نظرة الطب النفسي لمن يظن أن أحدا يعرف متى يموت.

0 96

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في ثاني أيام رمضان هذه السنة وبعد تناول السحور؛ فجأة أخي الأصغر مني والذي يبلغ 19 عاما قال لأمي اقرئي لي ختمة على روحي، ومن وقتها بدأت الوساوس تدور في رأسي على أن أخي سيموت قريبا، ولم أعد أستطيع الدراسة، وامتحاناتي قريبة، وأصبحت كل حياتي هي التفكير في هذه القصة.

وما أخافني أكثر أننا في رمضان والشياطين مصفدة فهي ليست بوسوسة من الشيطان، فهل هذا دليل على أن أخي سيموت قريبا؟ لأني أسمع عن أناس ماتوا بعد ما قالوا مثل هذه الجمل، أو بمعناها، أو أحسوا بموتهم.

يذكر أن لي أخا توفي يعمر الـ 9 سنوات في سنة 1995، وكان عمري سنتين فقط، وقبل وفاته قال لأمي إنه سيلحق بجدتي المتوفاة، والدة أمي في تلك السنة، وفعلا بعدها بعدة أشهر توفاه الله عز وجل.

أريد منكم أن تعطوني أمثلة على أناس قالوا مثل هذه الجمل، أو بمعناها، ولم يموتوا، وبقوا أحياء لكي أطمئن قليلا.

وشكرا جزيلا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أخي الكريم: نحن أصلا لا نبحث عن مثل هذه الأقاويل التي تحدثت عنها، نحن إيماننا قاطع أن الأعمار والآجال بيد الله تعالى، وكل الذي يقال خلاف ذلك هو وسوسة، أو خرافات، أو نوع من الشعوذة، وليس أكثر من ذلك.

فيا أيها الفاضل الكريم: كل الذي يحاك ويحكى ويذكر حول أن الإنسان يعرف وقت موته، أو شيء من هذا القبيل لا أساس له، الإنسان يسأل الله تعالى أن يحسن لخاتمته، وقد قال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم: { قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء }، ولكن الإنسان يعمل لآخرته بقوة وشدة وفعالية، هذه هي الأسس التي يجب أن تسير عليها.

الوساوس أفكار مخلة جدا، أفكار مستحوذة، قبيحة المحتوى، وهي تسيطر على من لديهم هشاشة في نفوسهم، الذين يتقبلونها، الذين يتفاعلون معها، أما الذين يرفضونها ويحقرونها ويلفظونها؛ فهؤلاء قطعا لا مجال للوسوسة إليهم ولا في محيطهم.

فيا أيها الفاضل الكريم: أرجو أن تكون بنفس الحزم وبنفس القوة التي يكون عليها أي شاب مسلم يؤمن بالقضاء والقدر كما هو معلوم ومعروف.

بالنسبة لمنطق أن الشياطين مصفدة فلا يمكن أن تكون هذه وسوسة منهم ونحن في رمضان؟ أقول: الوسوسة قد تكون من الشيطان وقد تكون حديث نفس، وقد تكون وسوسة طبية.

ومعلومة أخرى الشياطين المصفدة والمرسلة هي مردة الجن، كما في الحديث، وأنت لديك خبرات مكتسبة: وفاة أخيك الذي توفي في عمر تسع سنوات وكان عمرك سنتين، وقال لأمك أنه سيلحق بجدته والدة أمك: هذا نوع من التأثير الإيحائي، هكذا نسميه في علم السلوك، هذا الأمر قد أثر عليك كثيرا، كما أن قول أخيك الأصغر -والذي يبلغ تسعة عشر عاما– من المعنى النفسي والمفهوم السلوكي قول قوي جدا.

أنا لا ألومك أبدا، ما تركته عليك من صدى وتأثير نفسي داخلي أدى إلى بناء هذا الفكر الوسواسي، المنطلق يقول أنك تلقيت رسالة قوية، تم تشفيرها وتحفيزها في داخل كيانك.

فالعلاج –أيها الفاضل الكريم– هو رفض هذه الأفكار، عدم البحث فيما يقال حول أن الإنسان يعرف يوم موته وشيء من هذا القبيل، هذا كلام لا أساس له، اسأل الله أن يحفظك، واعلم لكل أجل كتاب، واعلم أن الله تعالى قال: {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} واعلم أنه قال: {وما تدري نفس ماذا تكسب غدا ولا تدري نفس بأي أرض تموت}، وأنه إذا جاء أجل أحدنا لا يستأخر ساعة ولا يستقدم أخرى.

اجتهد في حياتك، كن شخصا منتجا فاعلا مفيدا لنفسك ولغيرك، وهذه الأسس الحياتية الصحيحة.

أيها الفاضل الكريم: الوساوس القهرية تتطلب العلاج الدوائي في كثير من الأحيان، والأدوية لا شك أنها مفيدة جدا، وأنا أنصحك بأن تتناول أحد مضادات الوساوس؛ لأنها سوف تريحك كثيرا وتقطع الطريق تماما على هذه الوسوسة.

هناك عقار يعرف باسم (بروزاك)، وهنالك الـ (فافرين)، والـ (زولفت) كلها جيدة، وكلها ممتازة، لو تواصلت مع طبيب ليختار لك الدواء المناسب، هذا سوف يكون أمرا جيدا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات