أتوهم أشياءً كثيرة أفعلها بمن حولي، فما العلاج؟

0 264

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فى البداية أشكر لكم الجهد الرائع الذي تبذلونه في سبيل خدمة إخوانكم المسلمين، ومتابعيكم من كل أنحاء العالم.

أنا شاب، مشكلتي باختصار هي أنني منذ فترة كبيرة قد تصل لسنوات، أتخيل نفسي وأنا أكلم أحدا أنني أصفعه على وجهه بدون مقدمات، أو أن أطعن نفسي بسكين وأنا في المطبخ، أو ألقي بابنتي من النافذة، أو أؤذي زوجتي، علما بأنني أحبهم حبا جما، ولا يوجد داع لهذه الأفكار الغريبة التي لا أعلم سببها، ويحدث أحيانا عندما أتضجر من أمر ما، أو من ضغوط العمل، أو هموم أحملها، أنني أتخيل نفسي معلقا بحبل من رقبتي مشنوقا، لكي تنتهي كل هذه الآلام والهموم.

لا أدري هل أنا مريض أم لا؟ علما بأن حياتي تسير بشكل شبه طبيعي، لا يعتريها إلا ما يعتري الحياة الطبيعية من صعود وهبوط في الحالة المزاجية بشكل عادي، ويحدث أيضا أنني أعاني صداع غير معلوم السبب، وقد قمت بفحص الضغط والسكر والقلب، وكل شىء طبيعي -ولله الحمد- لكنه يأتي من وقت لآخر أعلى وخلف الرأس، وتم استبعاد كل الأمراض المزمنة المتوقعة، هل هو سبب نفسي، وهل له علاقة بما ذكرت آنفا؟

بانتظار نصحكم جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

وساوس العنف ضد النفس، أو ضد الآخرين وساوس معروفة، والوساوس في جملتها تتكون من ثلاثة محتويات رئيسية:

وساوس في الدين، ووساوس متعلقة بالجنس، ووسواس العنف أو إيذاء الآخرين والنفس، وتوجد وساوس أخرى، لكن هذه هي المكونات الثلاثة المعروفة.

أطمئنك تماما -أخي الكريم- أن أصحاب الوساوس دائما هم من أفضل الناس فيما يخص ويتعلق بالمنظومة القيمية، دائما تجدهم يتحرون حسن الخلق، طيب الأفعال وأكرمها، ولم أشاهد موسوسا قد ارتكب جريمة، فهذه الملاحظات معروفة، مثبتة علمية، فاطمئن -أخي الكريم- نعم هي وساوس قبيحة، وساوس شريرة، يجب أن تتجاهلها، ويجب أن تحقرها تماما، ولا تناقشها ولا تحاورها، لأن الاسترسال فيها، أو تحليلها يزيد من حدتها وشدتها.

إذا حقر هذه الوساوس، وإن فرضت الفكرة نفسها عليك فاربطها بما نسميه بالمنفر، أي أن تلجأ إلى العلاج بالتنفير، وهو مثلا: أن تربط هذه الفكرة الوسواسية الخبيثة بشيء آخر، بفكرة أخرى، مثلا: تصور أنك ذهبت إلى الحج، فكرة مخالفة تماما للفكر الوسواسي، وتركز على الفكرة الجديدة، وفي ذات الوقت يمكن أن تقوم بتمرين آخر، وهو: أن تخاطب الفكرة الوسواسية قائلا: (قف، قف، قف) كأنك تخاطب شخصا أمامك أو تناشده مناشدة مباشرة.

وتمرين ثالث بسيط جدا أخي الكريم: تصور هذه الأفكار، أمسكها فكرة فكرة، وفكر في كل فكرة بعمق، ثم قم بإيقاع نوع من الألم على نفسك، مثلا أن تضرب على يدك بقوة على سطح صلب كالطاولة، ويجب أن تحس بالألم، الفكرة هي أن تكون هناك ربط بين الألم وبين الفكر الوسواسي، وهذا يضعف الفكرة الوسواسية تماما، كرر هذا التمرين -أي تمرين إيقاع الألم بالنفس- عدة مرات، عشرة إلى عشرين مرة في كل جلسة، بمعدل جلستين إلى ثلاثة في اليوم، وهكذا.

أخي: أراك محتاج لعلاج دوائي، أنا أعرف الألم الذي توقعه الوساوس على الناس، وهنالك أدوية كثيرة، من أفضلها -وأعتقد أنه سيفيدك جدا-، عقار (سيرترالين) والذي يسمى تجاريا (زولفت)، الجرعة هي أن تبدأ بنصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) ليلا لمدة أسبوع، ثم اجعلها حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلا لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء، هو دواء بسيط جدا وفاعل جدا، وجرعتك صغيرة جدا، وهي حبة واحدة في اليوم، علما بأن الجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم.

الدواء سليم -كما ذكرت لك- لا يسبب الإدمان، من آثاره الجانبية -ولا يخلو دواء من أثر جانبي-، أنه قد يؤدي إلى زيادة قليلة في الشهية نحو الطعام، كما أنه قد يؤخر القذف المنوي قليلا عند الجماع، لكنه لا يؤثر على خصوبة الرجل، أو صحته الإنجابية.

أخي: الصداع الذي تشتكي منه من وجهة نظري هو صداع قلقي وتوتري، فحين تتناول الدواء -إن شاء الله تعالى- أمورك كلها سوف تكون طيبة، وأرجو أن تنام في وضعية صحيحة، النوم في وضعية خاطئة يؤدي إلى انشداد في عضلات الرقبة، مما ينتج عنه صداع، فنم على شقك الأيمن، ويجب أن تكون الوسائد والمخدات خفيفة جدا وغير مرتفعة جدا، وحاول أن تكون مسترخيا، واعتمد على النوم الليلي، ومارس الرياضة، هذا كله ينفعك كثيرا أخي الكريم، فالعلاقة ما بين الصداع والوساوس معروفة، لأن كلاهما ينتج من القلق، الوساوس مرتبطة بالقلق، وكذلك الصداع مرتبط بالقلق في بعض الأحيان.

بارك الله فيك وجزاك خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات