كيف أتعامل مع تساهل زوجتي في مواقع التواصل؟

0 34

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جزاكم الله خيرا ساعدوني في هذه المشكلة.

أنا متدين إن شاء الله، وغيور على زوجتي، ومنذ سنتين وأنا ألاحقها - ليس بأسلوب الضرب ولا بأسلوب العنف، وإنما بأسلوب الحوار - بعدم الارتياح أو بالسكوت - في موضوع وضع صورها على مواقع التواصل الاجتماعي، وأحاديثها مع شباب غرباء، ولها سابقة مؤلمة تجاهي، وهي أنها من بيئة منفتحة وعانت من ضغوطات أمها المتدينة في مرحلة الطفولة.

أريد أن توجهوا لها كلاما أريها إياه، وقد كلمتها مرارا وتكرارا، وأصبت بأعراض نفسية خاصة عندما أرى مثل هذه المواقف، وتأخرت في حياتي في كل شيء، في دراستي وحياتي الاجتماعية، وحتى ابتسامتي وسروري.

أريدكم أن تفهموها أن هذه الأمور تكاد تجعلني أنفجر، وأني في حالة انزعاج، وأني لا أقبل أن تعرض صورها للآخرين، ولا أحتمل أن يرى الغرباء صورتها ولو كانت بحجابها، هذا مع أنها صور مليئة بالشغف والحركات مع صديقاتها، ولا أقبل أو أرضى أن يتكلم عنها آخرون لأي سبب من الأسباب.

أنا كلمتها كثيرا وكثيرا، ولست بالضعيف، ولكن لا أحب أسلوب الضرب والمنع بالعنف، وأؤمن بأسلوب الحوار والنقاش، وهي إن لم تستجب فإني سأضطر عاجلا أو آجلا إلى التفكير في الزواج بثانية؛ لأني لم أعد أتحمل الآلام النفسية.

للعلم: عمر زوجتي 16 عشر عاما، ونتعامل معا بكل حب ومودة، لكن هذه الأمور تفسد علي كثيرا، وأنا لا أغفل عن الكمالات الأخرى التي لا أستطيع عدها لانبهاري بها.

اعذروني، وشكرا لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكرك على تواصلك معنا؛ ونسأل الله أن يصلح الحال.

فبداية نحيي فيك غيرتك على أهلك وحفاظك عليها من الآخرين؛ وهذا يدل على حسن تدينك؛ وأن فيك صفة الرجولة والخلق الإسلامي العظيم، كما نحيي فيك حرصك على نصح الزوجة بالحسنى واستخدام الحوار؛ وهذا الطريق في التغيير له أثره البالغ في إصلاحها بإذن الله تعالى، وما يمكن أن ننصحك به يكمن في الآتي:

ما تقوم به الزوجة من عرض صورها للشباب أمر محرم شرعا؛ لأن في ذلك إغراء للشباب بالنظر إلى الصورة بشهوة؛ ووقوعها وإياهم في الفتنة، لذلك قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ۚ ذٰلك أزكىٰ لهم ۗ إن الله خبير بما يصنعون * وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن} [النور: 30-31].

وعرض صور أي فتاة - سواء محجبة أو غير محجبة - يفتن الشباب ويشجعهم على الوقوع في الحرام، ويتسبب في إشاعة الفاحشة بينهم، وفي التفكير فيما يغضب الله تعالى؛ ولذلك قال تعالى: {إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ۚ والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [النور:19].

كما أن استمرار نشر صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيه تهييج للشباب للتواصل معها ودعوتها إلى الحرام؛ وهي امرأة متزوجة ينبغي أن تحافظ على زوجها وعرضه فلا تدنسه بهذه الأفعال المشينة؛ قال رسول الله (ﷺ): إذا ‌صلت ‌المرأة ‌خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت بعلها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت.

أرجو - أخي الكريم - أن تكثر من الاستمرار في نصح الزوجة، واصبر على ذلك، واعلم أن صغر سنها وجهلها وقلة تجربتها في الحياة قد يكون سببا في ما تقع فيه؛ وأكثر أيضا من الدعاء لها بظهر الغيب؛ وأن يصلح الله شأنها؛ وحاول أن تصعد من نبرة الإنكار عليها؛ وذلك بأن تهددها بأنك غير راض عن هذه التصرفات، ومن المعلوم شرعا أن رضا الزوج من رضا الله تعالى؛ فقد أوصى النبي (ﷺ) إحدى النساء في عهده بطاعة زوجها؛ وأخبرها أن من أسباب دخول الجنة طاعة الزوج؛ ومن أسباب دخول النار عصيانه؛ فقد جاء في الحديث قوله: انظري أنت منه، فإنه ‌جنتك ‌ونارك.

من لغة التصعيد في الإنكار هجرها في الكلام والمضجع حتى تترك ما هي عليه، قال تعالى: {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ۖ فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ۗ إن الله كان عليا كبيرا} [النساء:34]، والهجر له دوره الفعال في التغيير.

ومما ننصح به أيضا أن تمنع عنها أي جهاز إلكتروني من حاسوب وجوال وغيرهما، مما يمكن أن يعينها في نشر صورها، فهذا من حقك شرعا حتى تغير ما تقع به من الحرام. لكن هذا الحل والذي بعده اجعله متأخرا نوعا ما؛ حتى لا يسبب مشكلة جديدة.

إذا كنت ترى أن الزواج من الثانية سيحل المشكلة، وسيؤدي إلى إصلاح الزوجة فافعل ذلك؛ فالزواج من الثانية مع أنه مشروع لك بدون أي خلل في الأولى؛ هو أيضا سبب مجرب في إصلاحها؛ فإنها إن علمت بذلك؛ فقد يدعوها ذلك لمراجعة خطئها؛ وأن تعود إلى رشدها.

لا يفوتنا أخي أن نذكرك بما يصلح حال هذه المرأة، من الدعاء لها أولا، ثم دمجها في الصالحات، فالصاحب ساحب، فعليك أن تغير صديقاتها بالتدريج وبأسلوب غير مباشر، كأن تخبر بعض الزملاء الصالحين أن يجعل زوجته تتواصل معها وترتبط بها، ويمكنك أيضا إقامة درس علمي بينك وبينها لمدة 10 دقائق مثلا، في السيرة والتفسير والفقه، ويمكنك قراءة كتاب نساء حول الرسول، وشرح رياض الصالحين، أو شرح الأربعين النووية..هذه الدروس العلمية تربط العبد بربه، وإذا ارتبط العبد بربه سهل نصحه، وخضع لأوامر الله سبحانه وتعالى.

وفقك الله لمرضاته.

مواد ذات صلة

الاستشارات