خطواتي في المواجهة إيجابية لكنها متباعدة، فكيف أقضي على هذا الرهاب؟

0 134

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا دكتور محمد عبدالعليم على ما تقوم به من جهود عظيمة لخدمة إخوانك المسلمين، الحائرين، وأسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى، ويجعلك وجميع القائمين على هذا الموقع من أصحاب الجنة، اللهم آمين.

عمري 16 سنة، في الصف الحادي عشر القسم العلمي، لم أفلح في التخلص من الرهاب، مع أني قرأت الكثير من الاستشارات عن الرهاب الاجتماعي في موقعكم، إلى درجة أنه أصبحت لدي خبرة في ذلك, أعلم أنه يجب علي الإكثار من المواجهات، وأن لا أراقب نفسي أثناء المواجهة, وبالفعل استطعت القيام ببعض المواجهات، ولكن بنسبة ضئيلة، حيث إني طلبت من المعلم أن يسمح لي بإلقاء موعظة للطلاب، وحدث ذلك 3 مرات متفرقة، إلى جانب بعض المواجهات البسيطة, وغالبا في المدرسة لا أشارك مع المعلم، فلا أخرج للكتابة أو الإجابة على السبورة، وأكتفي أحيانا ببعض الإجابات البسيطة، أو سؤال المعلم, فكلما أقوم بمواجهة أو تفاعل اجتماعي لا أستمر عليه -أي لا تكون المواجهات متتالية أو متتابعة-، مما يزيد حدة الرهاب مرة أخرى، ويرجعني إلى نقطة البداية.

أرجوك يا دكتور ساعدني، لا أريد الاستمرار على ذلك، ولو كانت حالتي بسيطة, وأيضا هل من الأفضل أن أجمع بين العلاج السلوكي والدوائي؟ أم بالعلاج السلوكي فقط؟ علما أني لا أفضل العلاج الدوائي.

أرجو أن تكون رسالتي جلية واضحة، فإني أثق بكم وأملي فيكم كبير، وآسف على الإطالة، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على كلماتك الطيبة، وأسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

أعتقد أنه أول ما يجب أن تلتزم به هو أن تؤمن بحتمية التغيير، وأن تكون لك قناعة تامة أنك سوف تتغير، بل بدأ عندك التغير الإيجابي. هذه القناعة لا بد أن تكون موجودة.

والأمر الآخر: أن تتعلم كيف تقلل من الرقابة على وظائفك الجسدية، مثل الطريقة التي تتكلم بها، أو الطريقة التي تمشي بها، أو حتى الطريقة التي تفكر بها، قلل كثيرا من الرقابة الصارمة على وظائفك الجسدية، وكذلك وظائفك الذهنية أو الفكرية، وهذه تعتبر معينات سلوكية مهمة جدا.

وأريدك أيضا أن تركز على التعريض في الخيال، يعني أن تجالس نفسك يوميا بمعدل مرتين لمدة لا تقل عن ربع ساعة، وتتخيل نفسك أنك في موقف فيه تجمع كبير، وأنه قد طلب منك أن تتحدث لهذا الجمع الغفير، وبالفعل قم بصياغة حديث معين وخاطب به ذاتك كأنك تخاطب الآخرين، وهكذا في مرة أخرى انتقل إلى تمرين آخر، هذا التعرض عن طريق الخيال مفيد جدا إذا طبق بصورة صحيحة.

الخطوة الأخرى هو تعلم مهارات اجتماعية بسيطة، أولا: حاول دائما أن تنظر إلى الناس في وجوههم، وحاول دائما أن تبدأ بالسلام، واعلم أن تبسمك في وجوه إخوانك صدقة، وهذه تعتبر مهارات اجتماعية ضرورية ومهمة جدا.

البروز الاجتماعي الأسري، بأن تكون شخصا فاعلا داخل الأسرة، هذا أيضا علاجا مهما لعلاج الرهاب الاجتماعي. تكوين صداقات أيضا هو من الضرورات السلوكية التي يعالج الإنسان من خلالها نفسه.

وتأتي بعد ذلك موضوع الصلاة مع الجماعة، الصلاة مع الجماعة من وجهة نظري – وحسب ما أثبتت التجربة – هي من أفضل طرق علاج الرهاب الاجتماعي، بشرط أن يكون هنالك التزاما بالخشوع في الصلاة، وأن تكون دائما في الصف الأمامي بقدر المستطاع، بل اسع لأن تكون خلف الإمام، وتصور أنك قد تنيب عن الإمام إذا طرأ عليه طارئ، هذه كلها علاجات سلوكية.

إذا العلاج السلوكي الأفعل والأفضل هو المتعلق بنمط الحياة اليومي، الرياضة مع بعض أصدقائك، هذا أيضا عمل طيب وجميل وسهل وممتع.

بهذه الكيفية تستطيع أن تتغير وأن تتبدل بصورة ممتازة جدا، فاحرص على أن تجعل نمط حياتك على هذا السياق.

وبالنسبة لموضوع الأدوية: الدواء مفيد مع العلاج السلوكي ولا شك في ذلك، على الأقل الدواء يمهد للإنسان أن يطبق التطبيقات السلوكية بصورة صحيحة، لأن الدواء يمتص القلق تماما، لكن في مثل عمرك أنا أيضا لا أفضل استعمال الأدوية، لا أقول أنها ممنوعة، أنا أعطي أدوية في مثل عمرك ولمن هم أقل من عمرك إذا كانت الحالة تتطلب ذلك.

فأريدك أن تعتمد على الأنماط السلوكية التي حدثتك عنها، و-إن شاء الله- هذا يكفي تماما.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات