والديّ يطلبان مني الرجوع إليهما وإيقاف الدراسة.. ماذا أفعل؟

0 159

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب مبتعث إلى الخارج، وباقي لدي سنة ونصف على تخرجي بإذن الله، وبفضل الله حصلت على وظيفة في بلدي، أبي وأمي يريدون مني العودة لمباشرة وظيفتي، وأنا رغبتي أن أكمل دراستي، هل طاعتهم واجبة علي في هذه الحالة؟ على الرغم أني لست ابنهم الوحيد، فيوجد من هو أكبر مني، ومن هو أصغر سنا، وإذا لم تكن طاعتهم واجبة، فهل هي مستحبة أم لا؟

علما أني شخص متزوج، وأنا وزوجتي نفضل الاستمرار بالدراسة لبناء مستقبل أفضل بإذن الله.

أفيدوني، جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد محيا حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فردا على استشارتك أقول:
فأذكرك أيها -الأخ الكريم- بأن طاعة الوالدين واجبة على جميع الأبناء مجتمعين ومنفردين على سبيل الدوام طالما ومطلبهما ليس فيه معصية لله تعالى، فإذا أمرا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق فالوالدان هما سبب وجودك في هذه الحياة وقد ربياك وتعبا في ذلك حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، وقد قرن الله طاعتهما بعبادته سبحانه فقال: {وقضىٰ ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناۚ}، وحثنا رسولنا عليه الصلاة والسلام على بذل الجهد في خدمتهما وقضاء حوائجهما وبين لنا أن من خير الأعمال عند الله تعالى برهما، وأنه خاب وخسر من أدرك أبويه أو أحدهما عند الكبر ولم يغفر له، ولذا كان حق الآباء كبيرا والتفريط فيه إثم عظيم.

ومعلوم أنه لا يوجد أحد على ظهر الأرض يريد أن يكون غيره خيرا منه إلا الوالدان، والسبب في هذا أن الولد قطعة من أبيه، ولذلك فاستمرارك بالدراسات العليا أفضل من عودتك من الناحية المادية، وأنا أشجعك على ذلك؛ لأن هذه فرصة قد لا تعوض وقد لا تتمكن من السفر لإكمال دراساتك العليا مرة أخرى، لكن ما تصبو إليه لا يعدو كونه أمرا مباحا بخلاف طاعة الوالدين فواجبة أيا كان مطلبهما.

وإذا تعارض الواجب مع المستحب فيقدم الواجب، لكن قد لا يكون ولداك يفكران بما تفكر به أنت، فنصيحتي أن تتواصل معهما وتقنعهما بوجهة نظرك، ولعلهما يتفهمان ويوافقان على بقائك للدراسة، فهما أحرص الناس على مصلحتك، فإن لم يقتنعا فاستعن عليهما بعد الله بإخوانك وأعمامك وأخوالك -وإن شاء الله- يتم إقناعهما بذلك، وبهذا تكون قد حققت برك بوالديك وما تصبو إليه، فإن لم يقتنعا فأطع والديك وعد لوظيفتك؛ ففي ذلك خير وبركة عليك بإذن الله في الحال والمستقبل.

ثم إن التعليم ليس له سن معينة، فالإنسان يتعلم ويتعلم حتى يدخل القبر، فالعلم من المهد وحتى اللحد، ونحن نرى أناسا التحقوا بالتعليم على كبر، ومع ذلك نجحوا نجاحا كبيرا فلعل الله ببركة برك بوالديك يهيئ لك الفرصة مرة أخرى لتكمل دراستك.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يرقق قلبي والديك كي يوافقا على مطلبك إنه سميع مجيب.

مواد ذات صلة

الاستشارات