الوسواس أرهقني، حتى أصبحت أدعو على نفسي بالموت

0 156

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من وسواس أرهقني وأعياني جدا، حتى أنني أصبحت أدعو على نفسي بالموت والهلاك.

لا أستطيع الحديث مع الناس، وأعمل حركات غريبة بوجودهم، يجبرني الوسواس عليها، فيقول لي لو لم تفعل كذا سيحدث لك أو لأحد من أحبابك كذا وكذا، فأضطر للفعل الغريب مثل: النظر في الأرض لوقت طويل، أو تحريك رأسي بشكل سريع، أو كتم النفس لفترة من الوقت حتى أكاد أختنق، أو أن أنظر في وجه الشخص الذي أمامي، أو إلى أنفه أو أذنه لفترة طويلة مما يجعله ينفر مني ويظن بي الظنون.

أعاني من وسواس الكلام فمثلا: لو قرأت أو سمعت أو خطرت ببالي كلمة معينة مثل (ضرب) يأتيني الوسواس مباشرة ويقول: (زوجتك ضربت)، وقس على ذلك كل الكلام، وكل مكروه وأفعال لا أستطيع كتابتها ولا ذكرها، أخاف على زوجتي جدا، وأحبها جدا، وهذا الوسواس يرهقني.

وأيضا يأتيني الوسواس بأني لا أحبها ونحوا من ذلك، ولكني أحبها وأضطر لإثبات أنني أحبها فأستذكر مواقف وكلمات منها، ويجب أن أشعر بمحتوى كل كلمة إلا أن الوسواس يعاودني. أحيانا يستمر الوسواس لفترات طويلة حتى أكاد أن أبكي.

يأتيني الوسواس في الصلاة، خصوصا في السجود الأخير من كل صلاة، فإنه يجب علي أن أدعوا الله دعاء كثيرا، وهذا الدعاء لزوجتي لأني أحبها، ويجب أن أقوله كله بدون أي نقصان، وأنني لو أنقصت من هذا الدعاء فإنني لا أحبها، أو أن مكروها سيحدث لها، وبهذا أتأخر جدا في هذا السجود، ويؤلمني رأسي، وأشعر بدوار وثقل في الرأس لهذا السبب، هذا ما يجعل صلاتي تثقل علي وترهقني جدا.

أجتنب كثيرا من الكلمات، لا أعلم إن كنتم ستفهمونني أم لا!
أعيش في عذاب، يا إخوتي ساعدوني أرجوكم، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أركان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نؤكد لك وصدقنا أننا فهمنا معاناتك، لأننا عالجنا آلاف الحالات مثل حالتك، والذين يعانون من الوسواس القهري معاناتهم مؤلمة، لأنهم يعانون لوحدهم داخليا في أنفسهم، ولا يدرك غيرهم مدى معاناتهم.

الوسواس القهري -أخي الكريم- علاجه لا بد أن ندرك أو نفهم كيفية حصوله. الوسواس ما هو إلا أفكار تتسلل إلى داخلنا بالرغم عنا، وتبدأ في التكرار، ونحن نقاومها ولكنا لا نستطيع، وهذه المقاومة تحدث نوعا من القلق والتوتر النفسي، ولذلك نستجيب لها لكي نخفف القلق، وهذا يحدث لفترة قصيرة، ثم لا تلبث أن تعود الكرة، لأن - كما ذكرت - هي تتسلل إلينا، ليس لنا يدا في بدايتها، فهي كالرحى، ما أن تنتهي من دورة إلا وتتبعها دورة أخرى، ولكي نقاوم هذا الشلال من الوسواس لا بد من عدم الاستجابة لها، لأن الراحة النفسية مؤقتة، ولكن ما يلبث أن تتكرر وتعود، ونقاش الوسواس يزيد من تكرارها ومن تولد وساوس أخرى.

إذا أول شيء: عليك التوقف من الاستجابة للوساوس، مهما زاد هذا من القلق، فإن القلق يكون شديدا لفترة مؤقتة، ولكنه يتلاشى.

ثانيا: عليك بفعل ما يعرف بتوجيه التفكير، أو تحويل التفكير. لا يمكنك مقاومة هذه الأفكار الوسواسية، لأنها - كما ذكرت - تتسلل بالرغم عنك، ولكن يمكنك توجيه التفكير وتحويله إلى شيء آخر، فكر في شيء آخر، شيء جميل فعلته، أو لحظات جميلة عشتها، وقل لهذه الأفكار (توقفي عني، توقفي، توقفي) بصوت عال.

أما في حالة السجود فيجب ألا تطيل السجود، اسجد الوقت المعقول والتسبيحات المعقولة، ولا تتكلف، وارفع رأسك واعتدل للقيام أو للتشهد مباشرة.

إذا كان تطبيق هذه العلاجات السلوكية صعبا؛ فهناك كثير من الأدوية النفسية تساعد في علاج الوسواس القهري، وهناك دواء يعرف تجاريا باسم (بروزاك Prozac) ويسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine) يساعد في علاج الوسواس القهري، وليس له آثار جانبية تذكر.

الفلوكستين، 20 مليجرام، حبة يوميا في الصباح بعد الإفطار، وسوف تظهر النتائج في خلال شهر ونصف إلى شهرين، ويمكن زيادة الجرعة إلى 40 مليجرام، أو 60 مليجرام -أي 3 حبات- في حالة عدم التحسن أو وجود تحسن جزئي. ولكن بعد تحسن هذه الأعراض يجب عليك أن تستمر في تناول الدواء لفترة لا تقل عن 3 إلى 6 أشهر، حتى تختفي هذه الأعراض نهائيا وتقل معاناتك.

كثير من الناس، حتى دون علاج دوائي يخف الوسواس عندهم، ويمكن أن يرجعوا إلى حياة طبيعية. فهون عليك، إننا ندرك معاناتك، ولكن بإذن الله هذا الوسواس لا يتطور إلى مرض خطير، وفي كثير من الأحيان يخف من تلقاء نفسه، ولكن بالعلاج الذي ذكرته لك - سواء كان علاجا سلوكيا أو أدوية ذكرتها - فإنه يخفف معاناتك، وتنتهي المعاناة والمرض بإذن الله.

وفقك الله وسددك خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات