اقترضنا الأموال وزادت مشاكلنا وتعسرت أحوالنا فانصحونا!

0 21

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله..

أنا سيدة متزوجة، وأم لطفل عمره سنة، اشترينا أنا وزوجي بيتا قبل الزواج بثلاثة أشهر، وسمحنا لأهله بالسكن فيه بسبب ظروف حدثت لهم، إلى أن نتزوج، لكنهم لا زالوا يسكنون البيت منذ أعوام، مما اضطرنا أن نستأجر بيتا، وهذا الإيجار سبب لنا أعباء إضافية على كاهلنا، بجانب قرض السكن الشهري.

وأيضا كنا قد اشترينا سيارة لتسهيل أمر المواصلات، خاصة أننا نعمل خارج المدينة، واكتشفنا أن شركة السيارات قد خدعتنا، ولم تسلمنا البطاقة الرمادية (شهادة التسجيل)، ولم يعد بإمكاننا استعمالها؛ لأنها صارت بدون رخصة، واضطررنا لوضعها في موقف للسيارات، وعدنا لاستعمال المواصلات العامة، فازدادت الأعباء جنبا إلى جنب مع قسط السيارة.

اضطررنا إلى اقتراض الأموال من الأقارب، وازدادت مشاكلنا، وعدنا غير قادرين على تحمل نفقاتنا الشهرية، ومصاريف البيت والطفل، وكدنا أن ننفصل، وكل هذا في ظرف سنتين، فاضطررت للعودة لبيت أهلي، وهو عاد لبيته الذي يقطن فيه أهله.

مضت أربعة أشهر ونحن على هذا الحال إلى الآن، وما يحزننا أننا لا نفلح في أي شيء! من ذلك أننا في السنة الأولى ذبحنا أضحية العيد ففسدت بالكامل، وفي السنة الثانية تعطل البراد يوم عيد الأضحى وكادت تفسد الذبيحة، وفي السنة الثالثة لم نعيد معا بسبب كثرة الضغوط وقلة ذات اليد، وكدنا ننفصل، خاصة أن زوجي صار عصبيا كثيرا، ويسيء في معاملتي بسبب كل هذه المشاكل!

صرت أنا من تدفع الثمن، وصبرت كثيرا، ولما ضاقت بي الدنيا عدت لبيت أهلي في انتظار أن تتحسن الظروف، وكلي أمل ويقين في أن يشملنا الله برحمته، فهل كل ما يحدث معنا أمر طبيعي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أختنا الكريمة- في إسلام ويب، وردا على استشارتك نقول:

شؤوننا وشؤون الكون كلها تسير وفق ما قضاه الله وقدره، كما قال تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر: 49]، وقال (ﷺ): إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف ‌سنة، ‌وكان ‌عرشه على الماء، وقال (ﷺ): أول ما خلق الله القلم: فقال: اكتب قال وما أكتب؟ قال ما هو كائن إلى يوم القيامة، وقال (ﷺ): كل شيء بقضاء ‌وقدر، ‌حتى ‌العجز والكيس، أو الكيس والعجز والكيس الفطنة.

الجزاء يكون على قدر البلاء، فإن عظم البلاء عظم الجزاء، والابتلاء عنوان محبة الله للعبد، يقول (ﷺ): إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط، فعليك أن ترضي بقضاء الله وقدره، وحذار أن تتسخطي، وإلا فالجزاء من جنس العمل.

لا بأس من الرقية لكل منكما، فالرقية نافعة بإذن الله مما نزل ومما لم ينزل، واحرصا أن يكون الراقي ثقة وأمين.

الحياة كلها ابتلاء في الخير والشر، كما قال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون} [الأنبياء: 35]، وقد يصاب المسلم بمصائب بسبب ذنوبه، وما أكثر ذنوبنا، والله تعالى يقول: {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير} [الشورى: 30].

ففتشا في نفسيكما، فلعل ذنبا اقترفه أحدكما ولم يتب منه، يكون السبب فيما تعانيانه، وأنا هنا لا أتهمكما، ولكن محاسبة النفس أمر مطلوب، فانظرا هل تعاملتما بأقساط أو ديون ربوية على سبيل المثال؟ فالربا من أسباب سخط الرب جل وعلا ومحاربته، كما قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين * فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} [البقرة: 278-279]، والبلاء لا ينزل إلا بذنب، ولا يرفع إلا بتوبة، كما ورد في الأثر.

لا تغفلي دوام التواصل والتودد لزوجك، والدعاء له بالتوفيق، وأتمنى ألا تنقطعا عن بعضكما، وأن تجدا وقتا للخروج والتنزه وتبادل الكلمات العاطفية، ولو أنكما تدبران مكانا للالتقاء لكان حسنا، ولا بد من ترشيد نفقاتكما، وتقديم الأهم على المهم، ولا بد من الانفكاك من قيود الأقساط، فإن كثرتها تربك الحياة، وخاصة إن كانت ربوية كما ذكرنا.

عليكما أن تتوبا توبة نصوحا - إن كنتما قد اقترضتما شيئا من القروض الربوية - ومن شروط التوبة النصوح: الإقلاع عن الذنب، والندم على الفعل، والعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى، وأكثرا من الاستغفار والصلاة على النبي (ﷺ)؛ فذلك من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، كما قال نبينا (ﷺ): (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له: أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).

وثقا صلتكما بالله تعالى من خلال المحافظة على الفرائض، والإكثار من نوافل الصلاة والصوم وتلاوة القرآن الكريم؛ فذلك سيقوي إيمانكما بالله، ويجلب لكما الحياة الطيبة، كما قال تعالى: {من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} [النحل: 97]، وتلاوة القرآن الكريم والمحافظة على أذكار اليوم والليلة، يجلب الطمأنينة لقلبيكما ،كما قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} [الرعد: 28].

أسأل الله تعالى أن يجعل لكما من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات