أعاني من وساوس عدّ الأشياء، فكيف الخلاص؟

0 95

السؤال

السلام عليكم

أعاني من أفكار وسواسية مثل عد الأنفاس بطريقة معينة، وهذا يسبب لي ضيقا في التنفس، وضيقا في الصدر؛ مما يجعلني أحيانا أقوم بكتم أنفاسي، ومعاناتي مع الوساوس منذ أمد بعيد، وليست وليدة الأمس.

أحيانا أقوم بعد حروف الكلمات، وأشياء كثيرة كنت أقوم بعدها. وأيضا عندما أرى شخصا أقل مني في شيء معين؛ أقوم بكتم أنفاسي عندما أنظر إليه؛ لأنني أعتقد أنني إذا تنفست وأنا ناظر إليه سأصبح مثله تماما. هذا يحدث معي منذ مدة طويلة.

لقد تعبت كثيرا من هذه الوساوس، وأيضا أحيانا تأتيني أفكار غير منطقية عن أشياء كثيرة، وليس هذا فحسب، بل تأتيني أيضا أفكار كفرية عن الخالق -عز وجل- لدرجة أنني أعتقد أنني شخص غير سوي، وعقلي غير سليم!

أنا أخاف أن أتناول أدوية علاج نفسي؛ لأنها قد تسبب إدمانا أو انتكاسة، وأيضا قد تؤثر على أعضاء الجسم.

أرجو أن تساعدوني في هذه المحنة، وكيف أتغلب على هذه الوساوس؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

القيام بعد الأشياء بطريقة معينة من أكثر العوارض انتشارا في الوسواس القهري، إذ يجد الإنسان نفسه مضطرا لأن يعد أشياء معينة بطريقة معينة، كالنفس، أو أحيانا أشياء يمر بها في حياته اليومية مثل أعمدة الكهرباء، أو أعمدة التليفون، وإذا لم يفعل ذلك يشعر بضيق شديد وعدم ارتياح نفسي، فيضطر إلى ممارسة هذا الشيء بالرغم من إدراكه بأنه لا طائل منه، ولكن ليريح نفسه من التوتر والقلق النفسي، وهذا ما يحدث معك أخي الكريم.

أيضا من الأشياء المنتشرة في الأفكار الوسواسية هي الأفكار الدينية، خاصة الأفكار عن الخالق سبحانه وتعالى والذات الإلهية، وأسئلة متكررة في ذهن الإنسان، هذه من الأشياء التي نسمعها مرات ومرات من مرضانا، ولست وحدك في هذا الشأن.

ومن الأشياء الشائعة أيضا أن معظم مرضى الوسواس القهري يعانون لفترة طويلة قبل أن يلجؤوا لطلب المساعدة، يحاولون مرات ومرات وحدهم أن يتغلبوا على هذه الوساوس، ويكتموا معاناتهم الداخلية وحدهم، وأحيانا يخجلون أو يخافون أنهم إذا ذكروا هذه الأشياء لشخص قريب منهم أن يستهزئ بهم.

فأنت لست وحدك، هذا الوسواس هو مرض نفسي منتشر، وله الآن علاج -الحمد لله تعالى–، وعلاجه نوعان: علاج دوائي وعلاج سلوكي.

معظم الأدوية النفسية التي تستعمل لعلاج الوسواس القهري الآن ليس لها إدمان على الإطلاق، لا تؤدي إلى الإدمان، وإن كان هناك بعضها يطلب فيها التوقف بالتدريج، ولكن لا يعني هذا أنها تسبب الإدمان، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنها لا تسبب تلفا في أي عضو من أعضاء الجسم.

العلاجات النفسية علاجات كثيرة ومتنوعة، ولكن أكثرها شيوعا هو العلاج السلوكي المعرفي (Cognitive Behavior Therapy)، هذا العلاج أثبت جدواه في علاج حالات الوسواس القهري في كثير من الحالات، ويستحسن دائما أن يتم تحت يد معالج نفسي مقتدر ذي دراية بهذا النوع من العلاج، وهو يتكون من عدة جلسات، تتراوح من عشر إلى عشرين، يعطيك برامج محددة وأشياء محددة لتنفيذها في البيت؛ للتخلص من هذه الوساوس.

وإذا تعذر عليك الاتصال بمعالج نفسي لسبب ما فيمكنك إجراء بعض الأشياء في البيت، مثلا: الوسواس النفسي دائما الإنسان يجد نفسه في مقاومة لهذه الأفكار، والمقاومة لا تجدي، وهذا يؤدي إلى القلق والتوتر، وبدلا من صرف الجهد في المقاومة عليك بتحويل التفكير إلى مسار آخر، أي: بمعنى أن تحاول أن تفكر في شيء آخر، شيء هادئ، وشيء سعيد، فكر في رحلة قمت بها، في زيارة قمت بها، في أشياء جميلة مرت بك في حياتك، أشياء تؤدي إلى الاسترخاء، لأنه إذا كان هناك تفكير يؤدي إلى الاسترخاء فهذا يقفل ويغلق الباب أمام وجود الأفكار الوسواسية.

وفقك الله، وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات