أعاني من الرهاب الاجتماعي.. فهل التنويم يعتبر علاجاً للرهاب؟

0 190

السؤال

السلام عليكم

أنا فتاة بعمر 19 سنة، أعاني من الرهاب الاجتماعي، ومن خلال البحث على النت وجدت طريقة يدعى أنها فعالة لعلاج الرهاب، وهي التنويم، ولقد قرأت كثيرا بخصوص هذا الموضوع، ورأيت أن بعض المواقع تعارض كثيرا التنويم، وتعتبره نوعا من الدجل والشعوذة، لما فيه من الاستحضار للشياطين، وما إلى ذلك!

أنا أعلم يقين العلم أن هذا ليس صحيحا؛ فالتنويم هو فقط تقنية علاجية، عبارة عن استرخاء، سواء أكان عضليا أو تنفسيا، وبعض الجمل الإيحائية التي يتم تكرارها؛ وأنتم كونكم أطباء أدرى بهذا الموضوع، ولكم من العلم فيه الكثير.

هل حقا سيجدي التنويم في علاج الرهاب؟ وإن كان كذلك فكيف يمكنني أن أطبقه في البيت؟ فنحن في مجتمع لا يؤمن بالطب النفسي، أرجوكم أن تأخذوا سؤالي بعين الاعتبار، وأن تشرحوا لي خطوة بخطوة، كيف يمكنني أن أستخدمه؟ فلقد حاولت كثيرا أن أطبق ما أقرأه في الواقع، ولكن بلا جدوى؟!

لقد رأيت في أحد المواقع تسجيلات صوتية لموجات الدماغ، ومن بينها موجة (إلفا) التي تنبعث من الدماغ أثناء الاسترخاء، فهل حقا سأستفيد منها إن قمت بتنزيلها والاستماع إليها؟ فكرت في ذلك لكني خفت أن يكون لها تأثير سيء على دماغي، أو أن تكون أصواتا مزيفة، وليست موجات كما يدعي الموقع، فما رأيكم في هذا الأمر؟

أشكركم جزيل الشكر، وأدعو ربي أن يشرح صدركم ويوفقكم، ويبارك لكم أعمالكم، ولا تنسونا من صالح دعائكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ يكفيني أني مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

بالنسبة لهذه الطريقة التي تسمى بالتنويم، أنا لا أرفضها بالكلية، لكن لدي محاذير حولها، والبدائل الممتازة هي التمارين الاسترخائية العادية.

تقنية التنويم هذه تخفض درجة القلق بدرجة جيدة جدا، والمكون الرئيسي للرهاب الاجتماعي هو القلق أصلا، فتخفض القلق، ومن خلال ذلك يحس الإنسان بشيء من الارتياح، بشرط أن يكون إيجابيا في تطبيق تمارين المواجهة، والتجنب للمواقف الاجتماعية السلبية.

أرى أنه ليس من المستحسن أن تدخلي نفسك في هذه المتاهات، يفضل أن تطبقي تمارين الاسترخاء العادية – أيتها الفاضلة الكريمة – وهذه التمارين بسيطة جدا، أشرنا لها في استشارة إسلام ويب، والتي رقمها (2136015)، ولتطبيقها الخطوات بسيطة جدا.

أولا: اجعلي نفسك في مزاج استرخائي، بأن تجلسي في غرفة هادئة، إما على كرسي مريح أو على السرير، وتكون الإضاءة خافتة، ويمكن أن تستمعي لشيء من القرآن الكريم بصوت منخفض جدا، ثم اجعلي لأسلوب التدبر والتمعن، تدبري وتمعني في شيء جميل، تمعني في خلق الله مثلا، تمعني في صورة مستقبلية مشرقة لحياتك، تمعني في إنجازاتك وفي أمنياتك، ثم اغمضي عينيك وافتحي فمك قليلا، وقومي بأخذ نفس عميق وبطيء عن طريق الأنف، يجب أن تستغرق مدة أخذ النفس عن طريق الأنف ثمان ثوان على الأقل، بعد ذلك أمسكي الهواء في صدرك، وهذا يجب أن يستغرق أربع ثوان، ثم بعد ذلك أخرجي الهواء عن طريق الفم بكل قوة وبطء أيضا، ويجب أن تكون المدة الزمنية ثمان ثوان أيضا.

إذا ثمان ثوان للشهيق وأربع ثوان لمسك الهواء في الصدر، وثمان ثوان للزفير، مع التأمل والتدبر الاسترخائي، وهذا أيضا جميل جدا ومهم جدا، هذا التمرين يطبق ستة إلى سبع مرات في الصباح، وست إلى سبع مرات في المساء، من يطبقه بصورة جيدة ينام بعده، هذا أمر مجرب، وهذا نوع من التنويم الاسترخائي.

توجد تمارين لقبض العضلات وشدها، تحدثت عنها بتفاصيل في الاستشارة المشار إليها، فأرجو أن ترجعي إليها.

أعتقد أن ذلك يكفي تماما، ولست في حاجة لأكثر من ذلك، وعليك بمواجهة الخوف الاجتماعي، تحقير الخوف الاجتماعي، والإكثار من المواجهات المفيدة، وأنا أؤكد لك أنه لن يحدث لك أي حرج اجتماعي في أي موقف تتصورينه، كل المشاعر التي تهمين عليك هي خادعة وليست صحيحة.

كوني أكثر ثقة في نفسك، وأنا دائما أميل حقيقة للتطبيقات العملية لعلاج الرهاب الاجتماعي، مجتمعنا -الحمد لله تعالى- مجتمع مترابط:

زيارة الأرحام فيها خير، الجلوس في الصف الأمامي في قاعات الدراسة، والتفاعل مع المعلمات والزميلات من الطالبات، المشاركة في الأنشطة المدرسية، أي نوع من الجمعيات الخيرية الاجتماعية، الذهاب مثلا في فترة خارج الدراسة مرة أو مرتين في الأسبوع إلى أحد المراكز الثقافية أو مراكز تحفيظ القرآن، إن وجدت في المكان الذي تعيشين فيه.

هذه كلها أساليب علاجية ممتازة جدا وتطور مهارات الإنسان، وتجعله يتخطى مخاوفه بصورة ممتازة جدا.

بالنسبة لموضوع موجة (إلفا) التي تنبعث من الدماغ أثناء الاسترخاء، هذه حقيقة، أن الاسترخاء الجيد، الاسترخاء الذي ينقل صاحبه فيه نفسه إلى حالة استرخائية كاملة، يكون فيها ما بين النوم واليقظة تظهر هذه الموجة الدماغية، والفكرة من هذه التسجيلات الصوتية فكرة جيدة لا بأس بها، ليست كلها غير صحيحة، والهدف العلاجي هو أن الإنسان حين يشاهد بأم عينيه أن ما يقوم به من استرخاء قد انعكس فعلا على دماغه من خلال ظهور هذه الموجة - أي موجة إلفا - هنا يكون العائد العلاجي أكبر، وهذه تقوم على مبدأ ما يسمى بالتغذية الراجعة (biofeed back).

أيتها الفاضلة الكريمة: لا مانع أبدا من أن تستمعي إليها، كما ذكرت لك، هناك أثر علاجي إيجابي، والبعض يسميه بالتأثير الإيحائي، لكن نعتبره إيحائيا، وفي ذات الوقت أيضا فسيولوجيا.

أسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأشكرك على ثقتك في إسلام ويب.

مواد ذات صلة

الاستشارات