معاناة صديقي شديدة، وحياته لا تطاق، فهل يحتاج لرقية شرعية؟

0 184

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا، وبارك الله فيكم على موقعكم المبارك.

أنا شاب، لدي جار يعتبر من أقرب أصدقائي بعمر 37 سنة، عايشت تفاصيل معاناته، وأعرف أسرته جيدا، وأسأل الله -عز وجل- أن يشفيه ويعافيه، يعاني من مرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطبين، ومنذ أصيب بهذا المرض لم يعش حياة سليمة.

منذ أن كان بعمر ثلاثة عشرة سنة، لم يكن أهله يعلمون بمرضه، فظنوا أنه يتمارض لكي لا يدرس، فأصيب في البداية بحالة اكتئاب وخوف شديد من مواجهة الناس، عندما ظهرت عليه الأعراض كان يكسر الأشياء الموجودة في البيت، ويتصرف بأمور غير طبيعية، ويرى أشياء عجيبة كأنه يتكلم معه الملائكة، وأن جبريل -عليه السلام- يحدثه، فذهب به أهله إلى الطبيب، الذي شخص حالته بإصابته بذلك المرض، وصرف له بداية ليثيوم، ليثيفور، وديباكين، ولكن حالته كانت ما تلبث أن تنتكس.

تعرف في خلال دراسته وهو يأخذ دروس خصوصية، على شباب يتحدثون عن العادة السرية، ما كان يعلمها، ولكنه مارسها فضولا، وكان يجمع الصور ويرى الأفلام الخبيثة، وبدأت معاناته منذ ذلك الحين، وتجمع عليه أصدقاؤه، وظلوا يشاهدون تلك الأفلام الخبيثة سوء على الإنترنت أو الكمبيوتر، وكنت دوما أنصحه يسمع كلامي ونصحي، ولكنه لم يستمع لي، رغم أنه إنسان طيب ومؤدب، وملتزم، ويصلي في المسجد، ومن أسرة ملتزمة، ثم تطور الأمر إلى وساوس شديدة جدا في العقيدة لا تنفك عنه، حالته النفسية كانت منقسمة، فكان يعيش في حالة اكتئاب رهيبة، وفي المقابل حالة من الفرح والزهو، ولكن أحيانا يتصرف بعنف شديد جدا، ويكسر الأشياء، على عكس هدوئه في السابق.

سافر إلى السعودية خمس سنوات، وتزوج من فتاة سورية أنجب منها بنتين ثم طلقها، فأخذتهم الأم وسافرت، ثم تزوجت بعد انقضاء عدتها، وكان والدها يقول للناس عن صديقي بأنه مجنون لإصابته بذلك المرض، وكنت أسأله عن حاله في علاقته الزوجية، كان يقول: سيئة، لأنه لم يكن يستطيع أن يأتي زوجته، وكان يشعر بحرقان شديد عند القذف، وضعف في الانتصاب، والآن لا يعمل، وحياته شبه منهارة، وما زال يعاني من هذا المرض، ووساوس شديدة، ولكنه حاليا يشعر بحالة شديدة من التشتت وعدم التركيز، ويمشي تائها في الشارع لا يركز مع أحد، ويعاني ألما شديد يتركز في رأسه ووجهه، وزغللة في العين، يمكن أن يقرأ شيئا ويريد أن يتذكره فلا يعرف، وألم في ظهره، وعدم التحكم في البول، وسريع القذف عند رؤية أي مشهد جنسي، فإنه يقذف بمفرده، ويشعر بضعف عام، وإنهاك شديد، وصعوبة في النوم، وكوابيس شديدة، وحينما يستيقظ يشعر بصداع، وألم شديد في الوجه والرأس.

سؤاله يتركز من ثلاثة محاور، وهو ما زال يشاهد هذه الأشياء الخبيثة، ويفعل تلك العادة.

* أولا: -هذا الأخ- حينما يفعل تلك الأمور يؤنب نفسه بشدة، ولكنه يعود لمشاهدة تلك الأفلام، رغم أنه يقول لي أنه يسمع الموعظة ويبكي، ويعاهد الله، ولكنه يعود لفعله ثانية وكأنه مسلوب الإرادة، وهو يريد أن يتوب إلى الله -عز وجل- خوفا من عقابه، ويخشى غضبه عليه.
 
* ثانيا: إنه مارس هذه المصيبة أكثر من عشرين سنة، ولا يعلم هل من علاج يعيد له صحته كما كانت، برغم بلوغه هذا السن، أم حالته صارت ميؤوس منها؟

* ثالثا: يعاني من وساوس مهلكة في العقيدة، وخصوصا وقت الصلاة تكون وساوس شديدة، يكرهها بشدة رغم حربه إياها، وقد أخذ بروزاك لفترة ثم انقطع عنها.
 
* رابعا: هل يمكن أن يبدأ حياة جديدة برغم من كل هذه المعاناة، ويتزوج ويقيم علاقة زوجية مع امرأة جديدة ويعمل، ويعيش في طاعة الله، وترجع صحته النفسية والجسدية، ويستعيد عقله وصحته الجنسية رغم تلك المصاعب؟

* أخيرا: هو حاليا يأخذ بريانيل أربع أقراص، اثنين صباحا، واثنين مساء، ولاميكتال 50 قرصان صباحا ومساء، وذكر لي: أنه ذهب لطبيب مسالك فأخبره: أنه يعاني من احتقان شديد في البروستاتا، وكان يأخذ كاردورا وبيبون بلس ولكن دون فائدة، وألاحظ عليه أنه يكلم نفسه، وأحيانا أراه يكلم نفسه في الشارع، معاناة صديقي شديدة، وحياته لا تطاق، فهل يحتاج لرقية شرعية؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إيهاب حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخ الكريم: نسأل الله العلي القدير أن يشفي أخاك، ويتولاه برعايته وحفظه.

الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية يمكن أن يبدأ في سن مبكرة، وفي سن صغيرة جدا، ولكن عند صاحبك -إن كان التشخيص صحيحا- فقد بدأ مبكرا، أي في فترة الطفولة، عادة هو يأتي في فترة 17، 18، إلى كم وعشرين.

على أي حال: ما قمت بوصفه معظمه اكتئاب ووسواس قهري، وقد يكون الوسواس جزء من الاكتئاب، ومشاهدة المواقع الإباحية بكثرة، وممارسة العادة السرية، قد يكون أيضا نوع من الوسواس القهري الاضطراري.

طبعا لسوء الحظ حصل لصاحبك مشاكل في زواجه، وطلق طبعا، وقد يكون هذا ناتجا من المرض، ولكن أيضا كونه يتزوج وينجب فهذا أيضا شيء إيجابي، والمهم -يا أخي العزيز- الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، من الاضطرابات التي يمكن السيطرة عليها بنسبة عالية جدا بالعلاجات الدوائية، والعلاجات النفسية، ويمكن أن يعيش ويتأقلم معه الشخص بصورة طبيعية، ويمارس حياته المهنية والعائلية بكل يسر.

أرى أن يتابع صاحبك طبيب نفسي، الاضطراب الوجدانية من الأمراض التي تحتاج إلى متابعة مستمرة مع الطبيب النفسي، هو الآن يتعاطى (ليثيوم) و (لامكتال)، وهما مثبتان للمزاج، ومفيدان جدا للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، ولكن يحتاج أيضا إلى علاج للوسواس القهري المصاحب، خاصة الإدمان على المواقع الإباحية، وقد يكون هذا العلاج في شكل علاج سلوكي معرفي، فإنه مفيد جدا في هذه الناحية، وبعض أطباء النفس قد يلجئون إلى وصف مضاد للاكتئاب، مثل البروزاك لمثل هذه الحالة، لأنهم يعتقدون أن هذا جزء من عملية الاكتئاب.

على أي حال: صاحبك يمكن أن يعيش حياة طبيعية، ويمكن أن يتخلص من كل هذه الأعراض، فقط يجب عليه المتابعة المستمرة مع طبيب نفسي، ويستحسن يكون مع طبيب نفسي واحد، حتى يفهم مرضه وأعراضه، ومن ثم يقوم بزيادة الجرعات، أو تخفيضها، أو الانتقال إلى أدوية أخرى على حسب الحالة، ووجود الآثار الجانبية، كما أنه سوف يقوم بتحويله إلى معالج نفسي لعمل جلسات سلوكية معرفية.

علما بأن الرقية الشرعية طيبة وهي من الأسباب المعمول بها شرعا، والأصل أنها تنفع ولا تضر، وهي آيات من القرآن الكريم وأحاديث من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

وفقك الله وسدد خطاك.

مواد ذات صلة

الاستشارات