أعاني من نوبات الهلع المتكررة والوساوس... فكيف أتغلب عليها بدون أدوية؟

0 170

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة أبلغ من العمر (19) سنة، في السنة الثالثة في الجامعة، أصبت قبل ستة أعوام بنوبة هلع شديدة لم أكن أعرف ما هو سببها، استمرت معي لمدة ثلاثة أسابيع تقريبا، كنت لا أستطيع فيها النوم، وكانت تأتيني أفكار وسواسية لا أستطيع طردها من رأسي أو التوقف عن التفكير بها، وصاحبها الخوف الشديد من الموت، وما بعد الموت، فكنت أشعر بأن حياتي لا معنى لها، وأنني سأموت في النهاية فلماذا أعيش وأفرح؟

بعد شهر زالت هذه الأعراض -والحمد لله- عدت لممارسة حياتي بشكل طبيعي، وبعد سنتين بالضبط عادت لي النوبات مجددا بنفس الأعراض، واستمرت لمدة أسبوعين، وبعدها زالت وعدت طبيعية مرة أخرى، بعد سنة بالضبط منذ آخر نوبة أصبت بها، أصبت بالأرق وصعوبة في النوم، مع الأفكار السواسية التي تقول لي بأن النوبات ستعود لي، فأصبحت أعيش في رعب عودتها مجددا، أصبحت لا أذهب للفراش للنوم إلا عندما أشعر بنعاس شديد، حتى لا أجعل رأسي يأتي بهذه الأفكار مجددا.

كنت عندما أرى الجميع يعيشون وينامون بسلام أشعر بالحزن على حالتي التي أنا بها، وأسأل نفسي إلى متى سوف تستمر معي هذه الحالة، وبعد مرور مدة من الزمن تمكنت من التعايش مع الوضع، وكانت تأتيني نوبات هلع خفيفة كنت أستطيع السيطرة عليها، فأصبحت تأتيني ليوم أو يومين وتزول، ولكن قبل خمسة أيام أصبت بنوبات هلع شديدة مشابهة للتي أصبت بها في السابق، ويصحب هذه النوبات أفكار تشاؤمية تقول لي بأنني سأظل هكذا طوال عمري، سأظل مريضة بنوبات الهلع ولن أستطيع أعيش حياتي بشكل طبيعي كباقي الناس، ولن أستطيع الزواج مستقبلا، ولو تزوجت سأتطلق من هذه الأفكار السوداوية، أريد أن أتخلص منها لأنها أتعبتني كثيرا، مع العلم أنني لم أخبر أحدا بها لأنني لا أريد أن أحزن عائلتي.

ما هو الحل فأنا لا أريد أن ألجأ للأدوية النفسية، أريد التغلب على هذه النوبات من غير الأدوية،
أرشدوني أرجوكم ولكم خالص التقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

يا سلام عليك –يا ابنتي سارة– بالرغم من صغر سنك، لكنك استطعت أن تشرحي أو توصفي ما تحسين به بدقة متناهية -ما شاء الله- لك شخصية متماسكة أو لك شخصية قوية -والحمد لله تعالى- وأنت فعلا استطعت أن تتغلبي عليها بدرجة كبيرة، نوبات الهلع التي انتابتك، المخاوف الوسواسية، الوسواس، استطعت أن تتعايشي معها كما ذكرت، وألا تدعيها تفسد حياتك بدرجة معقولة جدا، وأستطيع أن أطمئنك قبل أن أشرح ماذا عليك فعله، إنك في الطريق الصحيح، هذا مسار طبيعي لهذه المشاكل النفسية في سنك، عادة تبدأ في مقتبل العمر، في هذا السن، وتأخذ مسارا أنها تزداد ثم تتوقف ثم ترجع، ولكن بمرور السنين -إن شاء الله تعالى- تبدأ في التلاشي والذبول حتى تنتهي تقريبا.

ولكن لا نريدك أن تعاني هذه الفترة، هناك عدة طرق نفسية للتخلص من التفكير الوسواسي، وأهم شيء لكي نتخلص من التفكير الوسواسي هو أن نعرف كيف يحصل التفكير الوسواسي.

هذه الأفكار تتسلل إلينا، ليس لنا يدا في بدايتها، ولكنها تتسلل غصبا عنا، بالرغم أن ما يدور هو داخلنا نحن، ولكن ليست لنا يد في بدايتها أو في جعلها تبدأ، تتسلل إلى داخلنا غصبا عنا، وتبدأ في التكرار، ونبدأ في المقاومة ونفشل، ويحدث القلق والضيق. وأحيانا نقوم بعمل أشياء ما لإراحة أنفسنا من القلق والضيق، ويكون هذا لفترة وجيزة، إذ ما تلبث أن تعود. لا نتحكم فيها، تأتي غصبا عنا، تتسلل إلينا، فيجب أن نتعلم خدعا أخرى، نتعلم أن نفكر إراديا في أشياء أخرى، ونترك مقاومة هذه الأشياء.

فكري في أشياء جميلة فعلتها في الماضي، حصلت لك، زيارات قمت بها مع أسرتك، استمتعت بها، فكري في هذه الأشياء، رحلة قمت بها، سفرة سافرتها إلى مكان ما واستمعت بها، استعرضي في مخيلتك ماذا حصل، كل الأشياء الجميلة التي فعلتها مع أهلك، مع صديقاتك، تذكري الأشياء الجميلة في المدرسة، تذكري الأشياء الجميلة مع صديقاتك، تذكري ما كنت تفعلينه في الطفولة... هذا يمكن أن يطرد هذه الأفكار، وهذه الأشياء تحل محل هذه الأفكار تدريجيا وتتوقف، إذ لا مكان لها الآن. هذه واحدة من الطرق.

واحدة من الطرق الأخرى أيضا، هي: أن نقوم بفعل شيء، شيء عملي، أي شيء في المنزل، مثلا: ممارسة رياضة، أو حتى طبخ، شيء ما في المنزل، أو إعداد وجبة، أن نكثر من الحديث مع الآخرين، والاجتماع بهم، ونقلل من الجلوس لوحدنا بقدر المستطاع، لأن هذه هي أوقات تسلل هذه الأشياء إلينا، مشاهدة برامج مسلية في التلفزيون، وقبل وبعد ذلك وفي كل الأوقات: التوجه إلى الله، الصلاة، الدعاء، الذكر، فإن هذا يؤدي إلى الطمأنينة والراحة النفسية ويبعد عنا هذه الوساوس والقلق.

وفقك الله وسددك خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات