نظرة الشفقة لي بعد موت والدي أثرت علي نفسياً!

0 135

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة.

أنا شاب أبلغ من العمر 22 سنة، انطوائي ولا أحب إلا أهل بيتي، وشخصين آخرين هما من أقاربي وأصدقائي في نفس الوقت.

في صغري كنت أعاني من الخجل كثيرا، لكني الآن أشعر بتحسن كبير، وأستطيع مواجهة الناس، ولكني لا أحب الكلام، وفي معظم الحوارات أكون صامتا مع الناس غير المقربين لي، حتى يطلب مني الرأي، بعدها أعطيهم الرأي الذي أراه وأعود إلى صمتي.

كنت أخاف من الناس وأتجنبهم، ومن هؤلاء الناس أهلي الذين لا يسكنون معنا؛ لسبب وهو أنهم كانوا ينادوني بابن المرحوم، لأن أبي توفي وأنا في الرابعة من العمر، وكان كلما يأتي شخص لزيارتنا، تسرعن عماتي بإخباره أن هذا الصبي هو ابن المرحوم، ويبدأ الناس ينظرون إلي بنظرة الشفقة، وكنت أرى أولاد عمي وأقاربي يمرحون مع آبائهم، وأحس بشعور الحرمان، إلى أن كبرت وتأقلمت مع الوضع.

بعد إكمالي للمرحلة الثانوية بدأت الدراسة الجامعية، وأحسست بعدم حب الدراسة، مع أنني في المرحلة الثانوية حصلت على نسبة عالية، بعدها قررت أن أبحث عن عمل، وكلما أقبلت للتقديم على وظيفة ويتم إجراء المقابلة الشخصية، يعجب بي المسؤول عن التوظيف، وهذا حصل لي في أكثر من 9 مرات تقريبا، ويعطوني موافقة سريعة للعمل، لكنني أول ما أبدأ العمل في أول أسبوع، أشعر بضيق، وأشعر أني تحت إدارة شخص متسلط، وإن لم يكن الأمر كذلك، وأشعر بعدم الحرية، وأشعر أني في سجن، وأشعر بذل، وبعد هذا الشعور أستقيل في أول الأيام.

أنا حساس جدا منذ طفولتي وحتى الآن، كل الأحداث ممكن أن تؤثر بي، وحتى الكلمات التي لا يراها البعض جارحة من الممكن أن تؤذيني كثيرا.

أعاني من وسواس شديد في أمور كثيرة في حياتي، على سبيل المثال: في أيام العمل كنت أستيقظ من النوم قبل موعد العمل بساعات، ويكون نومي متقطعا، في كل ساعه أستيقظ لأرى كم بقي من الوقت لأذهب للعمل، ولا أستطيع الذهاب إلى أي مكان بعد العمل، لأني أفكر في اليوم التالي.

ومن الأمثلة الأخرى أنه في مرة من المرات أوقفني أحد رجال المرور؛ لعبوري الإشارة الضوئية عن طريق الخطأ، والمخالفة هذه تعتبر جسيمة ويسجن فيها السائق، وتحجز مركبته، بعدما تحدثت مع رجل المرور عفا عني، ونصحني أن لا أعود لمثلها، بعدها لما رجعت إلى المنزل قلت في نفسي كيف لهذا الرجل أن يسامحني، وهذه المخالفة ليس فيها سماح، فقلت أخاف أن يغير رأيه، وقلت أخاف أن يتم الرجوع لكاميرات المراقبة الموضوعة على الإشارات الضوئية، وجلست في قلق، في كل يوم أنتظر مكالمة من مركز الشرطة، مع أن الرجل قال أنا المسؤول عن مخالفتك.

دائما أواجه مشاكل الوسوسة من هذا النوع، علما أني أحاول أن أواظب على صلاتي، وقراءة وسماع القران.

شكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخ الكريم: طبعا موت الأب وأحد أبنائه في سن صغيرة يكون مؤثرا جدا عليه، وكما ذكرت يسبب شعورا بالحرمان وبالنقص، خاصة عند رؤيتك الأطفال الآخرين وهم يلعبون ويمرحون مع آبائهم، ولذلك أوصى ديننا الحنيف باليتيم، والتعاطف معه ودعمه، ولكن للأسف الدعم هنا كان دعما سلبيا، أي تذكيرك دائما بابن المرحوم، وكان ينبغي أن يتركوك تعيش حياة طبيعية وتنسى هذا الشيء، ويمكن أن يتم دعمك ماديا إذا كانت هناك مشكلة مادية، أو بأي دعم معنوي آخر.

وطبعا هذا سبب لك ضيقا - كما ذكرت - وحساسية مفرطة مع الناس، وقد يكون هذا سببا أو أحد أسباب المشاكل التي تعاني منها.

الحمد لله - يا أخي الكريم - أنك مواظب على الصلاة وقراءة القرآن، وهذا -إن شاء الله- يفيدك فائدة كبيرة، ولكن أرى أن تراجع طبيبا نفسيا ليقوم بفحصك فحصا كاملا، ومحاولة معرفة إذا كنت تعاني من اكتئاب أم لا، لأنه أحيانا وفاة الأب وأحد أبنائه صغير السن من الأحداث التي تجعل الشخص أكثر عرضة للاكتئاب في حياته فيما بعد، والضيق عادة هو أحد أعراض الاكتئاب، والوسواس أيضا قد يكون أحد أعراض الاكتئاب، وقد لا تكون هذه الأعراض لاكتئاب نفسي، ولكن - كما ذكرت - جزء من المشاكل النفسية والتراكمات التي تعرضت لها أنت كطفل، وهذا مهم، لأن الاكتئاب النفسي عادة يعالج بالأدوية النفسية، أما التراكمات النفسية فتعالج بالجلسات النفسية، حيث يطلب منك المعالج أن تفرغ كل ما بداخلك، وأن تتكلم عن كل هذه الأشياء التي حصلت في طفولتك، كما ذكرت جانبا منها الآن.

على أي حال: لا يتأتى هذا إلا بالمقابلة المباشرة والكشف عليك، ولذلك أنصحك بالذهاب إلى طبيب نفسي لكي يتم التقييم الكامل، ومن ثم إرشادك للعلاج الذي يعينك على التخلص من هذه الأشياء والاستقرار في الوظائف والعمل التي ذكرت أنها دائما تحصل عليها بسهولة، وهذه ظاهرة حميدة، ولكن يجب مساعدتك لمواصلة العمل وعدم الانتقال من وظيفة إلى أخرى.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات