساعدة لإخوانكم المسلمين، وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا جزيلا على كلماتك الطيبة في حقنا، ونسأل الله العلي القدير أن يوفقنا لخدمة الجميع وتقديم النصح والإرشاد لكل الذين يتصلون بنا أو يراسلوننا.

قرأت رسالتك بإمعان، وواضح جدا أنك من الذين يعانون مما يعرف بالشخصية القلقة، والشخصية القلقة دائما حساسة وتتأثر، ومنظمة، ومرتبة، وتريد أن تنجز الأعمال، تكون جدية، وتحسب الأمور، وتحمل هما لكل شيء، وهذا سبب الأعراض النفسية المختلفة التي تعاني منها من وسواس، إلى أرق، إلى رهاب، إلى عدم تركيز أحيانا، وهذا أدى إلى الشعور بالاكتئاب.

وفي هذه الحالة ينبغي أن يكون العلاج في محورين:
• المحور الأول: علاج دوائي لفترة محدودة.
• المحور الثاني: علاج نفسي لمساعدتك في التحكم، أو في التخفيف من أعراض القلق الذي يلازمك في شخصيتك وفي حياتك العادية.

الـ (زيروكسات Seroxat) علاج مفيد للقلق وللاكتئاب معا، ولذلك فهو يناسبك، الجرعة عادة عشرون أو خمسة وعشرون مليجراما يوميا، وقد بدأت بـ (12,5) مليجرام، أنصحك بالاستمرار في جرعة (12,5) مليجرام لمدة أسبوع، أو عشرة أيام، وبعدها يجب عليك زيادة الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجراما يوميا ليلا، وعادة لا يبدأ مفعول الدواء إلا بعد أسبوعين من بداية العلاج، والتحسن أو التغلب على هذه الأعراض تحتاج إلى شهرين، وبعدها يمكن الاستمرار عليه لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر وسحبه تدريجيا، أي: مثلا سحب ربع الحبة كل أسبوع حتى يتوقف تماما.

ولكن الأهم من ذلك: عليك بالعلاجات النفسية التي ذكرتها، وبعضها يمكن القيام بها: الرياضة من أكثر الأشياء التي تؤدي إلى الاسترخاء البدني والنفسي، رياضة المشي خاصة، فلتجعل لك جدولا للمشي يوميا في حدود نصف ساعة، إذا تعذر إجراء تمارين رياضية في بيتك أو شقتك.

الاسترخاء أيضا يمكن أن يكون استرخاء للعضل (الاسترخاء العضلي) أو بالتنفس. المحافظة على الصلاة، الذكر وقراءة القرآن تؤدي إلى الطمأنينة والسكينة والراحة النفسية، وتجعل الإنسان يتوكل على الله ولا يحمل هم الغد، وإذا كان في الإمكان الاستعانة بمعالج نفسي؛ لعمل جلسات نفسية دعمية أسبوعيا، مع مساعدة الحبوب فيكون هذا أفضل.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات