زوجي منطوٍ ويعاني من أفكار حول عالم الجن، كيف أعالجه؟

0 217

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهز

أنا أود استشارتكم في وضع مرض زوجي، زوجي يعاني من أفكار حول عالم الجن، وكذلك أفكار حول شكل مباني المدينة وتصميمها، وأغلب الوقت يجلس يفكر ويشعر دائما بضيقة وحزن شديد، يريد أن يبوح بأفكاره، لكنه يخاف ويتردد، ثم يتراجع عن البوح ويقول أن الشياطين توسوس له في الصلاة وفي كل وقت، وأنها سوف تؤذيه إذا ذهب لراقي، ويحب الظلام كثيرا، ويقول بعض الأحيان أحس بأن أحدا يراقبني، ولكن هذا نادر.

ذهب إلى دكتور وشخصه على أنه ذهاني غير مميز، أريد أن أعرف هل الذهان غير المميز هو الفصام؟ وهل يؤثر هذا المرض على الإنجاب؟ وهل هو وراثي يمكن أن ينتقل إلى الأطفال مستقبلا؟ وهل أبقى معه أو أن هذا المرض خطر؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك في الشبكة الإسلامية وردا على استشارتك أقول:
عالم الجن عالم حقيقي أثبت وجوده القرآن الكريم وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو عالم لا نراه وإن كان هو يرانا كما قال تعالى: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ۗ إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون)، غير أن المبالغة في الاعتقاد بهذا العالم وأن الجن يقدرون على إنزال الضرر بالإنسان، وغير ذلك من الأفكار المغلوطة التي لا تقوم على دليل، ولكن مجرد أوهام في أذهان البعض أو مبنية على قصص خرافية، هذا كله يعزز ويثبت تلك الأفكار الخاطئة عند البعض، فيصاب بالهلع الشديد؛ ما يؤدي إلى الانعزالية والبدء في الاسترسال مع تلك الأفكار الخاطئة.

لا شك أن الشيطان يأتي للإنسان ويوسوس له سواء في صلاته أو خارج الصلاة، وهذا غاية ما يقدر عليه، لكن الإنسان إذا امتثل لأمر الله تعالى بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في حال وسوسته انخنس وأدبر، وهذا ما نطق به القرآن الكريم قال تعالى: (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ۚ إنه سميع عليم)، وفي الحديث أن شيطانا يقال له خنزب يأتي للمصلي في صلاته يوسوس له ويلبس عليه فأرشنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى النفث جهة اليسار والاستعاذة بالله منه كي ينخنس ويدبر.

ينبغي أن يعالج زوجك بعلاجين:
الأول: الذهاب به إلى راق أو الإتيان براق أمين ثقة ليرقيه في البيت، فالرقية الشرعية نافعة -بإذن الله تعالى، مما نزل ومما لم ينزل، وليس صحيحا أن الجن ستؤذيه إن ذهب إلى راق، لكنها توسوس له وتخوفه فقط كي لا يذهب، فإن ظهر عليه التحسن بعد عدة جلسات، فاستمروا بذلك، وإن لم تروا أي تحسنا فانتقلوا إلى العلاج الثاني.

العلاج الثاني: أن تذهبوا به إلى طبيب مختص بالأمراض النفسية من أجل تشخيص المرض الذي يعاني منه، ومن ثم إعطاؤه العلاج الملائم (سلوكيا أو عقاقير طبية)، فذلك نافع -بإذن الله- شريطة الالتزام بتعليمات الطبيب والمراجعة حتى يشفى بإذن الله.

مثل هذا المرض قد يكون وراثيا لكننا لا نستطيع أن نجزم بذلك؛ لأن هذا يحتاج إلى معرفة أحوال أسرته الأحياء والأموات، فالمرض الوراثي لا يلزم أن يكون الأب قد أصيب به بل قد يكون الجد أو أب الجد، وهكذا.

وهذا الأمر يمكن أن يقرره الطبيب بعد أخذ المعلومات، لكن السنة النبوية الشريفة دلت على انتقال الأمور الوراثية، كما قال عليه الصلاة والسلام للرجل الذي اشتكى له أن زوجته أنجبت ولدا أسمر، فقال له هل لك من إبل؟ قال: نعم، قال: هل فيها من أورق (مائل للسواد)؟ قال: نعم، قال: فمن أين أتى ذلك؟ قال: لعله نزعه عرق، فقال له: وولدك لعله نزعه عرق.

الطبيب المختص وحده هو الذي سيفتيك حول مدى تأثير ما يعانيه زوجك على الإنجاب، وهل ينتقل إلى الأبناء أم لا.

أنصحك حاليا بالبقاء مع زوجك والصبر عليه، فلعل الله تعالى أن يشفيه مع النظر فيما سيجيبك الطبيب حول أسئلتك التي أحلناها عليه، لكن إن استجد أي جديد وضاق بك الحال فاكتبي للموقع استشارتك، وستجابين في حينه، ولكل حادثة حديث.

أسأل الله تعالى أن يشفي زوجك ويعافيه، ويكتب أجرك، ويرزقك السعادة.

والله الموفق.

++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الدكتور عقيل المقطري (مستشار العلاقات الأسرية والتربوية)، وتليه إجابة الدكتور محمد عبد العليم (استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان).
++++++++++++++++++++++++++++++

نسأل الله لك العافية والشفاء، وأنا أؤكد على ما ذكره لك الدكتور عقيل المقطري أن الأمر يجب أن يؤخذ بجوانبه الشرعية، وكذلك جوانبه الطبية.

الأفكار التي تراود زوجك هي أفكار شديدة ذات طابع وسواسي، لكن أيضا فيها شيء من التفكير الذهاني.

قوله أن بعض الأحيان يحس أن أحدا يراقبه، وطريقة عرض أفكاره حول شكل مباني المدينة وتصميمها، هذا كله يدل على أن هذه الأفكار هي أفكار ظنانية وسواسية شكوكية بارونية.

وهذه الحالات يمكن أن تعالج، وتعالج بصورة فاعلة جدا، يجب أن نهتم أكثر بعلاج هذا الأخ، والطبيب الذي شخص حالته كذهان غير مميز، أي ليس من نوعية الفصام، إنما قد يشبه الفصام، هذه الحالة تعالج وتعالج بمضادات الذهان، والعلاج ذو فعالية عالية.

فكإجابة على أسئلتك: الذهان الغير مميز ليس هو الفصام ذاته، لأن الفصام ليس أفكارا فقط، فيه أعراض تشخيصية أخرى كثيرة.

بالنسبة للأثر الوراثي للمرض: المرض نفسه لا يورث أبدا، وما دامت هذه الحالة قد أتت لزوجك في عمر متأخر نسبيا – لأني أحسب أن زوجك عمره أكثر من ثلاثين عاما – فهنا أثر الوراثة ضعيف جدا، فأرجو أن تطمئني، وأثر الوراثة البسيط والقليل والضعيف جدا يكون في شكل الاستعداد للمرض وليس حدوث المرض نفسه؛ ولذا أنا أقول لك: لا تشغلي نفسك عن الجوانب الوراثية في هذه الحالة، وقطعا زوجك يجب أن تبقي معه، يجب أن تسانديه، يجب أن تقنعيه بالعلاج، وهذا ليس هو الوقت الذي تتخلي فيه عنه تماما؛ موضوع الخطورة هذا أمر نسبي، وحين يتعالج سوف يشفى تماما إن شاء الله تعالى.

إذا هو يحتاج لأحد مضادات الذهان، وقد يحتاج لدواء واحد فقط وليس أكثر من ذلك، أرجو أن تعجلي حقيقة بعرضه على الطبيب، هذا سوف يفيده كثيرا، وفي ذات الوقت عليك بالرقية الشرعية، وكما ذكر الشيخ يجب ألا تكون هنالك مبالغة فيما يتعلق بعالم الجن وتدخلاته في شأن الإنسان. الأمر القاطع والذي يجب أن نضعه دائما في مخيلته أن الله تعالى خير حافظ. هذه قيمة علاجية عظيمة جدا إذا اقتنع بها الإنسان، تبعد الإنسان عن الهواجس وعن الوساوس وكذلك عن الظنانيات الخاطئة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات