أنا شخص ملتزم وفي هذه الأشهر الأخيرة صرت متكاسلاً

0 207

السؤال

السلام عليكم

أريد الإرشاد والنصيحة، أنا شخص ملتزم منذ أكثر من عام، وحاليا أصلي الصلاة في وقتها، ومع الجماعة، والنوافل والرواتب، وأصوم الاثنين والخميس، وأذكر الله أحيانا، وأحضر مجال العلم، ولا أشاهد الأفلام وأسمع الأغاني، ولا أخالط رفاق السوء.

في هذه الأشهر الأخيرة صرت لا أشعر بالطمأنينة، وأتهاون في المعاصي، وأسهو في صلاتي وأشعر أني مقصر جدا في العبادات، ولا أرتاح، حتى إن صليت في الوقت وفي جماعة، وأشعر أني مشتت! حتى إذا أردت أن أحفظ شيئا من القرآن أتكاسل وأنسى ما حفظت!

انصحوني بارك الله فيكم.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، وأن يعينك على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يجعلك من أحب عباده إليه، وأن يوفقك لطاعته ورضاه.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإني أحب أن أبشرك بأمر بينه لنا نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (لكل شيء شرة، ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته لسنتي فقد هدي، ومن كانت فترته في غير سنتي فقد ضل) أو كما قال -صلى الله عليه وسلم-.

معنى هذا الكلام أن الإنسان في أول حياته في الالتزام يكون نشيطا وقويا، ويكون حريصا على الطاعة، ويحقق درجات عالية في الالتزام، ثم تأتي فترات يضعف فيها ويصاب بنوع من الفتور والضعف، وهذا أمر يحدث لكثير من الناس، والدليل على ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- أن كل شيء له فترة، يعني له ثورة، وله فورة، وله قوة، وله نشاط، ثم بعد ذلك يعتريه نوع من الفتور، إلا أن النبي بين -عليه الصلاة والسلام- أن هذا الفتور إذا لم يخرج الإنسان من دائرة أداء الواجبات التي فرضها الله عليه فهو ما زال على الحق، أما إذا أدى به أن يتوقف عن الطاعة ويتوقف عن العبادة، فهذا هو الخطر الذي بينه النبي -صلى الله عليه وسلم-.

الذي حدث معك شيء عادي، ولكن المهم ألا تتساهل، والمهم ألا تتراخى، وأن تعلم أن هذه فترة وسوف تمر، فتحافظ على أن تتمسك بما يمكن أن تتمسك به من الطاعة، على الأقل تحافظ على الصلوات الخمس في أوقاتها، وتجتهد أن تكون في المسجد في جماعة، وإذا كنت لا تستطيع مثلا أن تقرأ وردا من القرآن - مثلا جزءا كاملا - من الممكن أن تقرأ صفحتين أو نصف جزء، وإذا كنت - بالنسبة للصلوات النوافل - لا تستطيع أن تؤدي مثلا أربع ركعات سنة قبلية من الممكن أن تصلي ركعتين، صيام الاثنين والخميس إذا كنت لا تستطيع من الممكن أن تصوم الاثنين أو الخميس، المهم أنك لا تترك، حضور مجالس العلم بل تجتهد، إذا كنت تحضر مثلا كل يوم من الممكن أن تحضر بعض الأيام.

هذا سيجعل الأمر يمر عليك وتستعيد -بإذن الله تعالى- لياقتك وقوتك التي كنت عليها من قبل.

فيما يتعلق بالحرام، فالحرام ينبغي أن يترك في جميع الأحوال، لأن الحرام ليس فيه نوع من التدرج، أما بالنسبة للتكاليف فإن النبي صلى الله عليه وسلم- أنزل الله عليه قوله: {فاتقوا الله ما استطعتم} والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن أمر فانتهوا).

المهم ألا تضيع الفروض، وألا تضيع الأركان، وأن تجتهد في المحافظة ولو على القليل من السنة، وتجتهد في الزيادة، بمعنى: لا ينبغي - أخي الحبيب - أن تستسلم لهذه الحالة التي أنت عليها الآن، ينبغي عليك أن تقاوم، لأنك لو تساهلت الآن فسوف يؤدي ذلك إلى مزيد من التنازلات، وبالتالي ستفقد حلاوة الطاعة وحلاوة العبادة، وستفقد أيضا نعمة الأنس بالله والقرب من الله تعالى، وأنت تعلم أن الله تبارك وتعالى جل جلاله أراد منا أن نكون إيجابيين، فأراد منك أن تكون إنسانا إيجابيا، ومعنى إيجابي: ألا تستسلم، وأن تجتهد في أن تقاوم هذه السليبة.

أما أن الإنسان يترك العبادات ويقول إن الله سيهديني، هذا ليس صحيحا، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أن (من تاب تاب الله عليه)، إذا لا بد أن أتوب أنا حتى يتوب الله علي، والله تبارك وتعالى قال: {ويزيد الله الذين اهتدوا هدى} إذا عندي هداية الله يزيدنا عليها هداية، ويقول الله تبارك وتعالى: {أجيب دعوة الداع إذا دعان} بشرط: {فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي}.

أيضا نفس النظام، النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث التوبة يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (من تقرب إلي شبرا تقربت منه ذراعا) فإذا لا بد أن أبدأ أنا بالخطوة الأولى، فينبغي عليك - بارك الله فيك/ أخي محمد - أن تبدأ بهذه الخطوة، وألا تستسلم، أما إن مكثت في الحال الذي أنت عليه قد تفقد نصرة الله تعالى، وقد تفقد تأييد الله تبارك وتعالى لك.

أتمنى ألا تستسلم، واجتهد، وقاوم، وعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى، ولا تستسلم، وأبشر بفرج من الله قريب، وستذهب هذه الحالة في أسرع وقت بإذن الله.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات