أعاني من الخوف والقلق والكتمة والأرق في النوم

0 201

السؤال

السلام عليكم.

عمري 19 عاما، شخصية قلقة جدا، وأعاني دائما من الوسواس وأشك في مرضي، كنت في إحدى الليالي برفقة أحد أصدقاء السوء، ثم قمت بتجربة مادة "الحشيش" وبعدها بدقائق شعرت بدقات قلب سريعة جدا ودوار وزغللة وعدم وضوح بالرؤية وبعض الهلوسة، ولكن اختفت تلك الأعراض بعد بضع ساعات، ومرت تلك الليلة بخير والليلة التالية أيضا، ولكن بعد ذلك تراكمت في نفسي أمراض عضوية ونفسية، وأنا الآن محطم نفسيا وجسمانيا.

استيقظت في الليل من نومي وشعرت بضيق تنفس وكتمة، وثقل في صدري، وشعور بحرقة في المعدة والصدر، وضربات قلبي سريعة جدا، عانيت بعدها من الخوف والقلق وأرق في النوم وذهب بعد أسبوع.

ولكن نوبات الهلع والقلق لم تنته حتى الآن، لي قرابة شهران ونصف ولا تزال ضربات قلبي سريعة جدا، مع دوار ودوخة وزغللة وكسل وخمول لا يوصف، والشعور بكتمة في صدري أو الشعور بامتلاء صدري أو ثقل عليه فأتنفس بصعوبة، ولا تزال هذه الأعراض مستمرة معي.

للعلم عانيت من نوبات هلع وفزع من قبل في فترات مختلفة من حياتي ولكنها لم تكن بتلك الحدة واختفت خلال أسابيع، أصبحت أكره الليل وغرفة نومي، وعندما تكون الغرفة مظلمة أشعر بدوران المحيط أو الغرفة حتى أني أرى الحيطان تتراقص! والأثاث والأغراض تتحرك رغم أن إضاءة الغرفة مظلمة، أصبح لدي وسواس بأن كل شيء يدور.

وعند الخروج من المنزل أشعر بدوخة شديدة ودوران، أو تحرك البنايات في الشارع، تعبت وتحطمت نفسيتي، وندمت ألف مرة بسبب تلك الليلة المشؤومة التي تناولت فيها هذه المادة.

الأمراض العضوية التي أصابتني في تلك الفترة هي ارتجاع المريء، ذهبت لدكتور باطني فشخص الأعراض بأنها ارتجاع حمض المعدة للمريء، وكتب لي دواءان هما بيبزول وموزابريد، ولم ينفعاني بشكل جيد؛ لأن الشعور بالكتمة وامتلاء صدري أو ثقل علية لا يزال يأتي لي بين الحين والآخر، والشعور بالحرقة اختفى.

وأخبرته بأمر الدوخة والدوار فكتب لي دواء فيرسيرك، لكنه لم ينفعني، فالدوخة والدوار والزغللة مستمران.

التحاليل التي قمت بها هي تحليل دم وتحليل الغدة، وقمت بقياس الضغط، وعمل أشعة تلفزيونية على القلب، وكل شيء طبيعي وسليم، ولكن لا تزال ضربات القلب سريعة جدا.

أنا على هذه الحالة أكثر من شهرين، وأمر الآن باختبارات ولا يسعني التركيز، وليس بإمكاني زيارة طبيب نفسي، لأن الطب النفسي في مصر غال الثمن، قرأت أن مادة الحشيش بإمكانها عمل اضطراب في كيمياء المخ، وقد يسبب أمراضا نفسية.

أرجو أن تساعدوني في تجاوز هذه المحنة، وأن تصفوا لي دواء قد يساعد في تخفيف هذا الدوار والدوخة وتلك الأعراض المزعجة التي أثرت بشكل سلبي جدا على حياتي، أصبحت أفكر في الانتحار، ومؤمن أن الانتحار هو الخلاص لي ولمعاناتي، ويأتيني وسواس بأني لن أتعافى.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك -أخي الكريم– في الشبكة الإسلامية، وجزاك الله خيرا على كلماتك الطيبة في حق الموقع والعاملين به.

أنا قمت بتدارس رسالتك واستشارتك هذه، وإن شاء الله تعالى الأمر أبسط مما تتصور، حالتك نعم هي حالة قلق، الذي أصابك نوع من نوبات الهرع، والهرع هو نوع من القلق النفسي الحاد جدا، قد لا يكون له مسببات، لكن في بعض الأحيان تكون هنالك مثيرات له، أي أن الإنسان الذي لديه أصلا الاستعداد للقلق والتوتر تطرأ عليه أحداث في حياته تؤدي إلى ظهور الحالة المرضية، وفي حالتك قطعا الحشيش كان هو المثير، كان هو المحرك؛ لأن الحشيش قطعا يؤدي إلى تغيرات كيميائية كبيرة في الدماغ، وأنت قد أشرت إلى ذلك في نهاية استشارتك، وأكثر المواد التي تتأثر في الدماغ هو الموصل العصبي المعروف بـ (دوبامين Dopamine) وهو مكون رئيسي جدا لكيمياء الدماغ.

عموما توقفك عن الحشيش وعدم تجربته مرة أخرى هذا في حد ذاته إنجاز عظيم يجب أن نهنئك؛ لأنك بذلك تكون ابتعدت عن شره وشروره، وسعيت نحو حفظ نفسك، وهذا قطعا ما نريده لك.

أيها الفاضل الكريم: أعراضك كلها نفسوجسدية، القلق والتوتر هو المهيمن، والمخاوف المرضية لها دور، وما يظهر عليك من أعراض في الجسد هو ناتج من ذلك القلق والتوتر.

أنت لست مريضا عضويا، أنت لست مريضا جسديا، وهذا أثبت تماما من خلال فحوصاتك السليمة كلها، فلله الحمد والشكر على ذلك.

جانب القلق -أيها الفاضل الكريم– تتخلص منه من خلال تجاهله، من خلال توظيف القلق لتجعله إيجابيا، وهذا يعني أن تكون مثابرا في الحياة، أن تكون لك أهداف، هذه الطاقات القلقية يجب أن تحرق وتوجه بهذه الكيفية، إذا كنت في محيط الدراسة –وهذا من المفترض– تسخر طاقاتك أكثر لاكتساب العلم، هنا يكون القلق طاقة إيجابية مفيدة جدا، أن تمارس الرياضة، أن تنتظم في عباداتك، في صلواتك، في مساعدة الضعفاء، في بر والديك، في أن تكون لك أهداف عظيمة في الحياة، وأن تحرص على ممارسة الرياضة، التوازن الغذائي، هذا كله علاج، وفي ذات الوقت سوف تكتشف أن أعراضك هذه قد انتهت، حتى الأعراض الجسدية، حتى استرجاع المريء، كل هذا سوف يختفي تماما، والتوتر سوف يقل أو يصبح إيجابيا جدا، وفي ذات الوقت تكون أضفت إضافات عظيمة في حياتك، تكون قد طورت نفسك وقد نميت نفسك، فأرجو أن تسير على هذا المنهج، وهذا هو العلاج الرئيسي.

الدواء يأتي في المرتبة الثانية من حيث الأهمية، وعقار مثل الـ (دوجماتيل Dogmatil) والذي يسمى علميا باسم (سلبرايد Sulipride) بجرعة 50 مليجراما لمدة شهرين، ثم 50 مليجراما صباحا لمدة شهر سيكون جيدا، يضاف إليه عقار مضاد للمخاوف وهو الـ يعرف تجاريا باسم (مودابكس Moodapex)، والذي يسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline) والجرعة هي نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم حبة كاملة ليلا لمدة شهرين، ثم نصف حبة ليلا لمدة شهر، ثم حبة يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أيها الفاضل الكريم: الانتحار ليس خلاصا، الانتحار دمار، ومآل سيئ وسحيق، وأنت يجب أن تحس بالحياة وتعيشها بقوة، هذا هو الذي تستحقه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات