كيف أصلح علاقتي مع الله ووالديّ وأتخلص من ماضي العقوق؟

0 204

السؤال

كنت مراهقا جاهلا، وعشت سنوات وسنوات عاقا لأهلي، لا أستجيب لأوامرهم، ولا أساعدهم، كما كنت أسمعهم كلاما بذيئا، وأصيح عليهم، لم أكن ملتزما أبدا، ولكن وفي هذه الفترة بالذات أحاول التغيير، وأحاول التقرب من الدين بقدر ما أستطيع، أحاول التقرب من الله عز وجل، ورضا الوالدين معناه مرضاة الله عز وجل.

كيف لي أن أتغير وأغير من كل هذه التصرفات الطائشة؟ أجد ذلك صعبا لأن كل التصرفات وكل الكلام السيء أصبح سهلا على لساني وعلى نفسي، أريد طريقا تدريجيا.

كما وأريد السؤال: هل إذا تكاسلت عن الاستجابة لطلباتهم يعتبر ذلك عقوقا أيضا؟ فهم أحيانا كثيروا الطلبات "طلب وراء طلب، طلب وراء طلب" ودون توقف.

وشكرا جزيلا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عاطف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، ويرزقك بر والديك والإحسان إليهما، وأن يمن عليك بخلق حسن، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل- فإني أحب أن أبين لك أن نيتك الجديدة هذه كفيلة -بإذن الله تعالى- بأن تحول سيئاتك حسنات، لأن الله تبارك وتعالى وعدنا بأن من سلك الطريق إليه عائدا وتائبا أن يعينه، أن يمده بمدد من لدنه، وأن من صدق في توبته إلى الله تبارك وتعالى وأخلص إليه وأناب، قد يتفضل الله عز وجل عليه بنعمة أخرى، وهي أن يبدل سيئاته حسنات.

فرغبتك في التغيير تدل على أنك على خير، وأنك إلى خير، وأنا واثق أنك ستنجح -بإذن الله تعالى- ما دمت قد عقدت العزم على التغيير، فأنا أرى أولا: عليك بالدعاء والإلحاح على الله تبارك وتعالى أن يعينك، لأن الله تبارك وتعالى لن تستطيع أن تطيعه ولا أن تعبده إلا بإرادته وتأييده سبحانه، ولذلك كان من كلام النبي المعصوم -صلى الله عليه وسلم-: (لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا).

فعليك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يعافيك الله من هذه التصرفات السلبية، وأن يمن عليك بالتصرفات الإيجابية التي ترضيه جل وعلا، هذا أول شيء.

الأمر الثاني -بارك الله فيك-: عليك بالاجتهاد في ضبط لسانك، وعدم العجلة في الرد على والديك، لأنك الآن كنت متساهلا، فأي لفظ يخرج منك كنت تطلقه، الآن أتمنى أن تتأنى قبل أن ترد على أي إساءة أو أي طلب أو أي اعتذار أو أي كلام، أن تنظر في الكلام قبل أن تنطق به، حاول أن تركز ولا تتعجل في رد الفعل، وأنا واثق أنك بذلك -بإذن الله تعالى- سوف تنجح في القضاء على هذه الألفاظ البذيئة في أسرع وقت بإذن الله عز وجل.

اجتهد بأن لا تتعجل في الرد، حاول أن ترد بتأن، وأن تفكر في ردك قبل أن يتحرك لسانك، ثم بعد ذلك - بارك الله فيك - اعلم أنك غدا ستكون في منزلة والديك، ولعل أن يتقدم بك السن فتكون في حاجة إلى من يخدمك، فتخيل نفسك في مقام والدك أو والدتك، وماذا تحب من أبنائك أن يفعلوا معك أو أن يكونوا لك، تخيل هذا الحال حتى يهون عليك هذا الأمر، وقل لنفسك: (إن الذي أقدمه اليوم لوالدي سوف يقدمه أبنائي لي غدا، وأنا أريد أن أحيا حياة كريمة في آخر عمري، فلابد لي أن أصبر على ما يأتيني من الوالدين مهما كان، عسى الله أن يمن علي في أولادي بأن يجعلهم من أهل الاستقامة والصلاح).

ثم بعد ذلك -كما ذكرت لك- اجتهد في إرضائهما على قدر استطاعتك، والذي تعجز عنه اعتذر منه بأدب، يعني إذا كنت تشعر بمشقة وكثرة الطلبات فاعتذر، الذي تستطيع أن تفعله فعلته، والذي لا تستطيع فعله قل: (سامحوني لن أستطيع أن أفعله أو اعطوني فرصة وسوف أفعل في وقت آخر).

وبهذه الطريقة ستجزئ المسألة -بإذن الله تعالى- على أن الذي تفعله تجتهد في فعله، والذي لا تفعله تعتذر عن فعله، وتطلب من أهلك التماس العذر لك، ومما لا شك فيه أنا واثق أنهم يعرفون أنك كنت صاحب أخلاق سيئة وسباب وغير ذلك، وأنت الآن تحاول التغيير، فقل لهم: (ساعدوني على أن أتغير، ولا تضغطوا علي).

اطلب من والديك الدعاء لك بصلاح الحال والهداية والاستقامة، وأتمنى أيضا أن يكون لك ورد من القرآن تقرأه يوميا، حتى يزودك الله بطاقة إيمانية. كما أتمنى أن تحافظ على أذكار الصباح والمساء حتى تكون قويا أمام الشيطان الذي يريد أن يفسد ما بينك وبين والديك.

بذلك -بإذن الله تعالى- سوف تتخلص من هذه السلبيات كلها، وستكون في أحسن حال، وأسأل الله تعالى أن يوفقك لطاعته ورضاه، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات