الأفكار الوسواسية تقتحم عقلي بقوة ولا أستطيع تحقيرها.. ما الحل؟

0 113

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أبلغ من العمر (17) سنة، منذ أن كنت صغيرا وحتى الآن، تأتيني وساوس وأفكار حول العقيدة والذات الإلهية الجليلة خصوصا، وشكوك في أبسط الاشياء، كنت أحاول عدم التفكير فيها، لكنها تأتيني في كل وقت وأثناء فعل أي شيء، وحتى أني أسمع صوت الوسوسة يتردد في عقلي! وأيضا تأتيني صور وتخيلات عن الذات الإلهية الجليلة (والعياذ بالله)، وعندما أقرأ الأحاديث، والآيات المتعلقة بذلك يزداد الوساوس.

أنا أعلم أن هذا من عمل الشيطان، وأن هذا حرام، وأحاول أن أقنع نفسي بذلك عندما تأتيني هذه الوساوس، لكني لا أتمالك نفسي فأضرب يدي في أي شيء قريب، أو أحاول ثني أصابعي بقوة، وأؤذي نفسي حتى تذهب الوساوس، وأتعوذ من الشيطان في كل وقت، ومع ذلك لم تتحسن حالتي، وتقتحم الوساوس عقلي، وتبدأ بالتردد والدوران! لدرجة أنني بدأت أشعر بالخوف، مثلا عندما ينزل المطر تبدأ الوساوس، وتحدثني نفسي بأن هذا عذاب بسبب وساوسي، مع أني أعلم أن ذلك غير صحيح، وهكذا.....

قرأت في موقعكم عن مبدأ تحقير الوسواس، وبدأت أفعل ذلك، لكن الوساوس بقيت، ولم تذهب أو أخاف أن الله سيحاسبني عليها.

ماذا يجب أن أفعل لأتخلص منها؟ وكيف يجب أن أفكر؟ أفيدوني فهذا الموضوع يؤرقني، وإذا كانت هناك عقاقير تساعد على العلاج، فأرجو أن تخبروني بها؛ لأنني تعبت من هذه الوساوس، وأريد التخلص منها بأي شكل!

أضيف أنني و-الحمد لله- ملتزم ومحافظ على الصلاة، وأقرأ القرآن.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في استشارات إسلام ويب.
أيها الفاضل الكريم: الوساوس منتشرة وموجودة، ولا أعتقد أن وساوسك في بداياتها كانت ذات طابع ديني أو عن الذات الإلهية، الوساوس في الطفولة لا تكون على هذا المستوى، لكن في فترة اليفاعة وعند البلوغ وما بعده قد يجد الإنسان أن محتوى الوساوس إما أصبح دينيا، أو جنسيا، أو يتمركز حول العنف.

ولا أريدك أبدا أن تحاسب نفسك بقسوة، هذا الذي يحدث -إن شاء الله تعالى- ليس ضعفا في إيمانك أو ضعفا في شخصيتك، إنما هي وساوس، وأنا ألاحظ أنك طرحت استشارتين فيما مضى، استشارة حول ابتلائك بالعادة السرية، واستشارة أخرى ذكرت بها أنك رأيت النبي -عليه الصلاة والسلام- في منامك تجلس بجانبه، فالذي أتصوره هو أنه بالفعل لديك أصلا توسع في أفكارك، ولديك ما يمكن أن نسميه بإسراف في التفكير أعطى للوساوس فرصة كبيرة؛ لأن تنمو وأن تتشعب، وأن توقع عليك الألم النفسي الذي تحدثت عنه.

هون عليك - أيها الفاضل الكريم – والوساوس يمكن أن تعالج، وأنا أريدك أن تعرض نفسك على طبيب نفسي، إذا كان ذلك ممكنا في العراق، وإن لم يكن ممكنا سنك تؤهلك لتناول أحد الأدوية المضادة للوساوس.

وبالنسبة لدور الشيطان في هذه الوساوس: الوساوس الخناسية معروفة – أي التي يسببها الشيطان – حيث قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) وقال: (إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلها) وقال الله تعالى: {من شر الوسواس الخناس * الذي يوسوس في صدور الناس * من الجنة والناس}، وهذه الوساوس تعالج من خلال أن تستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم وأنت مقتنع وموقن أنه سوف يخنس، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (فليستعذ بالله ولينته) أن يستعذ بالله تعالى من شر الشيطان وينته عن ذلك بالإعراض عنه وعدم الاسترسال والاستسلام له.

الإشكالية قد تأتي أن التغيرات الكيميائية أمر أكيد، أي أن كيمياء الدماغ قد تتغير، حتى وإن ذهب الشيطان ربما يكون قد قذف قذفة كيميائية في الدماغ، وهذه أدت إلى استمرارية الوساوس، أو إذا كانت الوساوس غير خناسية، غير شيطانية، إنما هي طبية من أولها، فقطعا هنا يكون التأثير على كيمياء الدماغ موجودا.

إذا الدواء مهم، الدواء فاعل، والدواء يفيد كثيرا في الوساوس ذات المنشأ الفكري.

بالنسبة لعمرك: الدواء الذي يناسبك يعرف تجاريا باسم (فافرين Faverin)، ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، جرعته هي خمسون مليجراما، تتناولها ليلا بعد الأكل لمدة أسبوعين، ثم تجعلها مائة مليجرام ليلا، وهذه يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفضها إلى خمسين مليجراما ليلا لمدة شهرين، ثم تجعلها خمسين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أيها الفاضل الكريم: لا تستعمل أي دواء دون استئذان أهلك، وكما ذكرت لك إن كان الإمكان أن تذهب إلى الطبيب أريدك أن تذهب؛ لأن هذا هو الأفضل.

أما مبدأ تحقير الوساوس فهو أمر مطلوب، ومطلوب جدا، ونحن حين نقول للناس حقروا الوساوس لا نريدهم أن يدخلوا في تفصيلها، ولا مناقشتها، ولا تحليلها، ولا حوارها؛ لأن الحوار مع الوساوس ومحاولة إخضاعه للمنطق يهزم الإنسان ويجعله ينكسر أمام الوسواس، ويتشعب الوسواس أكثر، أما إذا حقرت الوسواس وأغلقت عليه الباب تماما، فهذا قطعا سوف يساعدك كثيرا في القضاء عليه، وفي ذات الوقت انقل نفسك نقلة إيجابية في كل مجالات الحياة: التوسع العلمي، التميز الدراسي، الحرص على أمور دينك، بر الوالدين، ممارسة الرياضة، التواصل الاجتماعي، أن تكون لك أهداف سامية في هذه الحياة وتسعى لتحقيقها... هذا كله يؤدي إلى إزاحة الفكر الوسواسي، هذا أمر مؤكد، ولا شك في ذلك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات