دائما متسخطة ولا أستطيع تقبل حياتي، فما الحل؟

0 267

السؤال

السلام عليكم..

أشكركم مقدما، فموقعكم أزوره يوميا، ومعجبة بإجاباتكم.

أرجو من د.محمد عبد العليم أن يعطيني رأيه بموضوعي.

مشكلتي هي أني حساسة جدا منذ صغري، وهذا يجعلني أعاني عند احتكاكي بالمجتمع وحتى مع أهلي، وأعتقد أن شخصيتي وسواسية، فمنذ أيام الابتدائية كنت أبكي لساعة كاملة بالمدرسة إن لم أحصل على درجة كاملة في مادة ما.

ويبقى الموضوع في نفسي، ثم أني أدقق في أمور لا يعير الناس لها اهتماما، وإذا حدث موضوع ما فأنا أفكر به باستمرار لأيام متتالية، ولا أستطيع أن أبعده عن بالي، وما زاد حالتي سوءا أنه تم قبولي بالخطأ في كلية الصيدلة بدلا من طب الأسنان، وأنا لا أحب الصيدلة أبدا، ولم توافق الوزارة على إجراء تعديل لقبولي، فأكملت الصيدلة، والآن أكره وظيفتي في المستشفى، ودرست الماجستير كي أترك المستشفى، والآن أنوي الاستقالة بعد إنهاء دراستي كي لا أعود لوظيفتي كصيدلانية.

درست الشريعة، وحفظت القرآن، وأعلم أن وضعي غير مقبول شرعا، فأنا لست راضية عن نفسي مطلقا، لكني حاولت والله محاولات كثيرة قد تصل إلى الألف محاولة كي أغير واقعي، وأعيش بصورة بسيطة، وأكون منتجة، ولكن عند وقوعي في أي ظرف أعود كما كنت محبطة ومكتئبة.

أمارس الرياضة وتمارين الاسترخاء، أقرأ كتبا نفسية ودينية، لا أؤمن بفائدة الأدوية المضادة للاكتئاب، أقدم نصحا ودعما معنويا للناس ولمن يطلب مني، وأحاول تغيير واقعهم، وفي المقابل لا أستطيع أن أقدم نصحا لنفسي إذا صار عندي ظرف من الظروف.

أخشى أن أموت على هذه الحال وربي غير راض عني، وعندها لن ينفع الندم، فقد ذهبت 30 سنة من عمري سدى وأنا على هذا الحال.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، نرحب بك في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية، وكل عام وأنتم بخير.

أنا اطلعت على رسالتك بكل تفاصيلها، والذي أستطيع أن أقوله –أيتها الفاضلة الكريمة–:
إن طريقة تفكيرك هي التي جعلتك تحسين بالإحباط والتوتر، بالرغم من أنك إنسان لديك الكثير من الإنجازات، إنجازات كبيرة وإنجازات عظيمة، من الذي يستطيع أن يكمل دراسة الصيدلة ويتحصل على درجة الماجستير، وينعم الله تعالى عليه بدراسة الشريعة وحفظ القرآن الكريم! هذا نادر، وأنت في هذا العمر وكل هذه الإنجازات تنجزينها، يجب أن تكون دافعا رئيسيا لك لأن تغيري من طريقة تفكيرك.

الفكر الإحباطي، الفكر السلبي هيمن عليك لدرجة معيقة جدا، وأنت كما تفضلت وذكرت أن تركيبة البناء النفسي لشخصيتك هي وجود نواة قلقية وسواسية، مما جعلك تتحسسين لأبسط الأمور، وتكون تقديراتك لذاتك خاطئة، وهذا كله أدى إلى الشعور بالإحباط، وهذا نعتبره نوعا من الإحباط الغير مبرر، لا أريد أن أسميه اكتئابا، لا أريد أن أسميه كدرا، هذه المسميات لا أراها تنطبق على حالتك، يمكن أن أجمل الموضوع وأختصره في أنه لديك عدم القدرة على التكيف النفسي الصحيح، وأن تقديرك لذاتك منخفض، وهذا يعالج من خلال:

أن تعيدي ترتيب نفسك وتربطيها بالواقع، واقعك، واقع الإنجاز، واقع المعرفة، واقع العلم، واقع الشريعة، وواقع القرآن والعلوم الصيدلانية، هذه المهارات العظيمة المكتسبة تعايشي معها، تفاعلي معها، وأعتقد أن ذلك لابد أن يعطيك دفعة نفسية إيجابية.

بالنسبة لعدم رغبتك في الصيدلة، لماذا؟ الإنسان يمكن أن يغير رغبته، حتى وإن كانت رغبته لدراسة مختلفة ولم يوفق في تلك الدراسة وأتيحت له فرصة لتخصص آخر بعد أن يكمله، لابد أن يقتنع بفائدته ومنفعته، وأنت تحصلت الحمد لله تعالى على درجة الماجستير في الصيدلة، وعلى العكس تماما أنا أريدك أن تكوني مرتبطة بالعمل في المستشفيات، مع المرضى، الآن تعرفين أن الصيدلة الإكلينيكية أو السريرية أصبحت من أرقى العلوم ومن أفضلها، وأنا صراحة أعتمد كثيرا على الأخوة الذين يعملون معنى في نفس المستشفى وهم من المختصين في الصيدلة السريرية.

فأرجو أن تغيري مفاهيمك تماما، وعليك أن تضعي مشروعا مستقبليا، بالرغم من كل هذه الإنجازات أنا أعتقد أنك تعيشين شيئا من الخواء أو الفراغ الداخلي، فهذا يمكن أن يملأ من خلال تحديد مشروع معين، تحضير الدكتوراة مثلا، أن تنشئي مركزا لتحفيظ وتدريس علوم القرآن، هذه كلها مشاريع متاحة، ولديك إن شاء الله تعالى القدرة عليها. فإذا القيام بتخصيص مشروع ووضع الآليات التي توصلك إليه سوف تعطيك القيمة الإيجابية.

أيضا أن تضعي نفسك موضع الشخص الذي يجب أن يكون نافعا لنفسه ولغيره، وهذا يأتي من خلال: تحسين التواصل الاجتماعي، وتقوية النسيج الاجتماعي، والانخراط في عمل خيري مثلا أو دعوي أو ثقافي، هذا يشعرك كثيرا بقيمة ذاتك.

ممارسة الرياضة -الحمد لله تعالى- أنت حريصة عليها، وأنا سعيد أن أسمع هذا.

بالنسبة لموقفك من الأدوية: أنا أقدر ذلك، لكن أنبهك بأن العلاج الصحيح له أربع مكونات: أولها المكون الدوائي، ثم المكون النفسي، ثم المكون الاجتماعي، والمكون الديني، هذه يجب أن تتكامل وتكون في بوتقة واحدة، هذا يؤدي قطعا إلى مآلات علاجية إيجابية جدا.

الجانب البيولوجي لا يمكن تناسيه أبدا، لذا أرى أن تناول الأدوية ضروري ومفيد، والأدوية -أيتها الفاضلة الكريمة- لها ضوابط، ضوابط صارمة جدا فيما يتعلق بسلامتها وجرعاتها ومدتها الزمنية، وأنت على إدراك تام بذلك، وفي حالتك ليست هناك حاجة لأدوية كثيرة أو أدوية قوية أو جرعات كبيرة أو متعددة، عقار واحد مثل (بروزاك) والذي يسمى باسم (فلوكستين)، تناوله بجرعة بسيطة، كبسولة واحدة في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، سيكون كافيا جدا بإذن الله تعالى، فلا تحرمي نفسك نعمة العلاج.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك على ثقتك في استشارات إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات