أعاني في غربتي للدراسة قلقا وخوفا عكَّرا صفو حياتي

0 219

السؤال

السلام عليكم
أقسم بالله أني أحب موقعكم كثيرا، وكنت أنتظر الفرصة لأرسل استشارتي.

كانت حياتي جيدة جدا، كنت إنسانا مرحا ومتفائلا، وأحب الحياة، وسافرت إلى المانيا لوحدي من أجل الدراسة، وتعرضت للضغوطات النفسية بسبب بعدي عن عائلتي، والصعوبات التي واجهتها في إجراءات الإقامة في البلد، لكن ليست المشكلة هنا، كنت دائما أتحلى بالصبر، وأنسى وأحاول أن أسعد نفسي، وأمارس الرياضة، إلى أن أتتني أول نوبة هلع منذ ثلاثة أشهر؛ فانقلبت حياتي رأسا على عقب، فكل شهر تأتيني نوبة، لكن بين النوبة والأخرى تأتيني أعراض وتذهب.

الدوخة أتتني بعد أول نوبة؛ أتتني بعدها أعراض دوخة وعدم توازن، وخوف شديد، ووساوس شديدة، لكنها تخف، إلى أن جاءت النوبة الثانية في الشهر الثاني، ووصف لي طبيب العائلة دواء (سيتالوبرام) فلم أشعر بالتحسن المطلوب، أحس نفسي قد أصبحت دائما حزينا وقلقا ومهموما، لست كالإنسان السابق كما كنت، ثم أحسست أن الدواء يسبب لي الاكتئاب؛ لأني أجد نفسي حزينا، وأريد أن أبكي، وبدون أي سبب، ثم استبدله لي الطبيب بـ (فينلافاكسين).

أتتني نوبة هلع بعد استعماله بـ 10 أيام تقريبا، لكن لم أشعر بتحسن، فأقلق عندما أخرج من المنزل، وقد كرهت المكان الذي أعيش فيه - بسبب أني عندما كانت تأتيني الأعراض أو أكون منزعجا، أو قلقا؛ وأكون خارج المنزل ولا أصدق متى أصل المنزل- تأتيني دائما وساوس مزعجة وغير منطقية، إن كانت عن الموت، أو ضيق النفس، أو أمراض، أو أشياء أخرى، لا أستطيع وصفها من شدة أنها عديمة المنطق.

أشعر دائما بالخمول والكسل، ولا أستطيع فعل شيء إلا الاستلقاء على السرير، فقدت الاهتمام بالأشياء التي كنت أحبها كالرياضة ورفع الأثقال، وأكلم أهلي دائما وأبكي وأقول لهم: أريد أن أعود، لكنهم لا يوافقون من أجل مستقبلي، ويقولون لي: لو توقفت عن التفكير بهذه الحالة فستتخرج، لكني حقا أحاول ولا أستطيع، وأستيقظ كل يوم بحالة لا توصف من شدة الانزعاج والضيق والكآبة.

وكلما أهم لأفعل شيئا أعود لحالتي من جديد بعد وقت قصير، فكرهت حياتي، وكرهت كل شيء، أرجوكم ساعدوني فأنا أريد أن أعود إلى ما كنت عليه في السابق، إنسانا طبيعيا مثل أي إنسان في عمري؛ لأني مقبل على الدراسة، ولا أدري كيف سأستطيع أن أدرس وأنا بهذا الحال ليس عندي أي تفاؤل، فقد بت متشائما وحزينا، وعندما أخرج من المنزل لا أصدق متى أعود لكي أستلقي على السرير، ولا أريد فعل أي شيء.

ساعدوني وأنقذوني أرجوكم، جزاكم الله كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

عند الدخول في الدراسات الجامعية يكون الشخص في حالة من الترقب، وفي حالة بين الخوف والرجاء، وهذه الفترة عادة تكون فترة مقلقة لكثير من الشباب، حتى يبدأ في الدراسة الجامعية وينخرط فيها، لأنها نقلة من مرحلة الثانوية إلى الجامعة، من مرحلة الاعتماد على الأهل والمدرسين، إلى الاعتماد على النفس، فهذه فترة دائما تكون فيها كثير من التوترات.

الشيء الآخر: هذه الفترة في حد ذاتها مقلقة، ولكن أنت الآن تعيشها في بلد أخرى، الغربة أيضا تحدث قلقا وتوترا، مفارقة الأهل ومفارقة الأصدقاء ومفارقة الأحباب والعيش في بلد ثانية، ثقافة مختلفة، لغة مختلفة، تقاليد مختلفة، كل هذا يسبب نوعا من الضغوط والقلق.

إذا كل هذه العوامل اجتمعت –يا ابني– لإحداث هذا القلق والتوتر والهلع الذي تمر به، ولكن لا عليك، هذه فترة يمر بها كثير من الناس، وسرعان ما يبدؤوا في التأقلم والتكيف مع ظروفهم الجديدة وحياتهم الجديدة.

أنصحك بمحاولة تكوين أصدقاء، محاولة الخروج والتعرف على ملامح هذا البلد الجديد، ومحاولة تنظيم الوقت ما بين الدراسة وما بين الترفيه، وبعد كل هذا لا بأس من الكتابة، اكتب لأهلك خطابات تبث فيها أحزانك، تبث فيها مشاعرك، أرسلها، أو حتى مزقها، فالكتابة عن هذه الأشياء سوف تريحك.

الحبوب والأدوية هنا تلعب دورا ثانويا، وأهم شيء تصبر عليها، فلا يأتي مفعولها بسرعة، الفلافاكسين مثلا أو كل أدوية الاكتئاب والتي تساعد في الهلع والقلق والتوتر تحتاج لأسبوعين ليبدأ مفعولها، فعشرة أيام ليست كافية للحكم عليها، يبدأ المفعول عادة بعد أسبوعين، وتحتاج إلى شهر ونصف إلى شهرين حتى نحكم بأننا استفدنا منها أم لا.

وكما ذكرت الأدوية عامل مساعد للأشياء التي طلبت منك القيام بها.

بإذن الله كثيرون غيرك مروا بمثل ما مررت به واجتازوه، وأنا على ثقة بأنك سوف تكون مثلهم تجتازه بإذن الله وتنجح، فلتصبر ولتصابر، ولا تهرب مرة أخرى وتعود إلى الأهل.

وإليك هذه الاستشارات لتعرف منهج السنة النبوية في علاج الأمراض النفسية: (272641 - 265121 - 267206 - 265003)

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات