هل يصح أن يترك المسلم المعصية من أجل صحته لا من أجل الله؟

0 211

السؤال

السلام عليكم.

هل يصح أن يترك المسلم المعصية من أجل صحته لا من أجل الله؟ على سبيل المثال، أنا أمارس العادة السرية وأريد أن أتركها؛ لأنها تؤثر على مستواي الدراسي، وليس لأنها حرام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمرو حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يعينك على ترك هذه المعاصي، وأن يجعلك من صالح المؤمنين، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-: فإنه مما لا شك فيه أن ترك المعصية في حد ذاته مكسب كبير، وإنجاز رائع، لأن المعاصي حتى وإن لم يكن فيها نوع من الحظر من قبل الملك سبحانه وتعالى جل جلاله، إلا أنها تلحق ضررا، كما لاحظت أنت بالنسبة للعادة السرية، تؤثر على العقل وتؤثر على البدن، وتؤثر على التفكير والتركيز، وتؤثر على مستقبل الإنسان، بل قد تؤدي به إلى فشل ذريع في حياته الزوجية، لأن الإنسان الذي ألف المعاصي يتعذر عليه حقيقة أن يستمتع بالحلال الطيب.

لذلك أقول: إن مجرد ترك المعصية يعتبر إنجازا ومكسبا، ولكن أقول: الذي حرم المعاصي إنما هو الله، وما حرمها الله تبارك وتعالى إلا رحمة بالإنسان، فالله تبارك وتعالى لا تنفعه طاعة، ولا تضره معصية، ولذلك قال لنا: {من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها}.

الأمر يعود عليك أنت شخصيا، ولكن الله تبارك وتعالى من فضله ورحمته وكرمه وإحسانه، حين تترك الذنب يعطيك على ذلك الأجر، رغم أنك أنت الوحيد المتضرر من الذنب والمستفيد من تركه، إلا أن الله الجليل سبحانه وتعالى تفضل على عباده بأن من ترك ذنبا من أجله وحياء منه فإنه يكرمه بأن يغفر ذنبه، وأن يستر عيبه، بل قد يبدل سيئاته حسنات.

أنا أقول: ما دمت ستترك الذنب لماذا لا تجعل الترك لله تعالى؟ أنا أقول لك في البداية يجوز لك أن تفعل هذا، ولكن لماذا تحرم نفسك الأجر؟ لماذا تحرم نفسك توفيق الله تعالى؟

ثانيا: هناك أمر في غاية الأهمية - أخي عمرو - وهو أنك لن تعان على ترك المعصية إلا إذا أعانك الله تبارك وتعالى، الله تبارك وتعالى هو الذي يعين على الطاعة ويعين على العبادة، ويعين على الاستقامة، ويعين على ترك المعاصي أيضا، ولذلك كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لولا أنت ما اهتدينا، ولا تصدقنا ولا صلينا) فلولا الله ما استطاع أحد أن يركع ولا أن يسجد ولا أن يقرأ حرفا بالقرآن ولا أن ينطق بالشهادتين، ولذلك أرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يقول المسلم دبر كل صلاة: (اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)، ولولا الله ما استطاع الإنسان أن يحصن نفسه، ولا أن يغض بصره، ولا أن يفعل شيئا.

أقول: لماذا تحرم نفسك توفيق الله تعالى؟ ولماذا تحرم نفسك التوبة وأجر التوبة وثواب التوبة؟ أنسيت أن الله تعالى قال: {إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}؟!

أقول وأكرر: إن ترك المعصية في حد ذاته إنجاز من الإنجازات الطيبة، ولكن تركها لله تبارك وتعالى إنجاز أعظم وأعظم وأعظم، لأن الآثار المترتبة على ترك المعصية من أجل الله تبارك وتعالى أعظم مما تتصور أو تتخيل، فأتمنى أن تعيد النظر في هذه الفكرة، وأن تأخذ بكلامي، لأنك لن تخسر شيئا، الأمر كله فقط يتوقف على النية، وأنت نيتك حسنة، ولن يضيعك الله تبارك وتعالى، بل إنه هو الذي سيعينك على التوبة ويثبتك عليها، وهو الذي -كما ذكرت لك- يبدل سيئاتك حسنات؛ لأنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.

هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات