حساسيتي الزائدة سببت لي مشاكل نفسية واجتماعية، فما العمل؟

0 249

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي لا أعلم إن كانت واحدة وباقي المشاكل متفرعة عنها، أم عدة مشاكل؟!

أعاني من القلق والتفكير المستمر في بعض الأمور، والضيق من بعض الأشياء كوضعي العائلي؛ حيث إن والدي يخاف علينا كثيرا، وأنا بعمر (24) عاما، سئمت من تدخله في كل أمور حياتي، ولكني غالبا أضغط على نفسي؛ كي تسير الأمور، مع الرغم من أنه يغضب علي أحيانا، وأضطر لسماع ما يؤذي نفسي، ولكنه يعود ليعتذر لي، ولكني حساس جدا، ولا أنسى الإيذاء، فلا يفرق معي أن اعتذر أم لا!

أعاني من حرمان فقدان أمي التي ماتت منذ (11) عاما، ولكني في خلال حياتي لم أعرف شيئا اسمه النسيان، ودائما أفكر في آلامي، وفي الأشياء التي فقدتها، حتى إني أميل دائما إلى الجلوس وحيدا في المنزل.

في حالات حزني الشديدة لا أستطيع منع نفسي من البكاء، وحينها تزيد أنفاسي بشكل متسارع، ثم تتشنج أطرافي، وبعض عضلات وجهي، وفي هذه الحالات الطبيب المسعف كان يعطيني حقنة نيوريل؛ لكي أهدأ، وفي خلال عمري حدثت هذه الحالة حوالي (10) مرات، ومنذ سنتين كنت في حالة من الحزن الشديد بسبب رفض والدي أن أقوم بالارتباط من زميلة لي, حتى إنه كلما كنت أمرض أجد سخرية منه؛ مما كان يزيد ألمي، وكنت أضغط على نفسي؛ حتى لا يظهر علي الأسى والحزن أمامهم, وكنت ألجأ لغرفتي؛ كي أستطيع فك جماح حزني.

أخاف من الكلام أمام الناس، وأخاف من أن تلاحظني عيون الآخرين، حتى أيام الجامعة كنت عندما أقوم بتقديم البحث الخاص بي أفقد تركيزي عندما أجد كل العيون باتجاهي، وأفقد السيطرة على التركيز أو التقديم كما لو كنت وحيدا، وتتزايد أنفاسي، وأحيانا تضطرب عضلات وجهي.

قمت منذ عام بزيارة طبيب، وقام بكتابة بعض الأدوية لي، ولكنه لم يقنعني، حتى سألت عن الأدوية صديق صيدلي لي، فقال لي: هذه الأدوية ستضرك كثيرا، والأفضل لا تتناولها.

لذلك صرفت نظري عن فكرة الطبيب النفسي بسبب تجربتي الفاشلة معه.

رغم كل ذلك أحاول أن أكون ناجحا، وأحيانا أفكر بطموح، وأحاول أن أقوم بمعالجة مشاكلي بنفسي، ولكني غالبا أفشل، حتى إنني أجد من الأسباب الرئيسية في ذلك لا أستطيع حل مشاكلي بالحوار، ولا أستطيع التحدث مع الناس، وتكوين علاقات اجتماعية، وأرغب بذلك ولكني لا أعرف، أراقب الآخرين الذين يتمتعون بهذه القدرات، ولكني عندما أحاول أن أكون مثلهم؛ أحس بأني أفعل شيئا خاطئا، أو إحساس بالذنب، وأحس بالعيون تراقبني.

أحيانا كثيرة أحس بزيادة ضربات قلبي، وتسارع التنفس، ولكني لم أشغل بالي، ولكن في الفترة الأخيرة -وبسبب بعض الضغوط علي- فكرت أن أقوم بقياس الضغط، وكان ذلك سبب أن أرسلت هذه الاستشارة، فوجدت أن ضغطي (170/130) وقال لي الطبيب: إنك ما زلت صغيرا على ذلك. ولا يريد أن يعطيني دواء للضغط، ولذلك قام بإعطائي حقنة؛ لتخفيض الضغط، ثم أعطاني دواء أميبريد كمهدئ.

لا أعلم أين أسير بحالتي هذه! ولكن ضغوط الأسرة علي، والضغط النفسي خلال قضاء فترة الخدمة العسكرية الإلزامية، وتبقى لدي شهران حتى أنتهي منها, وكذلك مشاكلي الشخصية كانعدام الجو الأسري الذي كنت أحلم به، وتكون والدتي التي أفتقدها موجودة, أو الفتاه التي كنت أحلم أن أتزوج منها، ووالدي رفض، ويريد كل شيء في حياتي أن يكون حسب قراراته هو، وليس أنا, انعدمت شخصيتي، ولا أحس بالرغبة في الحياة أو الكفاح كما يفعل الناس العاديون.

قرأت استشارات سابقة لأناس لهم أعراض مثل أعراضي، ووجدت أن أغلب الأطباء ينصحون بدواء السيبرالكس، ولا أعلم إن كان مناسبا لي أم لا, ولكن المشكلة أني أحيانا أقتنع أني طبيعي ولست مريضا، أو بمعنى أصح أحس أني لا أريد تغيير هذه الأحاسيس التي تنتابني، ولا أعلم لماذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ youssef حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: بادئ ذي بدئ، والدك رجل رائع، ما دام يعتذر إليك، وأرجو دائما ألا تتحسس ولا تغضب، ولا تؤاخذ والدك للدرجة التي تجعله يعتذر لك، أنا أبدأ الإجابة على هذه الاستشارة بهذه الكيفية؛ لأن ما ذكرته أثر في جدا.

والأمر الثاني فيما يخص والدتك -رحمها الله تعالى-: الموت أمر حتمي على جميع الناس، أمك وأنا وأنت وكل خلق الله، المطلوب منك هو أن تدعو لها بالرحمة، وأن تتصدق لها بما تستطيع، وأن تكون ابنا صالحا يدعو لها، وأن تصل رحم وود أمك، بخلاف ذلك لا شيء يفيدك أبدا، فكن على هذا المنهاج، منهاج التفكير الإيجابي، منهاج الصمود، منهاج الإيجابية.

والأمور الأخرى: أنا ألاحظ أنك شخص حساس وجداني، قد يكون لديك بعض التقلبات المزاجية، وهذه تحتم عليك أن تسعى لتطوير ذاتك، أن تعرف ما هو إيجابي في نفسك فتطوره، وأن تعرف ما هو سلبي في نفسك فتقلصه، ولا بد أن تحسن إدارة وقتك، ويكون لك برنامج حياتي، أهدافك واضحة من خلال هذا البرنامج تسعى لتحقيقه.

هذه هي الأشياء التي سوف تطور من صحتك النفسية وتفيدك جدا.

بالنسبة للدواء: أخي الكريم: أنا أرى أن دور الدواء بسيط جدا في حالتك، لكن لا مانع من تناول الـ (سبرالكس Cipralex)، يفيدك، يهدئ من نفسك، يعطيك شيئا من الدافعية الإيجابية، ويجعلك -إن شاء الله تعالى- تتفاعل مع الناس دون توجس أو مخاوف. ابدأ بجرعة خمسة مليجرام -نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام– التزم بتناولها لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك اجعلها عشرة مليجرام، استمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يوميا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يوما بعد يوم لمدة عشرين يوما، ثم توقف عن تناول الدواء.

كما تلاحظ حددنا لك الجرعة، جرعة البداية، وجرعة العلاج، وجرعة التوقف، وجرعتك عامة تعتبر من الجرعات البسيطة؛ لأن السبرالكس يمكن تناوله حتى ثلاثين مليجراما في اليوم، لكن لا أراك في حاجة لذلك.

الالتزام بتناول الدواء في مواعيده وحسب ما وصف هذا أمر مفيد جدا.

ويا أيها الفاضل الكريم: أريدك أن تطور نفسك اجتماعيا، تتواصل مع الناس، تمارس رياضة جماعية، تحرص على صلاة الجماعة، تشارك الناس في مناسباتهم. الحمد لله تعالى مجتمعاتنا بها أنشطة عظيمة جدا، إذا واكبنا هذه الأنشطة والتزمنا بها تطور من ذواتنا ومن مهاراتنا وقدراتنا، وإن شاء الله تعالى تزيل كثيرا مما نعاني منه.

أريدك -أيها الفاضل الكريم– أيضا أن تقرأ عن الذكاء الوجداني، أو ما يسمى بالذكاء العاطفي، سوف يفيدك -إن شاء الله تعالى- في تأكيد ذاتك، وكيف تتعامل معها إيجابيا، وكذلك مع الآخرين.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات