شيء من طرق المنصِّرين في التعامل مع المهاجرين

0 121

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب عمري 22 عاما، مقيم في هولندا منذ عام ونصف، وقبل قدومي إلى هنا لم أكن أنعم بالحياة المريحة بسبب ضغوطات الأهل، والمشكل العائلية الكثيرة، ومنذ وصولي إلى هنا ارتحت مبدئيا من هذا الوضع، إلى أن تعرفت إلى أحد الأشخاص، وهو طبيب بيطري هولندي.

اتفقنا على أن يساعدني على تعلم اللغة الهولندية، وعلى هذا الأساس بدأ يرافقني مرة إلى المدرسة، ومرة إلى المكان الذي أعمل به عملا تطوعيا إجباريا من البلدية، وقدم لي فرصة لتعلم مهنة النجارة عن طريق الصدفة، وقال لي: إنه لا يوجد معرفة شخصية بينه وبين الشخص الذي سوف يعلمني هذه المهنة، وبعد فترة تبين أنه في محل النجارة لا فرصة للتعليم، بل هي لإبقائي مشغولا طوال اليوم، أقوم بأعمال لا فائدة منها، إلى أن اعتذرت من صاحب المحل، وتوقفت.

بدأت أرى بعض التغيير في أسلوب أستاذ اللغة، حيث بدأ بإخباري بقصص غير صحيحة، وأسلوب مضايق غير مباشر، ولكن النقطة الأهم أنه فيما مضى طلب مني أن أقرأ كتابا، قال لي إنه قصة للأطفال، الكتاب هو عبارة عن قصة طفل عمره تقريبا بين الخمس والعشر سنوات، ذو خلق مميز، وطبع جميل، ولكن أهله يسيؤون معاملته.

لم أستطع ان أكمل قراءة الصفحة الثانية بالكتاب حيث شعرت بألم خفيف جدا بالرأس، وطلبت منه أن نبدأ بكتاب آخر؛ لأنني شعرت أنه أنا المقصود، وحتى من خلال اسم مر في القصة كان قد اقترح أن يطلقه علي سابقا، ومن بعدها بحوالي ثلاثة أشهر وكانت حالتي النفسية بدأت تسوء، وبعض المخاوف التي كانت تراودني سابقا؛ أتى لزيارتي وبدأنا القراءة في أحد الكتب، مع أني طلبت منه مرات عديدة أن ندرس بكتب القواعد لا بكتب القراءة، وكانت الصفحة تحتوي كلمات صعبة جدا، وبدلا من أن يساعدني بلفظها كان يقاطعني، ويصعب علي القراءة.

عند انتهاء لقائنا وأنا أودعه عند باب المنزل قال: إنه لا يستطيع النوم، وأنه يشعر بألم بظهره، فلم ألق بالا لكلامه؛ لأنه رجل مسن، وكنت في هذه اللحظة متوترا وبحالة غضب شديدة، ولكن كنت أخفيه إلى أن يرحل، وعندما رحل بدأت بضرب الكتب، وانتابني شعور بالغضب، وألم شديد بالرأس، وتحديدا في القسم الأيمن الخلفي، لدرجة أني ضربت رأسي بالحائط مرات عديدة؛ ليتوقف الألم، مع بكاء شديد، ثم بعد أيام عاد وهو يحمل كتابا فيه قصص من الإنجيل.

أعتذر إن أطلت بالشرح، ولكن للقصة بقية، وأنا حاليا منذ فترة شهر لا أنعم بنوم عميق، وأرى أحلاما وكوابيس طوال نومي، ولا أستطيع التركيز أبدا، لا بتعلم اللغة، ولا حتى بتواصلي مع الآخرين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد الزعبي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأنا اطلعت على رسالتك وتمعنت فيها، والذي توصلت إليه أخي الكريم أن تعرفك على هذا الرجل –أي الطبيب البيطري– كان قصدك أن تستفيد وأن تتعلم اللغة، وهذا قصد طيب ونبيل، لكن يظهر أن الرجل مبشر كنسي، وكان هناك غموض واضح جدا في الطريقة التي يتعامل معك بها، وحاول أن يسيطر على وجدانك ويستأثر بثقتك بصورة كاملة، ومن ثم يضعك في المسار الفكري والعقدي الذي يريده.

هذا كله –أيها الفاضل الكريم– تصادم مع فطرتك السليمة، فأنت صاحب فطرة سليمة، أنت مسلم، وما حدث لك حقيقة أمر قطعا يؤدي إلى عدم القدرة على التكيف، وعلى عدم القدرة على التواؤم، الأمر أمر جوهري وليس أمرا سطحيا، أو أمرا عابرا.

فيا أيها الفاضل الكريم: التغيرات التي حدثت لك هي تعبير حقيقي عن وجدانك الصافي وفطرتك السليمة، والذي أنصحك به أن توقف علاقتك مع هذا الرجل، ولن يحدث لك إلا الخير، وارجع إلى مجتمعك، فإن بها الكثير والكثير من الشباب المسلم الذين هاجروا، كن معهم، استفد من خبرتهم، وتعلم اللغة بنفس الكيفية والطريقة التي تعلموا بها.

أنت تحتاج إلى نوع من الصقل الاجتماعي الإيجابي، وهذا يجب أن يتوفر من خلال تواؤمك مع بيئتك المسلمة والعربية، بخلاف ذلك لا أرى حلا أبدا –أيها الفاضل الكريم– وقطعا هذا الحل موجود ومتاح، وسوف تجد من يأخذ بيدك من الشباب المسلمين من بلدك، أو من أي بلد آخر، أنا أعرف الكثير والكثير من الشباب في هولندا وغيرها، وهناك جمعيات شبابية وعربية وإسلامية تساعد القادمين الجدد، فتجربتك اعتبرها عبارة عن تجربة، وتقبلها بسلبياتها وإيجابياتها، واخرج منها بالكيفية التي ذكرتها لك.

أخي الكريم: مارس الرياضة، سوف تفيدك كثيرا، لأن الرياضة تقضي تماما على الطاقات القلقية والتوترية السلبية، حاول أن تنام مبكرا، كما ذكرت لك قوي نسيجك الاجتماعي مع أبناء ملتك وجلدتك، وضع لنفسك برامج مستقبلية إيجابية تدير من خلالها حياتك، وأنت لست بحاجة لأي نوع من العلاج الدوائي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات