مستمر على العلاج والأعراض موجودة، هل حالتي نفسية بحتة؟

0 146

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا صاحب الاستشارة رقم (2299079).

شكرا جزيلا على ردكم المريح جدا، فأنا من المملكة العربية السعودية، وفي منطقة تكاد ينعدم فيها الأطباء النفسيون.

يا دكتور: الآن أنا مستمر على الدواء الذي وصفته لي، والآن أنا رفعت حبة لوسترال إلى (50) ملغ، وإلى الآن لي (12) يوما منذ استعمال الدواء، وفي بداية الاستعمال أحسست براحة كبيرة، لكن -يا دكتور- إلى الآن القلق والخوف والأعراض موجودة، لا أعلم لماذا؟ ولا أخفي عليك أني أفكر باستمرار، وواقع في تفكير عميق وحيرة بين المرض الروحي والمرض النفسي، محتار ما هي الوجهة في حالتي؟

يا دكتور: أنا يوميا أقرأ على نفسي الأذكار، وأقرأ القرآن، لكن صار لي موقف تكرر معي مرتين في صلاة الجماعة الجهرية، ورجع لي الخوف من صلاة المسجد من جديد، مرتين -يا دكتور- تكون قراءة الإمام قوية، وفجأة أحس بثقل في رأسي، وجسمي متكهرب، وأحس بغصة بدايتها من حلقي، وأحس أنها ترقى لأنفي، وقلبي يدق بسرعة، ورجلاي خصوصا اليسار تنتفض بقوة بحيث كدت أن أسقط، وهذه الحالة أخافتني جدا، فهل هذه أعراض نوبة هلع من القرآن بخوف العقل الباطن من المس؟

صارت لي الحالة هذه مرتين، حتى أني دخلت الإنترنت، وكتبت عن شعور الإنسان المصروع أو الممسوس، لكني ما تعمقت في الموضوع؛ لأجل أن لا أفكر أكثر من التفكير الذي ملازمني طوال يومي، والمشكلة أحيانا أن التعمق في التفكير يسبب لي نفس الأعراض التي ذكرتها مؤخرا، وخصوصا مع قشعريرة مثل الكهرباء في الجسم، وتفاوت في ثقل الرأس، ودقات القلب، وأصبحت أشعر بها يوميا معظم الوقت.

دكتور: أنا مللت من الحالة التي أمر فيها، وأنا مستمر على أذكار الصباح والمساء، والنوم، وأصلي ولكن بالمنزل -كما تعلم-، ولا أعلم لماذا يحدث ذلك؟!

سؤالي: هل حالتي نفسية بحتة؟

السؤال الثاني: هل اللوسترال كاف لحالتي؟ وهل بعد فترة سيعدل حالتي؟ وكم الفترة؟

وشاكرا لكم جهودكم، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك –أخي– في الشبكة الإسلامية، ونحن نهتم بمثل رسالتك هذه؛ لأن الاعتقاد بالصورة التي ذكرتها فيما يتعلق بما أسميته بالمرض الروحي –وتقصد بذلك العين والسحر والحسد وخلافه– الاعتقاد على هذه الشاكلة يضر كثيرا.

ويا أخي الكريم: الأمر محسوم، أنا أقول لك حالتك نفسية، وأنا طبيب مسلم، والحمد لله على ذلك، وأؤمن بالعين والسحر والحسد، وكل الذي تحتاجه –أخي الكريم– هو أن يكون إيمانك قاطعا أن الله خير حافظ، وإن وجد شيء من هذه الأمور فإن الله سيبطلها، لا تتشعب في الأمر أكثر من ذلك، ولا تفكر فيه أكثر من ذلك، لا تسقط على نفسك هذه التوهمات، الحالة حالة نفسية، أقولها لك بكل بساطة وكل شجاعة، وأنا مسؤول عما أقول.

ويا أخي الكريم: أحزنني كثيرا أنك تصلي بالمنزل، أنت كافأت الشيطان مكافأة عظيمة، لا، هذا مخالف لأمر نبيك -صلى الله عليه وسلم- ولعظم ذلك قال صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجلا فيؤم الناس، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم، والذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عرقا سمينا أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء)[رواه البخاري].

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: "أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- رجل أعمى، فقال يا رسول الله: إنه ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أن يرخص له فيصلي في بيته، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: (هل تسمع النداء بالصلاة؟، قال: نعم. قال: فأجب) [رواه مسلم].

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف) [رواه مسلم].

دلت هذه النصوص على أن ترك الصلاة في الجماعة ترك لفضيلة عظيمة، ومخالفة لسنة النبي الكريم، وهو -صلى الله عليه وسلم- لا يهم إلا بالحق -عليه الصلاة والسلام-.

فتركك لصلاة الجماعة وقيامك بالصلاة في المنزل ليس بالأمر المقبول، إلا لضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، يجب أن تذهب وتصلي مع الجماعة، بل تصلي في مساجد مختلفة؛ لتكتسب الأجر في ممشاك إلى المسجد ورجوعك إلى البيت، وحتى تتخلص من هذا الخوف الذي أنت فيه.

فيا أخي الكريم: يجب أن تتخذ القرار الصحيح والقرار المناسب، لا يوجد ما يسمى بنوبة هلع من القرآن، هذه خرافات، هذه أمور سخيفة أدخلها بعض الجهلاء والمشعوذين على الناس، القرآن هو مصدر الطمأنينة، القرآن هو الذي يشرح القلوب والنفوس، ويجعلها تتجلى وتتسامى، قال الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله} وقال تعالى: {واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم} فهو أحسن الكلام، وهو أحسن الحديث، {ومن أحسن من الله حديثا}؟ لا أحد، {ومن أحسن من الله قيلا}؟ لا أحد، فلا يمكن أن يكون مصدرا للهلع -أيها الفاضل الكريم– لا بد أن تصحح مفاهيمك، وتواجه هذه الأفكار بكل قوة وبكل إصرار وتهزمها وتبددها.

هذا يجب أن يكون منهجك، والدواء قطعا سوف يساعدك، لكن لا أقول لك هو العلاج الوحيد، أو العلاج الأساسي، الدواء يساعد، لكن التغيير الفكري في حالتك هو الأساس في العلاج، فاستمر على الدواء، وغير نفسك فكريا، وإن شاء الله تعالى تفرح بذلك، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.

سؤالك: هل الـ (لسترال Lustral) كاف لحالتك؟
نعم، يكفي تماما، هو من أفضل الأدوية التي تعالج الخوف والقلق والوساوس، ومساهمة الدواء في العلاج وفي الشفاء هي ما بين عشرين إلى ثلاثين بالمائة، وهذه نسبة جيدة جدا، وحتى تكتمل الصورة العلاجية وتكون على أفضل ما تكون: دعم نفسك بالتغيير الفكري والتطبيقات السلوكية، وعلى رأس هذه التطبيقات السلوكية أن تذهب وتصلي الفرض القادم في المسجد، لا تؤجل، لا تساوم.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات