يصيبني حزن شديد لو أسأت التصرف في موقف ما!

0 194

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا شاب أدرس في الجامعة، بعد أن أكملت المدرسة في بلاد الغربة، كنت في هذه الغربة مع خوف والدتي الشديد علي، مما جعلني لا أملك خبرة اجتماعية ولا عملية، لقلة نشاطاتي الاجتماعية، وعدم تكليفي بأي عمل أو مسؤولية، فصرت ساذجا وسيئ التصرف، ولكنني تحسنت ببطء خلال سنوات، ثم كانت فترة الجامعة التي اكتسبت فيها ثقة أكبر من قبل، ولكي أحسن من نفسي فأنا دائما أحلل شخصيتي وعيوبي، وأحدد الأسباب وأحاول حلها، فتحسنت خبراتي الاجتماعية كثيرا، وأحاول أن أقوم بمهام جديدة لوحدي لكي أكسب الخبرة والثقة، ومع أنني أعلم أن أمامي الكثير، إلا أنني على يقين بأنني -بإذن الله- لن أتخرج إلا رجلا عاقلا راشدا.

لكن هذه الكلمات تثير في حزنا عميقا، فضلا عن لو وقعت في شيء من ذلك، فلو عملت عملا ساذجا، او أخطأت خطأ اجتماعيا، أو أسأت التصرف في موقف ما، فإنه يصيبني حزن شديد، ولأنني دائم التفكير والسرحان، فإن ذلك الموقف يشغل عقلي أياما وأسابيع، فيكدر صفو حياتي.

آخر موقف حصل لي، أنني قمت ببيع هاتفي القديم لصديقي بسعر زهيد بعد جدال طويل، فلم يفارق ذلك الأمر مخيلتي لمدة ثلاثة أشهر، وأشعر أن الأمر صار عقدة نفسية عندي، فكيف أتصرف حيال هذه المشاعر؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك العافية.

سردك جميل، وقد تحدثت عن مراحلك التطورية والارتقائية من حيث البناء النفسي، ذكرت أن أيام المدرسة كان فيها شيء من الانغلاق للخوف الشديد من والدتك عليك، ثم الآن وأنت في مرحلة الجامعة -بفضل من الله تعالى- تتدرج وتتقدم بخطى ثابتة نحو التطوير الاجتماعي والتطوير النفسي.

والذي أؤكده لك أن الإنسان يمكن أن تحدث له طفرة نفسية، كل ما يتصوره من سلبيات قد يختفي تماما، خاصة إذا توفرت له البيئة التي تشجعه اجتماعيا، وأنت الآن -الحمد لله تعالى- في فترة الجامعة، بيئة ممتازة، البيئة في السودان بيئة تفاعلية جدا، بشرط أن تستفيد منها، بأن تشارك في المناسبات الاجتماعية.

شارك الناس أفراحهم، واذهب إلى الجنائز واتبعها، احرص على صلاتك في المسجد، ومارس أي نوع من الرياضة الجماعية، وأريدك أيضا أن تكون لك اطلاعات غير الكتب الأكاديمية، اقرأ، تفقه، اعرف، وضع لنفسك شيئا من التخطيط الذي تديره من خلال يومك، كما أن حسن إدارة الوقت تعني حسن إدارة الحياة، فالذي يدير يومه بصورة جيدة ومتوازنة وفاعلة ومفيدة، يستطيع أن يدير كل عمره، فاجعل لهذا الأمر أهمية خاصة لديك.

أيها الفاضل الكريم: أنت حساس بعض الشيء، ولا تخلو من شيء من الوسوسة التوقعية، وأظنك تشرح وتضخم وتعظم صغائر الأمور، هذا يجب أن تحقره أيها الفاضل الكريم، والذي يظهر لي أيضا أن نفسك اللوامة متسلطة عليك، النفس اللوامة نفس لطيفة، نفس تقودنا نحو الخير، فتعامل معها على هذه الكيفية، ولا تلم نفسك على صغائر الأمور، ودائما تذكر إنجازاتك، وتذكر ما هو إيجابي، هذا يؤدي إلى نوع من التعويض النفسي، ويزيح تماما الحساسية الموجودة في شخصيتك.

المثال الذي أعطيتنا إياه، وهو موضوع بيع هاتف قديم لصديقك: فعلا هذا أمر لا يستحق كل هذا التضخيم، ويجب ألا تقبل المشاعر السلبية، مثل هذه المشاعر حاورها، قل لنفسك: (هذا شعور سخيف، لماذا أنا أشغل نفسي بهذه الكيفية والدنيا بها أمور أكبر من ذلك)؟ وسوف يساعدك الحوار على حسن التصرف وقبول ذاتك: الصداقات الجيدة، الصداقات المتينة، الإنسان يحتاج للقدوات، يحتاج للنموذج في حياته، فاجعل لنفسك نماذج وقدوات طيبة وأسوة حسنة، وهذا -إن شاء الله تعالى- سوف يقودك إلى الكثير من الإيجابيات، وعبر عن مشاعرك، لا تكتم، ولا تحتقن نفسيا، الكتمان والاحتقان النفسي يمثل إشكالية كبيرة جدا من حيث أنه يقود إلى كبت النفس الداخلي، فكن شخصا مفتحا، وكما أوصيتك سلفا: بناء الصداقات الإيجابية الجيدة دائما يساعد الإنسان على التفريغ النفسي الإيجابي.

هذا هو الذي أراه بالنسبة لك، ولا أمانع أبدا إن تناولت دواء بسيطا جدا، يقلل عندك هذا النوع من الحساسية الشديدة والميول الوسواسية للتفكير، الدواء يعرف باسم (فلوكستين) دواء رائع جدا، موجود في السودان، تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناوله.

أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات