أتحسس كثيراً ولا أدري كيف أرد على الإساءة الموجهة لي!

0 22

السؤال

السلام عليكم

أتحسس كثيرا من بعض الكلام الذي يقال لي في العمل أو غيره؛ وأحيانا أتضايق كثيرا، ولا أدري في وقتها كيف أرد على موقف معين بسبب الضيق، ومرات يصل بي الحال إلى تمني الموت من أجل الخلاص من هذه الأمور التي فقدت الأمل في حلها.

أحيانا نذكر أن الدنيا مثل قانون الغاب على سبيل التشبيه، ولكني في أوقات كثيرة أحس هذا التشبيه أمرا واقعا، فالملتزم، أو الآدمي، أو الطيب، أو قليل الكلام والذي بحاله يطلق عليه معقدا، وترى الكل يريد التهجم عليه، ويستلذ ويجد نفسه في ذلك، فتراه يهاجمه إما بالمزاح الثقيل، أو بالاستهزاء، أو بالاحتيال أو بالإيذاء أكثر من ذلك سواء بالقول أو الفعل.

بالنسبة لي: كانت حياتي في مرحلة الطفولة والشباب صعبة جدا، لدرجة أنني كيفما تذكرت الماضي أجد شيئا ينغصني، وعندما أكتئب تأتي على بالي كل تلك الأفكار، سواء في اليقظة أو المنام، مما يزيد عذابي.

أعتبر نفسي غير اجتماعي بالشكل الكافي، والجميع يستخف بي، أعتقد أن ثقتي بنفسي ليست كافية، وأحيانا يهبط مؤشرها إلى الحضيض، مع العلم أنني حللت كثيرا من مشاكلي المادية والنفسية، وأنا في وظيفة جيدة، ودخلي -والحمد لله- جيد أيضا، متزوج ولي أربعة أطفال، وقد تستغربون إذا عرفتم أنني خريج جامعي ومعي أيضا شهادة دراسات عليا.

أعتقد أنه لا أحد يحس ما بداخلي، ولكني أتعذب، وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرا، ونشكرك على مشاركتك الأولى هذه في الشبكة الإسلامية، ورسالتك واضحة، وهي رسالة طيبة، عبرت فيها عما بذاتك، والصعوبات التي تجدها في التعامل مع بعض الناس.

-أخي- الذي يظهر لي أن لديك منظومة قيمية معينة، وكما تفضلت أنت ربما تكون حساسا بعض الشيء، ومنظومتك القيمية هي التي تدفعك لعدم قبول ما يقال من بعض الناس، وهذه لا أقول لك مرض أو علة أو عيب فيك، إنما هي ظاهرة بالفعل تتطلب منك أن تدرب نفسك لتكون أكثر مرونة، لأن الإنسان لا يستطيع أن يفرض إرادته على المجتمع.

وفي ذات الوقت -أخي الكريم- أنت مطالب بأن تنمي من علاقتك ونسيجك الاجتماعي مع الصالحين من الناس، فهذا سيجعل وضعك في توازن وجداني تلقائي، وسوف ترجح إن شاء الله تعالى كفة التواصل مع الصالحين، وهذا سيخفف عليك كثيرا من ما تواجهه من عثرات في كيفية قبول ممن لا تعجبك منهجيته أو طريقتهم في الحياة.

أخي الكريم: أنت لديك إيجابيات عظيمة جدا، وكل الذي تحتاجه هو تطوير مهاراتك الاجتماعية، وأنا أريدك أيضا أن تقرأ عن الذكاء الوجداني الذكاء العاطفي، الكتاب الذي كتبه -دانيال جولدمان- سنة 1995 وهو رائد هذا العلم، الكتاب يسمى -الذكاء العاطفي- إذا أردت أن تقرأ باللغة الانجليزية إذا كان بالنسبة لك سهلا أو يمكن أن تقرأ الترجمات، وتوجد ترجمات ممتازة جدا، وتوجد كتب أخرى كثيرة عن الذكاء العاطفي، الذكاء العاطفي يعتبر الآن من العلوم المهمة جدا في حياتنا؛ لأنه من خلاله نتعلم كيف نتعامل مع أنفسنا بصورة إيجابية، وكيف نتعامل مع الآخرين أيضا بصورة إيجابية مهما كانت الظروف.

وأنا شخصيا وجدت هذا العلم ممتازا، وبالفعل -الذكاء الأكاديمي- مهم في حياتنا، لكن الذكاء العاطفي لا يقل أهمية أبدا، وبفضل الله تعالى الذكاء العاطفي يمكن أن يطور، لكن الذكاء الأكاديمي قد لا يطور كثيرا، فيا أخي الكريم هذه وسائل متاحة، وإن شاء الله تعالى تحاول أن تستفيد منها.

أنا أرى أيضا انخراطك في أي عمل اجتماعي سوف يفيدك، عمل اجتماعي، عمل تطوعي، عمل خيري، هذا سوف تجد فيه راحة كبيرة جدا، وعليك أيضا بالرياضة، وخاصة رياضة المشي، لأن القلق الداخلي يعتبر طاقة نفسية سلبية، وأعتقد أن لديك شيئا من هذا، والرياضة تزيل هذه الهشاشات النفسية السلبية، فأرجو أن تحرص على ذلك.

وعليك أن تنطلق بكل إيجابية في حياتك، فلديك الكثير من النعم والخير التي من المفترض أن تحاصر السلبيات التي تواجهك في حياتك.

أخي الكريم، الجأ دائما إلى التفريغ النفسي، عبر عن نفسك أولا بأول في حدود الذوق، لا تكتم، التفريغ النفسي وسيلة مهمة جدا، ويجب أن نتعلم أن نقبل الناس كما هم لا كما نريد، دائما أنا أقول ذلك لأنه بالفعل أمر واقعي وهذه ليست سلبية أو تنازلا عن المبادئ.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات