أعيش في حالة تخبط ووسواس وكراهية للنفس.. أفيدوني

0 224

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله كل خير على مجهودكم، ونسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

أرجو أن تقرأ رسالتي بوضوح وعمق؛ لأنها حالة طويلة ومعقدة.

أنا شاب، عمري 21 سنة، أعاني من كل شيء في حياتي، بدأت مشكلتي في أن أبي كان شديدا علينا، ونحن أطفال، فتربينا على الخوف منه، وتقريبا عدم حبه لما كبرنا، حتى أني أجد صعوبة كبيرة في التواصل معه حتى الآن، ولم نكن اجتماعيين غالبا، فنكون في البيت طوال الأسبوع، وإذا خرجنا نخرج لوحدنا؛ مما أدى إلى فشل في الحياة الاجتماعية لاحقا.

في المقابل فأنا -والحمد لله- أحفظ كتاب الله كاملا، ومتفوق جدا في دراستي، ومع ذلك وللأسف أدمن العادة السرية مع كل محاولاتي التي تبوء دائما بالفشل مما يحطمني نفسيا، وفي فترة من الفترات أصبت بحالة من الوسواس الديني، لكني تعالجت باللسترال -والحمد لله-.

بعدها بسنين ذهبت للجامعة، وأحببت زميلة لي، لكن لم يسر الموضوع كما تمنيت، وأصبحت أكره نفسي وشكلي، ومع أني متفوق في كلية الطب، ومن الأوائل إلا أنني صرت أكره المذاكرة، وعندي توهم أني كل ما أتخيل شيئا سيئا يحصل لي فأنا أخاف من الغباء، وفعلا أصبحت غبيا في كل حياتي الدراسية والعامة.

أيضا تدهورت حالتي النفسية أكثر؛ حتى حاولت الانتحار، لكن الله أنقذني، فذهبت للطبيب ووصف لي سيبرالكس استمررت عليه فترة خمسة أشهر وتركته، وأنا الآن أعيش في حالة من التخبط، فأنا كأي شاب أريد أن تعجب بي البنات، وأن أكون متفوقا فدخلت في مجالات كثيرة، لكن لم أكمل في أي منها؛ لأني أستصعبها فليس لدي هدف، ولا همة، ولا عزيمة.

صرت أحضر المحاضرات، ولا أفهم شيئا؛ لأني أريد أن أتخيل كل شيء فتركت الدراسة، أحيانا أحس أني أريد أن أكون هكذا لألفت انتباه الناس، أو عائلتي، لكني لا أفهم نفسي، حتى صرت أتمنى أن أدخل في غيبوبة، ولا أستيقظ منها، لا أعرف ماذا أفعل؟ مع أنني دعوت كثيرا جدا، لكن لم يتغير شيء، ولو لم يكن الانتحار يدخل صاحبه النار لانتحرت.

أفيدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdallah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

أؤكد لك أنني قد قرأت رسالتك بوضوح وبتعمق، وأتفق معك أن لديك صعوبات نفسية، لديك مشاكل نفسية، يظهر لي أنه يوجد شيء من عدم التكيف في شخصيتك، ربما يكون هنالك خلل في البناء النفسي، وفي ذات الوقت لديك هذا القلق الذي تجسد في شكل وساوس، وهذا قطعا أدى إلى اكتئاب ثانوي، والذي أدى إلى عدم استقرار في حالتك، وربما شعور بالكدر والتوتر في أوقات مختلفة.

وفي ذات الوقت - أيها الفاضل الكريم - أنت تريد أن تجمع ما بين المتناقضات في حياتك، لا يمكن أن تمارس العادة السرية بإسراف، ولا يمكن أن يكون همك أن تعجب بك البنات، وتريد أن تعيش حياة طيبة ومستقيمة في ذات الوقت، هذه متناقضات -.

أيها الفاضل الكريم - يجب أن ترسل لنفسك رسائل إيجابية، رسائل قوية، رسائل محفزة، أن تكون ذلك الشاب القوي صاحب الهمة، أن تكون ذاك الشاب المرتب في حياته، أن تكون الشاب الحريص على طاعة الله واجتناب نواهيه، وتتقي فتنة النساء، وأن تكون لك برامج حياتية واضحة، تجلب لنفسك من خلالها النجاح، هذه هي الطريقة الأفضل.

إذا التغيير الفكري والمعرفي مهم جدا، ويجب أن تحقر الوساوس، أما موضوع الانتحار فهذا موضوع حقيقة أتألم جدا حين أسمعه أو يذكره بعض الشباب، فهو حقيقة فكر قبيح، فكر دخيل، والحياة طيبة وكريمة، والمسلم يجب ألا يسعى أو يفكر في قتل نفسه أو يخطط لذلك، كيف وقد جاء الوعيد الشديد لمن يقتل نفسه، فقد قال الله تعالى: {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا وكان ذلك على الله يسيرا}، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا فيها أبدا، ومن شرب سما فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا). رواه البخاري.

أيها الفاضل الكريم: خطوة عملية جدا تؤدي إلى استقرارك النفسي، وهي: الحرص على بر الوالدين، يجب أن يكون لك مخزون كبير من بر الوالدين، هذا يفتح عليك خيري الدنيا والآخرة.

والأمر الثاني: عليك بالصحبة الطيبة، فالصاحب ساحب، (والمرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل).

والأمر الثالث: أنت حين تكون شخصا بديعا في مسلكك ويشار إليك سوف يعجبن بك البنات، الجأ لهذه الوسيلة - أيها الفاضل الكريم -.

وأريدك أيضا أن تمارس الرياضة بانتظام، الرياضة تؤدي إلى استقرار النفوس، وتؤدي إلى إزالة الهشاشة والشوائب النفسية، وقطعا تؤدي إلى تحسن أضلاع الشخصية، خاصة الشخصية المضطربة.

أريدك - أيها الفاضل الكريم - أن تتواصل أيضا مع أحد أساتذة الطب النفسي بالكلية التي تدرس بها، وأنا متأكد أنك سوف تجد كل عون منهم، وتناول جرعة صغيرة من أحد مضادات الاكتئاب لا بأس به، لكن لا أعتقد أن العلاج الرئيسي في حالتك في الدواء، العلاج يقوم على الأسس التي ذكرتها لك سلفا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات